جرت العادة أن تحظى أى دولة تهاجمها إسرائيل بالمساندة العربية لكن الذى حدث هذه المرة مختلف إذ أن غالبية الحكام العرب يرغبون فى التخلص من الأسد. تقول الحكمة العربية: "عدو عدوى صديقى"، وبالرغم من هذه الحكمة فليس هناك واحدة من مجموعات المعارضة السورية إلا وأدانت الهجمات الجوية التى شنتها إسرائيل مؤخرا على أهداف عسكرية فى سورية. غير أنه فى حال سقوط نظام بشار الأسد سيأتى إلى إسرائيل جار جديد أكثر عدوانية لها من القيادة السورية الحالية. حتى الائتلاف الوطنى السورى الذى يمثل جناحا معتدلا نسبيا بين الثوار السوريين، اتهم نظام الأسد "الذى يدعى الممانعة بأنه يضع سورية وإمكانياتها التى شكلت دائماً جبهة مهمة فى مواجهة العدوان الإسرائيلى فى حالة تخبط". وبشكل دائم ظل الأسد ينظر إلى احتلال إسرائيل لمرتفعات الجولان السورية باعتباره أمرا لا يمكن تغييره، ومن ثم ظلت ردود أفعال حكومته "خطابية" على الهجمات التى تشنها إسرائيل بين حين وآخر. فسلاح الدفاع الجوى السورى الذى تمكن فى حزيران / يونيو 2012 من إسقاط مقاتلة تركية فوق مياه البحر المتوسط، دائما ما يلوذ بالاختفاء عندما تطلق إسرائيل صواريخها على الأراضى السورية. وحتى لا يبدو النظام السورى فى صورة العاجز تماما، لجأ الأسد إلى تحفيز ميليشيات حزب الله اللبنانى والعديد من الفصائل الفلسطينية المتشددة على شن عمليات ضد إسرائيل. وهذه هى الاستراتيجية التى لا زال الأسد يعول عليها حتى الآن وقد تم إبلاغ القيادة العامة لكتائب الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين بالاستعداد. ولم تشكك المعارضة السورية فيما قالته إسرائيل من أنها استهدفت بهجماتها الأخيرة تدمير صواريخ إيرانية، حيث قال لؤى المقداد المتحدث باسم الجيش السورى الحر: "عندما يرسل النظام السورى أسلحة إلى لبنان فإن ذلك يمكن أن يكون رسالة معناها أن الأسد لا يتورع عن إشعال النيران فى المنطقة برمتها حتى يبقى فى السلطة". وحتى إذا لم تفلح هذه الاستراتيجية، فإن الحرب الأهلية فى سورية أججت الصراع المشتعل بين الشيعة والسنة فى لبنان والعراق. فمقاتلو حزب الله يحاربون فى سورية إلى جانب النظام الذى يهيمن الشيعة العلويون على قيادته. فى المقابل انضم الجهاديون السنة من مختلف الدول العربية والإسلامية إلى كتائب المعارضة. وفى الوقت الذى تخوض فيه الميليشيات الموالية للنظام عملياتها بتنسيق وثيق مع قوات النظام، فإن كتائب المعارضة تفتقر إلى القيادة التى تحكم سيطرتها على كل الجماعات المسلحة. ولهذا اتسم رد فعل بعض قوات المعارضة بالحذر إزاء التصريحات الصادرة عن الأممالمتحدة والتى أشارت إلى وجود اشتباه فى احتمال أن تكون قوات تابعة للمعارضة وليس قوات النظام وراء استخدام كمية محدودة من غاز الأعصاب السارين فى الحرب الأهلية فى سورية وربما كانت هذه الخطوة من جانب المعارضة بغرض دفع الحكومة الأمريكية لتوريد أسلحة للمعارضة أو إقامة منطقة حظر طيران. وكان المكتب الإعلامى للائتلاف الوطنى السورى المعارض سحب اليوم الاثنين كلمة لغسان هيتو رئيس الحكومة السورية المؤقتة الممثلة للمعارضة، حيث كانت هذه الكلمة تتحدث عن "استخدام أسلحة كيماوية من قبل النظام". وأعلن سونير أحمد المتحدث باسم الائتلاف أن المعارضة السورية تتشكك فى نتائج التحقيقات الأممية حول استخدام الأسلحة الكيماوية فى سورية.