رغم أن يوم الصمت الانتخابى الذى يسبق إجراء الانتخابات البرلمانية غدا فى الكويت، يهدف إلى إيجاد حالة من الهدوء وإتاحة الفرصة للناخبين للاختيار العقلاني، إلا أن الكويت تموج منذ مساء أول أمس بحالة من الغليان والتوتر بسبب تطاول المرشح محمد الجويهل على إحدى القبائل، مما أدى إلى قيام منتسبى تلك القبيلة بإحراق مقره الانتخابي، والتجمهر مطالبين بشطبه من الانتخابات. وذكر مصدر وزاري فى تصريح لصحيفة "الجريدة" نشرته اليوم الأربعاء أنه تم تكليف نائب رئيس الوزراء وزير الدفاع والداخلية الكويتى الشيخ أحمد الحمود برفع دعوى قضائية ضد المرشح محمد الجويهل لمساسه بالوحدة الوطنية، وأن الحكومة بدأت تجهيز الدعوى القضائية، تمهيداً للتقدم بها اليوم إلى النيابة العامة، مضيفاً أن رئيس الوزراء الشيخ جابر المبارك شدد على ضرورة أن يأخذ القانون مجراه كاملاً تجاه هذه القضية، مشيرا إلى أن شطب الجويهل من عدمه من اختصاص القضاء، وأن الحكومة ستقوم بدورها في تحريك الدعاوى القضائية ضده وتترك للقضاء الكلمة الفصل في الأمر، وأن الحكومة من جهتها ستتخذ إجراءات قانونية بحقه بسبب ما ارتكب من فعل، وأن الإجراءات القانونية ستطال أيضا المواطنين الذين أحرقوا مقر الجويهل . ومن ناحية اخرى تنظر الدائرة الإدارية في المحكمة الكلية اليوم "الاربعاء" القضية المرفوعة من ناخب في الدائرة الانتخابية التى ينتمى اليها الجويهل ، بطلب شطبه إثر ما بدر منه في ندوته التي تضمنت الإساءة لإحدى القبائل . وقد أكد مصدر أمني كويتى مطلع أن الأجهزة الأمنية لم تعتقل المرشح محمد الجويهل ، وأن النيابة العامة لم تصدر أي مذكرة اعتقال بحقه ، لافتاً إلى أن مرشحين ومواطناً ثالثاً تقدموا بشكوى رسمية اتهموا فيها الجويهل بالإساءة إلى القبيلة ، مضيفا أن جهات التحقيق أصدرت أمر ضبط وإحضار بحق الجويهل الذي لا يزال متوارياً عن الأنظار ، موضحاً أن تصنيف الاتهام الذي يواجهه من اختصاص النيابة العامة ، وهي الجهة المختصة بتحويله إلى أمن الدولة أو المباحث الجنائية لضبطه وإحضاره ، مشيرا الى أن الجويهل سيتقدم عبر محاميه بشكوى إلى النائب العام ضد الأشخاص الذين أضرموا النار في مقره ، لافتاً إلى أن محاميه بصدد إعداد مذكرة الشكوى وتضمينها الصور التي التقطت للمجاميع الغاضبة ، وهي تضرم النار في مقره . وقرر وزير الداخلية الكويتى الشيخ احمد حمود الجابر تشكيل لجنة للوقوف على ملابسات ما حدث من طرح في ندوة الجويهل وردة الفعل بإحراق مقره ، وقد طلب من اللجنة استعجال عملها وموافاة الوزير بالنتائج اليوم. وقد تفاعل مع أحداث أمس الأول عدد من المؤسسات والمواطنين الكويتيين ، حيث أصدر التيار التقدمي الكويتي بيانا عبر فيه عن قلق المجتمع الكويتي من الاستفزازات لاشعال نار الفتنة والعنصرية والفئوية والمناطقية والطائفية والقبلية التي تمزق النسيج الوطني للمجتمع ، مطالبا المواطنين بالتصدي الحازم لمحركيها وكشف مخططاتهم وأدواتهم ووسائلهم. وفي بيان آخر طالب اتحاد عمال البترول رئيس مجلس الوزراء الكويتى بالقيام بمهامه ومسؤولياته في حفظ كرامة وحقوق الشعب ، والاسراع بعقد مؤتمر صحفي مع وزير الداخلية لتوضيح ما حدث مساء أمس الأول ، وتساءل ماذا استفاد الجويهل من اثارة النعرات القبلية وشق الوحدة الوطنية من خلال خطاب عنصري ومهين لأحد المكونات الأساسية للنسيج الاجتماعي الكويتي ، واثارة الفتن التي لا تؤدي الا الى التناحر والتباغض. وأيضا أصدرت جمعية المحامين الكويتية بيانا قالت فيه ان الدعوة للكراهية وضرب أبناء المجتمع الكويتي واهانتهم ينبئ عن اثارة فتنة داخلية منظمة ، منتقدة الأعضاء السابقين والمرشحين الذين يقفون الى جانب من يثيرون هذه الفتن ، وكذلك وسائل الاعلام التي تتبنى أطروحاتهم ، وأضافت أن الأطروحات الداعية الى الكراهية هي اتجاه مدمر لأي مجتمع ولأي وطن ، مطالبة باصدار تشريعات حاسمة حازمة لمعالجة مثل هذا الأمر قبل ان تخرج الأمور عن السيطرة. وكانت مؤسسات المجتمع المدني الكويتية قد حذرت الناخبين من الذين يلعبون على أوتار الطائفية المقيتة القبلية والعنصرية والفئوية من أجل كسب الأصوات أو استغلال فرصة الانتخابات لتصفية حسابات شخصية أو عقائدية متطرفة. وأكد عدد من الجمعيات الممثلة لمؤسسات المجتمع المدني في بيان لها أن هناك من يصر على إعادة عجلة التاريخ إلى الوراء ليجر المجتمع وراء صراعات عقائدية أو مواقف عنصرية متطرفة بازدراء قطاع من المجتمع ، دافعا بنا جميعا إلى هاوية الصراعات المقيتة التي لم يمر بها مجتمع إلا وخرج ممزقا ضعيفا غير منتصر على أعدائه وخصومه .وقررت كتلة المعارضة اعتباراجتماعاتها مفتوحة لمتابعة خطوات الحكومة واعادة الامور الى نصابها بشطب المرشح الجويهل واحالته للنيابة العامة ، وستقرر خطوتها التالية فور بروز اجراءات وزير الداخلية . وفي ردود الافعال انقسم الوسط السياسي الكويتي بين فريقين ، وإن استنكر كلاهما تصريحات الجويهل ، واعتبرها السبب المباشر لما جرى ، إلا أن أحدهما رأى فيما فعله بعض أبناء القبيلة " رد فعل طبيعيا " نتج عن الاساءات المتكررة ، في حين اعتبرها الثاني " جرما لا يقل عن جرم الجويهل بل ربما يزيد وخروجا على القانون ومساسا بالسلم الأهلي ، مؤكدا أن الاخطاء لا تعالج بأخطاء أسوأ منها وأخطر