محافظ أسوان يؤكد إنهاء جميع التجهيزات والاستعدادات النهائية لجولة الإعادة للانتخابات البرلمانية    أسعار اللحوم اليوم الثلاثاء 9 ديسمبر بأسواق البحيرة.. الكندوز ب 390 جنيها    وزير الصناعة: مصر ستظل أرض الفرص الواعدة والاستثمار الآمن    وزير الإسكان: 721 مليون يورو محفظة المشروعات الجارية مع بنك الاستثمار الأوروبي    ميناء دمياط يستقبل 7 سفن خلال 24 ساعة    جيش الاحتلال ينفذ حملة اعتقالات ومداهمات واسعة في الضفة الغربية    زيلينسكي يبحث مع الناتو المفوضية الأوروبية جهود إحلال السلام بأوكرانيا    انطلاق قافلة زاد العزة ال90 بحمولة 8 آلاف طن مساعدات إنسانية وشتوية إلى الأشقاء الفلسطينيين    زلزال جديد بقوة 5.3 درجات يضرب قبالة محافظة آومورى اليابانية    مراسلون بلا حدود: إسرائيل أسوأ عدو للصحفيين وأكثر دولة قتلا لهم    «ربما فاتنا الكثير».. كيف علق ألونسو على أزمة صلاح مع ليفربول؟    منتخب مصر يبحث عن 60 مليون جنيه أمام الأردن اليوم بكأس العرب    تواجد الأعضاء للتسجيل في عمومية الزمالك..صور    الضويني يهنئ وزير الرياضة لاختياره رئيسا للجنة الحكومية الدولية للتربية البدنية باليونسكو    صلاح يرد على استبعاده من مباراة إنتر بطريقته الخاصة    تأجيل استئناف محامي المعمورة المتهم بقتل 3 على حكم إعدامه في الإسكندرية ل3 يناير    ضبط 3 عناصر جنائية شديدة الخطورة لقيامهم بغسل 160 مليون جنيه من حصيلة الاتجار بالمخدرات    سحب 878 رخصة لعدم تركيب الملصق الإلكترونى خلال 24 ساعة    محافظ القاهرة يرفع درجة الاستعداد القصوى لمواجهة الأمطار    غدا.. بدء عرض فيلم الست بسينما الشعب في 9 محافظات بأسعار مخفضة    تكريم عمر خيرت في مهرجان الأوبرا العربية بالدوحة    لصحة: فحص 7 ملايين و 453 ألف طالب ضمن مبادرة الكشف عن «الأنيميا والسمنة والتقزم» بالمدارس الابتدائية    الكشف على 214 حالة أطفال ضمن مبادرة من أجل قلوب أطفالنا بمدارس كفر شكر    محافظ الدقهلية يتفقد مركز طب الأسرة بمحلة دمنة ويؤكد: الخدمات الطبية والعلاجية للمواطن أولوية لا تحتمل التأجيل    علاء عابد: خطوة فلوريدا تجاه الإخوان و"كير" انتصار دولى جديد ضد قوى التطرف    البابا تواضروس الثاني يلتقي ممثلي الكليات والمعاهد اللاهوتية بأكاديمية مار مرقس بوادي النطرون    زيارة وفد الوكالة الكورية للتعاون الدولي (KOICA) لكلية السياحة والفنادق بجامعة قناة السويس    أزمة الكلاب الضالة في مصر.. بين الأمان العام وحقوق الحيوان    إحالة عامل قتل صديقة بسبب خلافات فى المنوفية إلى المفتى    رانيا المشاط تتسلم جائزة القيادة الدولية من معهد «شوازيل»    رشا عبد العال: «كارت تميز ضريبي» لتسهيل إجراءات تعامل شركائنا الممولين مع المصلحة    وزير الري يتابع الموقف التنفيذي للمشروع القومي لضبط النيل    موعد مباراة برشلونة وفرانكفورت في دوري أبطال أوروبا.. والقنوات الناقلة    مسؤول أممي: اقتحام إسرائيل مجمع الأونروا في القدس يعد سابقة خطيرة    رحاب الجمل: محمد رمضان في "احكي يا شهرزاد" كان ملتزم وبيصلي    ضبط 1.5 طن سكر ناقص الوزن وغير مصحوب بفواتير بمركز ديروط فى أسيوط    وزير الثقافة يلتقي نظيره الأذربيجاني لبحث آليات تعزيز التعاون بين البلدين    وزير الثقافة يلتقي نظيره الأذربيجاني لبحث التعاون بين البلدين    جعفر بناهي يترشح لجائزة أفضل مخرج في الجولدن جلوبز عن فيلم «كان مجرد حادث»    في ذكري «يحيي حقي».. أيقونة أدبية عربية جليلة    مواقيت الصلاه اليوم الثلاثاء 9ديسمبر2025فى محافظة المنيا    عضو «حقوق الإنسان»: انتخابات مجلس النواب تتم في سهولة ويسر    رفض ليبي لتصريحات يونانية حول الحدود البحرية    تعليم القاهرة تعلن موعد الاختبار التجريبي لمادة البرمجة والذكاء الاصطناعي لطلاب الصف الأول الثانوي    فريق جراحة القلب والصدر بمستشفيات قنا الجامعية ينقذ شابا من إصابة قاتلة بصاروخ تقطيع الرخام    فوائد الامتناع عن الطعام الجاهز لمدة أسبوعين فقط    السكك الحديدية: تطبيق إجراءات السلامة الخاصة بسوء الأحوال الجوية على بعض الخطوط    الحبس عقوبة استخدام التخويف للتأثير على سلامة سير إجراءات الانتخاب    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : ماذا تعمل ?!    متحف اللوفر بين الإصلاحات والإضرابات... أزمة غير مسبوقة تهدد أشهر متاحف العالم    دعاء الفجر| اللهم ارزقنا نجاحًا في كل أمر    الكواليس الكاملة.. ماذا قال عبد الله السعيد عن خلافه مع جون إدوارد؟    هل يجوز إعطاء المتطوعين لدى الجمعيات الخيرية وجبات غذائية من أموال الصدقات أوالزكاة؟    الصيدلانية المتمردة |مها تحصد جوائز بمنتجات طبية صديقة للبيئة    رئيسة القومي للمرأة تُشارك في فعاليات "المساهمة في بناء المستقبل للفتيات والنساء"    مراد عمار الشريعي: والدى رفض إجراء عملية لاستعادة جزء من بصره    المستشار القانونى للزمالك: لا مخالفات فى ملف أرض أكتوبر.. والتحقيقات ستكشف الحقيقة    لليوم الثالث على التوالي.. استمرار فعاليات التصفيات النهائية للمسابقة العالمية للقرآن الكريم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بلال فضل يكتب عن ثلاث مكالمات تليفونية مهمة: من يقف وراء فيديوهات ضباط الجيش؟
نشر في كلمتنا يوم 07 - 04 - 2011

.. أما المكالمة الأولى فقد كانت من الدكتور عصام شرف، رئيس حكومة الثورة، الذى اتصل بى عقب نشر مقالى عن مكلمة الحوار الوطنى، وكما تعودت لم يكن غاضبا مما كتبته، بل على العكس أوضح أنه لم يكن راضيا عما جرى فى ملف الحوار الوطنى عندما حضره بعد عودته من السودان، وفوجئ بعدم وجود مشاركة واسعة للشباب، ولذلك كان حريصا على أن يقول فى كلمته إنه يريد حوارا يزداد فيه دور الشباب ويقل فيه دور الحكومة. وحول إسناد ملف الحوار إلى الدكتور عبدالعزيز حجازى قال الدكتور شرف إن ذلك جاء بسبب حرصه على أن تتولى الجمعيات الأهلية ملف الحوار الوطنى بالكامل بعيدا عن التدخل الحكومى، والدكتور حجازى هو رئيس اتحاد الجمعيات الأهلية، وكانت لديه ورقة عمل مقدمة باسم هذه الجمعيات وجد فيها الدكتور شرف أساسا جيدا لبدء حوار وطنى مختلف ومثمر.
هنا حرصت على أن أوضح للدكتور شرف أن رأيى لا يعنى انحيازا ضد جيل الكبار، فللدكتور حجازى كل الاحترام والتقدير، لكننى أخاف من استمرار نهج المكلمة البعيد عن الشارع، وهنا قال الدكتور شرف إنه أصدر توجيهاته بأن تكون المشاركة فى الحوار الوطنى القادم مرتبطة بوجود ورقة عمل محددة تقدم سلفا، ثم طلب منى أن أرسل إليه ورقة (الطريق إلى دولة البحث العلمى) التى أرسلها إلىّ الدكتور مجدى زعبل، وهو ما فعلته، كما أننى أرسلت إليه تقريرا مصورا عن مشروع (ممر التنمية الشرقى الغربى) الذى وضعه الدكتور صبرى البادى، ومشروعا مختصرا لتحديث الزراعة أعده الدكتور زكريا الحداد وكنت قد استضفته فى (عصير الكتب) قبل أشهر وعرضت كيف عانى على مدى سنوات محاولا إيصال مشروعه إلى كل مسؤول فى مصر ولم يتلق رد فعل إيجابيا من أحد.
قال لى الدكتور عصام شرف إنه سيوجه دعوة إلى كل الباحثين والعلماء والمفكرين والكتاب فى مصر من جميع الأجيال والتيارات والمجالات بأن يتقدموا بما لديهم من أوراق عمل وأفكار ومشاريع إلى (بنك الأفكار والمبادرات التنموية) الذى أنشأه مجلس الوزراء لكى تتم غربلتها وتحديد أولوياتها لكى تكون على رأس أجندة الحوار الوطنى الذى ستتم ترجمته إلى قرارات تحدث تغييرات جذرية ثورية فى جميع المجالات بإذن الله. أخيرا ختم الدكتور عصام شرف مكالمته بأن ملف التعذيب الذى تعرض له بعض الناشطين السياسيين يتم التحقيق فيه بجدية شديدة وأن المجلس الأعلى للقوات المسلحة تعامل مع الأمر باهتمام شديد، وأكد أنه لن يسمح بأن يضيع حق هؤلاء أبدا.
المكالمة الثانية كانت من سيادة اللواء ممدوح شاهين، عضو المجلس الأعلى للقوات المسلحة، مساعد وزير الدفاع للشؤون القانونية، الذى اتصل ليعلق على ما كتبته عن مداخلته الشهيرة فى برنامج (آخر كلام)، للأمانة توقعت أن يكون غاضبا مما كتبته، لكنه على العكس كان ودودا جدا، وقال بكل تواضع إنه يتفق معى فى كل ما كتبته، وأن الانفعال جعل الكثيرين يفهمون كلامه خطأ، سأحاول هنا أن أفتح قوسا لأنقل من الذاكرة ملخصا لما دار بيننا من حوار، يقول اللواء ممدوح شاهين: «طبعا لم يخطر فى بالى ولو للحظة إنى أقارن الجيش المصرى بأى جيش تانى.. أنا عارف كويس جدا إن ده جيش الشعب.. الشعب هو اللى من ضرايبه بيدفع مرتباتنا وبيشترى معداتنا وإحنا أقسمنا على الولاء للشعب وحمايته..
وكنت متصور إن دى حقيقة مش محتاجة تأكيد.. أنا بس كنت منفعل لإن فى حالة إنكار للمجهود اللى شعرت إنه مبذول.. واتضايقت من تكرار الكلام عن إننا ما بنستشيرش حد قبل ما ناخد قراراتنا.. وربنا يعلم إن كم المشاورات اللى بنبذلها غير عادى مع أطراف عديدة.. وما كانش بيقتصر على اللجنة فقط.. وإنما تشاورنا مع عدد كبير من أساتذة القانون فى كل جامعات مصر وكلهم أسماء كبيرة ومحترمة ومن تيارات مختلفة.. عشان كده انفعلت لما لقيت ناس غير متخصصين فى القانون يتهموننا بالتقصير لإننا لم نستشرهم.. وبعدين يتقال إن الدستور لا تتم فيه استشارة القانونيين فقط.. أنا مش معترض على ده.. لكن ليه يتم تجاهل حقيقة إنى باعمل إعلان دستورى لفترة انتقالية فيه مبادئ قانونية لا يختلف عليها أحد.. هل أسيب البلد فى فراغ دستورى عشان أقوم بعمل دستور المفروض الشعب هو اللى يختار بنفسه طريقة عمله.. أنا بس استغربت من كم الهجوم اللى حصل على حكاية نسبة العمال والفلاحين.. إزاى ناس بتؤمن بالحرية تطلب مننا إننا فى فترة انتقالية ناخد قرار زى ده هو ملك الشعب ونعرض البلاد لاضطرابات فى مرحلة إحنا محتاجين للاستقرار فيها..
وربنا يعلم حجم التحديات المفروضة علينا واللى مابنبقاش قادرين نقول للناس الكتير منها منعا لنشر الإحباط أو الخوف.. فى ناس فهمت كلامى خطأ عن إن نسبة العمال والفلاحين من مكتسبات يوليو وتصوروا إن ده معناه إنها مقدسة للأبد.. اللى الناس لازم تعرفه إن الشعب لو جه بعد المرحلة الانتقالية وقرر يتخلى عن النسبة دى أو عن أى مادة فى الدستور فده اختياره ولن نقف ضده أبدا.. أما حكاية إنى باقوم بالمنّ على الشعب عشان شكيت من إن الناس ما بتتكلمش عن الإيجابيات.. هل ده معقول.. هل الواحد ممكن يمن على نفسه؟!
هو إحنا لما هنخرج من الخدمة مش هنبقى جزء من الشعب.. لما بنتكلم بعشم وقلوب مفتوحة يبقى ده شىء يتاخد ضدى.. إحنا موقفنا واضح من الأول.. وأى حد يتأمله يدرك إننا من أول بيان لينا انحزنا للشعب ومطالبه وفى وقت ما كانتش فيه الأمور واضحة، ما مسكناش العصاية من النص، لإن دى عقيدة عندنا، فلما أكون زعلان من كتّاب أنا باحترمهم بعضهم يقول إننا متواطئين.. الناس بتتكلم عن التباطؤ من غير ما حد يقيم بشكل موضوعى كم الإنجاز اللى حصل فى الفترة اللى فاتت.. إحنا ممكن نستجيب للضغوط اللى علينا ونعمل محاكمات سريعة وعاجلة لكن هل ده هيكون فى مصلحة البلد فى المدى البعيد.. هل المجتمع الدولى هيعترف بشرعية المحاكمات دى.. وهل الناس هتسامحنا لما ما نستردش أموال البلد المنهوبة بسبب التسرع ده.. إحنا اخترنا إن كل المحاكمات تكون بشكل عادل وحتى لو ده ضايق البعض أو أشعرهم بالقلق.. لكن متأكدين إن النتيجة فى النهاية هتكون فى مصلحة البلد وهيعرف الناس إننا كنا صادقين لما قلنا إن ما فيش فاسد هيفلت من العقاب وإن ما فيش صفقات ولا غيره وبكرة الأيام تثبت.. لما يكون عندى كم تحديات خطيرة على جبهات كتيرة اقتصادية وسياسية وأمن قومى ومش قادر حتى أعلنها للناس، ليه يتقال إن أنا بامنّ لما أطلب من البعض إنهم يكونوا منصفين ويقولوا للناس الصورة كاملة عشان ما يخلقوش حالة إحباط لدى الشعب خصوصا وإحنا محتاجين نخلق حالة فرحة بالثورة وحالة حماس تخلينا صف واحد.. أنا باطلب من الكل إنه يحط كلامى فى السياق ده كله وإن الجميع يبقى متأكد إن عمرنا ما هنتوقف عن احترام الآراء المختلفة معانا طالما بتعبر عن رأيها فى ظل الالتزام بآداب الحوار، وفى يوم من الأيام لما يتكتب تاريخ الفترة دى هيعرف الشعب حقيقة الدور اللى إحنا عملناه عشان الشعب اللى إحنا جزء منه وأقسمنا على الولاء ليه».
هنا قلت لسيادة اللواء ممدوح شاهين إننى أتمنى أن تزيد حالة المكاشفة فى الفترة القادمة ما بين الجيش والشعب، أعلم أن هناك أشياء يصعب أن يتم نشرها، لكن ينبغى أن تتم غربلتها والتضحية ببعض اعتبارات التكتم من أجل القضاء على حالة البلبلة التى أثق بأن هناك جهات سيئة النوايا تستخدم بعض حسنى النوايا فى نشرها، كما رجوته أن يتم الإسراع فى اتخاذ قرارات حاسمة بحق ملف التعذيب الذى تقدمت به المنظمات الحقوقية، وملف المعتقلين السياسيين أثناء وبعد الثورة والذى تقدم به العديد من الناشطين السياسيين، وقد وعدنى سيادته بذلك، وأنا أشكر له سعة صدره وتقبله لكل أسئلتى وأرجو أن تتم محاكمتى مدنيا إذا كانت الذاكرة قد خانتنى وأنا أنقل كلامه.
أخيرا أرسل إلىّ قراء كثيرون بروابط لمقطعى فيديو تم نشرهما على ال«يوتيوب» بكثافة يتحدث فيهما ضابطان سابقان فى الجيش المصرى، الفيديو الأول حمل عنوان (بطل فى الجيش المصرى يكشف المشير طنطاوى)، شاهدته أكثر من مرة لكى أكتشف تلك الفضائح التى يتحدث عنها، فلم أجد سوى كلام إنشائى لشخص عصبى ومتوتر يخلط الحق بالباطل، ولم أجد تفسيرا لوصفه بأنه بطل سوى سطر تم نشره تحت الفيديو يقول إنه كان أول دفعته، وكنت أتمنى أن أجد سطرا ثانيا يفسر لنا لماذا هو ضابط سابق، ليس تشكيكا فيه بل لأن من حقنا أن نعرف. الحق الذى يقوله الضابط السابق فى الفيديو هو ترديده لما يتمناه الكثيرون من محاكمة سريعة وعاجلة لمبارك وأسرته، وهى مسألة يبدو أنها تقترب يوما بعد يوم، أما الباطل الذى يردده فهو كثير وعلى رأسه تلك النغمة الكريهة التى يرددها البعض بحماس به حسن نية دون أن يُعمِلوا فيها عقولهم قليلا، أعنى نغمة أن الجيش يقوم بعمل تمثيلية بالاتفاق مع مبارك، ولا أدرى كيف يصدق إنسان عاقل ومنصف مثل هذا الكلام بل ينشره على الآخرين دون أن يفكر فيه أولا. ستسألنى: وليه لأ؟، سأجيبك: هل تقرأ الصحف هذه الأيام؟، إذا كنت تقرؤها وتصمم على ترديد هذا الكلام فلا أظن أننى أحب إضاعة وقتى معك. الفيديو الثانى ظهر به ضابط سابق يبدو أكثر اضطرابا وقام بتوجيه شتائم يعاقب عليها القانون لكل قادة الجيش هذه المرة وليس للمشير وحده، انتظرت أن يقول واقعة محددة أو معلومة واضحة تدفعنى للثقة فى كلامه فلم أجد، كل ما توقفت عنده هو حديثه بشكل حقير عن وجود «أظرف ولاء» كان يتم توزيعها من مبارك على قادة الجيش، دون أن يفسر لنا لماذا إذن انحازوا للشعب الذى لم يمنحهم تلك الأظرف، كما أننى لم أفهم كيف يستقيم كلامه عن وجود فساد مريع فى الجيش مع حكاية «الأظرف» التى يتم توزيعها، فمن يفسد ليس بحاجة إلى أخذ ظرف، بل هو نفسه الذى يمنح الأظرف لغيره.
لم أكن فى حاجة لمشاهدة «الفيديوهين» لكى أتأكد أن هناك أصابع خارجية تسعى لإثارة الفتنة بين الجيش والشعب، فقد كتبت عن ذلك قبل شهر، وأزعم أننى قدمت فيه شواهد وقرائن لم يصدقها البعض فى وقتها، وأتمنى أن يكون الأمر الآن قد اتضح للجميع، يا إخواننا يا ناس يا هوه هل تظنون أن إسرائيل وحلفاءها سعداء بالثورة التى حدثت فى مصر، هل تعتقدون أن إسرائيل لا تعرف أن عدوها الأول فى مصر هو الجيش، هل تعتقدون أن إسرائيل لم تقرأ مثلا وثائق ويكيليكس التى كشفت عن الدور الوطنى الرائع الذى لعبته القوات المسلحة فى مواجهة الضغوط الأمريكية لتمييع الجيش المصرى وربطه بالمصالح الأمريكية، هل تعتقدون أن إسرائيل التى تمنح ميزانية مهولة كل عام للأعمال الاستخباراتية المدنية والعسكرية ستقف صامتة تتفرج علينا ونحن نبلور لأول مرة منذ سنين بعيدة سياسة خارجية وطنية محترمة يفخر بها كل مصرى؟ أجيبوا عن كل هذه الأسئلة وأنتم تشاهدون مثل هذه الفيديوهات المريبة واحكموا بأنفسكم.
لا أريد أن أظلم أحدا، فقد تكون هناك مشاعر غضب وطنية لدى هؤلاء، لكن من قال إن أجهزة المخابرات لا يمكن أن تقوم بتوظيف أصحاب النوايا الحسنة لمصالحها، وحتى لو فرضنا أنه لا يوجد أى دور لأى جهاز مخابرات فى كل ما يحدث، لماذا لا نجتهد فى جمع المعلومات قبل أن نحكم، لقد بدأ الأمر بالإساءة إلى سيادة المشير محمد حسين طنطاوى وإظهاره أنه معزول عن الجيش وأنه يحمى مصالح مبارك، مع أن أى متابع أو مراقب يعرف تقديس الجيش المصرى لمسألة الهرم القيادى وأنه لا يمكن اتخاذ قرار واحد بدون موافقة المشير حتى لو حدث خلاف فى الرأى داخل المجلس الأعلى بين أى رؤى متعارضة، المهم أن هذه النغمة عندما لم يستجب لها الشارع بقوة تحولت إلى هجوم شرس على المجلس بجميع أفراده، ولا أعتقد أن ذلك يمكن أن يلقى تجاوبا من الشارع المصرى ولا من الثوار الواعين الذين يعلمون أن ضرب تحالف الثورة مع الجيش يدخل مصر فى نفق مظلم مسدود.
ألفت الانتباه هنا إلى معلومة عرفتها من الكاتبة والناشطة نوارة نجم التى قالت لى إن هناك شخصا يمتلك حسابا على ال«تويتر» باسم (ضابط جيش) أخذ ينشر كلاما يتحدث عن وضع الضابط أحمد شومان فى مصحة نفسية وإعطائه حبوبا للهلوسة، وتم نشر هذا الكلام بكثافة دون التشكك فيه، ثم فوجئت نوارة بأحمد شومان يتصل بها ليسألها عن مصدر الكلام الذى يتحدث عما جرى له ويقول لها إنه لا يوجد أى صحة لكل ما قيل عنه، ونشرت نوارة ذلك فى مدونتها، لاحظ أن هذه المعلومة المغلوطة تحديدا وردت فى الفيديو الثانى الذى يقوم بتوجيه شتائم حقيرة لقادة الجيش، ألا يدعو ذلك للريبة؟
لن يتسع المقام هنا للحديث بالتفصيل عن العقيد عمر عفيفى ودوره فى نشر هذه الفيديوهات على الإنترنت، لكن يكفى أن أقول لك إنه كان صاحب المكالمة الثالثة التى أتحدث عنها اليوم، حيث اتصل بى قبل يومين لمدة ساعة ونصف من موبايله فى أمريكا ودارت بيننا مواجهة ساخنة كررت فيها طلبى له إذا كان حقا حسن النية أن يأتى ليناضل من قلب مصر وينال الشهادة التى كنا نحلم جميعا بنيلها، وقلت له إن اللواء منصور عيسوى قال لى إنه اتصل به وعرض عليه أن يتم تأمينه إذا جاء إلى مصر، ففوجئت به يقول لى إن المشير طنطاوى يرسل له رسائل تهديد شخصية، قلت له: إذا كنت تريدنى أن أصدق ذلك فأنا أرجوك أن تحضر إلى مطار القاهرة وأعدك بأن أنظم مظاهرة بها ألف ناشط سياسى لاستقبالك وتخرج إلى بيتك فى حماية الرأى العام، فقال لى إنه يفوضنى فى حمل مطلبه بالرجوع إلى مصر مع تأمين حياته، وأنا أناشد المجلس الأعلى للقوات المسلحة أن يخرج متحدث منه لكى يعلن أنه يدعو جميع اللاجئين السياسيين فى عهد مبارك ومن بينهم عمر عفيفى للعودة إلى مصر ويضمن حمايتهم، لكى يحكم الناس على هذا الرجل وهل هو صادق أم كاذب، هل هو أهوج حسن النية أم رجل مغرض يعمل لمصلحة جهات أجنبية، وحتى يحدث ذلك أو لا يحدث، أريد فقط من كل ذى عقل أن يفكر: كيف يمكن أن نصدق شخصا يقول لنا إن الجيش يدير ما يجرى فى مصر لمصلحة إسرائيل، بينما هو يخاف من العودة إلى مصر ولا يخاف من الإقامة فى أمريكا التى يمكن لإسرائيل أن تطاله فيها بسهولة إذا كان حقا يفضح مخططاتها فى مصر؟!
ختاما أقول: قليلا من العقل يا ناس ونحن ندير علاقتنا بالمجلس العسكرى فى هذه الفترة الحرجة التى يمكن أن نضيع فيها كل ما حققناه إذا جرينا وراء كل أحمق أو سيئ النية، إذا كنت تقرؤنى جيدا فلعلك تعلم أننى رغم كل تقديرى للجيش وثقتى فى قادته، قلت مرارا وتكرارا إنها ليست ثقة على بياض بل هى ثقة تقف على أرضية التعهد بتحقيق مطالب الثورة، ولعلك تعلم أن كل ما وجهته من نقد إلى المجلس العسكرى فى أكثر من ملف شائك لم يقابل إلا بالاهتمام والاحترام والرغبة فى الحوار،
الغريب أن ما تلقيته من هجوم كان من قراء أعزاء هم من ضحايا نظام التعليم المباركى الذى أنتج أجيالا لا تعرف الآراء المركبة ولا تعترف إلا بمن ينحاز عميانى لمن يقود البلاد أيا كان، هم يريدونك أن تحدد هل أنت ضد الجيش أم معه لكى يرتاحوا ولا يلجأوا للتفكير فيما تقول، ولهم أقول بكل وضوح وأنا رجل مستعد لدفع ثمن ما أكتبه ولا أختبئ خلف أسماء مستعارة: نعم نحن نثق فى الجيش ونحترم قادته ونقدر دوره الوطنى العظيم ونعلم أنه العمود الفقرى الذى تستند عليه البلاد، لكن ذلك لن يمنعنا من التفريق بين الدور الوطنى للجيش والدور السياسى للمجلس العسكرى، وسنظل نوجه انتقاداتنا لأداء المجلس العسكرى فى إطار آداب الحوار، وسنبقى نحرس مطالب الثورة حتى تتحقق كلها دون أن تذهب دماء شهدائنا هدرا، والله من وراء القصد أو هكذا أزعم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.