رأت صحيفة (فاينانشيال تايمز) البريطانية أن دور حزب الله اللبنانى فى الأزمة السورية يعمق الانقسامات والتوترات الإقليمية بالمنطقة، خاصة بعد أن بات دوره هناك يتصاعد يوما بعد يوم. واستدلت الصحيفة على طرحها، فى تقرير على موقعها الإلكترونى، بأن الحزب أصبح يطالب المجتمعات الشيعية فى لبنان، والتى يستمد منها مقاتليه، برفع مستوى التضحية بالذات، الأمر الذى لم يطلب بهذا القدر منذ الحرب مع إسرائيل عام 2006. وقالت "بينما جعلت مقاومة حزب الله للقصف الإسرائيلى على المدن اللبنانية عام 2006 منه بطلا فى جميع أرجاء العالم العربى، تسبب تدخله فى سوريا فى اشتعال غضب الشارع العربى وتعميق الانقسامات الطائفية فى سوريا ولبنان على السواء". وأضافت "أن هذا التدخل زاد أيضا من حدة المخاوف التى تدور حول مدى تأثر الأمن القومى اللبنانى على المدى البعيد بدوره فى سوريا"، مشيرة إلى وجود أصوات بداخل المجتمعات الشيعية اللبنانية نفسها تعارض هذا الأمر وتدعو إلى التضحية من أجل لبنان وليست سوريا. وأوضحت أن دور حزب الله فى الصراع السورى تجلى بشكل كبير خلال الأيام الأخيرة، عقب قيام القوات الحكومية السورية مدعومة من مقاتلى الحزب بشن هجمات واسعة النطاق لاستعادة مدينة "القصير" القريبة من الحدود اللبنانية من أيدى قوات المعارضة. وتناولت الصحيفة رأى محللين بأن انخراط حزب الله بالأزمة السورية نتج جزئيا عن منطق التحالف المناهض لإسرائيل مع الرئيس السورى بشار الأسد وإيران، أو بتعبير آخر (كما يقول أحد الشيعة اللبنانيين) ردا لجميل دمشق فى دعم الحزب من خلال إمداده بالأسلحة الإيرانية خلال حرب 2006. وأرجع حزب الله سبب تدخله فى سوريا بذكر أن الشيعة اللبنانيين الذين يقيمون فى المناطق الحدودية يعيشون فى ظل مخاطر بالتعرض لهجمات من جانب المعارضين السنة فى سوريا، إلى جانب حماية الأضرحة الشيعية فى سوريا. ورأت الصحيفة البريطانية أن التعبئة الطائفية فى لبنان تعد سلاحا ذا حدين فى يد حزب الله، الذى سعى دوما إلى إضفاء الشرعية على ترسانته الهائلة من الأسلحة ودرء التوترات المحلية من خلال تصوير نفسه كقوة مقاومة وطنية. وبينت (فاينانشيال تايمز) أن مخاطر هذا السلاح تكمن فى احتمالات وقوع تداعيات كبيرة على الأراضى اللبنانية نتيجة تدخل حزب الله فى سوريا، خاصة أن لبنان طالما عانى من العداء المستمر بين مؤيدى ومعارضى النظام السورى - وهو الانقسام الذى يغلف حقيقة الخلاف بين السنة والشيعة.