منذ أن دعا رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة المشير طنطاوي البرلمان للإنعقاد من أجل إنتخاب جمعية تأسيسية تقوم بوضع دستور لمصر ما بعد الثورة والمسرح السياسي يشهد حراك كبير قد يصل في بعض الأحيان إلي حد العراك. فكل الإتجاهات والتكتلات السياسية تحاول أن يكون لها نصيب في صناعة دستور ما بعد الثورة ، فمن مراكز الدراسات مثل مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان ، والمنظمات الحقوقية مثل المنظمة المصرية لحقوق الإنسان ومنظمة إتحاد المحامين للدراسات القانونية والديمقراطية ، إلي الأحزاب السياسية مثل حزب الوفد وحزب التحرير المصرى ، مروراً بالمرشحين المحتملين لرئاسة الجمهورية مثل عمرو موسي وبثينة كامل. وكذلك النواب البرلمانيين مثل النائب السادات رئيس لجنة حقوق الإنسان بمجلس الشعب ، والنشطاء السياسيين مثل المتحدث بإسم حركة 6 أبريل أحمد ماهر، وغيرهم الكثير ، لكن أين سيناء وأهلها من صياغة دستور ما بعد الثورة ؟ .. وهذا هو محور مقالنا. الحقيقة أن هناك مخاوف كبيرة لدي أبناء سيناء من أن يتم تجاهلهم وتهميشهم في الإشتراك في لجنة وضع الدستور المصري الجديد كما تم تجاهلهم وتهميشهم دائماً. ولهذا نري شباب شمال سيناء وأصحاب مبادرة "ودنا نشارك في الدستور" قد حذروا علي لسان سعيد اعتيق من تجاهل أبناء سيناء في لجنة وضع الدستور. حيث وصف ذلك بمؤشر خطير وإستمرار لنهج النظام البائد في تهميش البدو قائلاً : ان سيناء كانت في عقل النظام البائد مجرد ملف أمني وتحولت بعد الثورة إلى ملف عاطفي، ولكن نحن نريدها صلبة داخل ملف دستوري. كذلك طالب المهندس علي فريج مؤسس ورئيس الحزب العربي للعدل والمساواة بضرورة تمثيل القبائل العربية في لجنة صياغة الدستور الجديد. ورغم تلك المخاوف التي تنتاب بدو سيناء ، إلا أنهم وكعادتهم لا يتركون المخاوف تثبط همامهم ولا تحبط عزيمتهم. لذلك نجد احد رجالهم قد اخذ زمام المبادرة ولم ينتظر ان يتم دعوتهم من القاهرة للمشاركة او لا يتم ، إنه النائب النشيط عضو مجلس الشعب سلامة الرقيعي الذي تقدم بإقتراح تكوين الجمعية التأسيسية للدستور. وقد تمت إحالة إقتراحه إلى لجنة الإقتراحات والشكاوى وبعد الإجتماع المشترك لمجلسى الشعب والشورى الأول وتم تسجيل الإقتراح برقم 4 لدى أمانة المجلس ، ويحتوي الإقتراح علي 9 مواد تضمن ضوابط إنتخاب جمعية تأسيسية من مائة عضو لإعداد مشروع دستور جديد لمصر، حسب نص المادة 60 من الإعلان الدستورى. وفي جنوبسيناء نجد أيضاً الناشط السيناوي رمضان رويبض أبو صباح كبير حكماء قبيلة مزينة يطالب بكل شجاعة كعادته بتمثيل البدو في لجنة صياغة دستور الثورة قائلاً : أن الدستور لا بد أن يكون توافقياً ويعبر عن جميع المصريين بما فيها الأقليات وهم البدو الذين يمثلون أكثر من 7% من تعداد المجتمع المصرى . وأكد حكيم مزينة أبوصباح علي مراعاة هذه النسبة عند صياغة الدستور وبحد أدني لا يقل عن 4% فى اللجنة التأسيسية من البدو القانونيين. كما عبر الناشط حسن أبو شتيوى عن خيبة أمله بسبب تقليص المدة المحددة لوضع الدستور بالإضافة إلي عدم وضوح الرؤية بشأن اللجنة التأسيسية التى ستضع الدستور. وبهذا يأتي رأيه متفقاً مع وجهة نظر د.محمد البرادعى الرئيس السابق لوكالة الطاقة الذرية الذي تسائل متعجباً : كيف نكتب دستور في 6 أسابيع ؟ .. لوسلق بيض كان سيحتاج إلي وقت أطول !!!. كذلك أكد المحامي صالح حميد المرشح السابق لإنتخابات مجلس الشعب من جنوبسيناء علي ضرورة وجود من يمثل البدو عند وضع الدستور موضحاً أن أهالي سيناء لايزالون يعانون من التهميش قبل وبعد الثورة. وقد عكست تصريحات صالح حميد مدي القلق والمرارة من طول فترات التهميش والإقصاء التي عانى منها بدو سيناء عندما قال : إننا محرومون من لجنة وضع الدستور -مشيراً إلى أن البدو أقلية- وتعرضنا للإضطهاد منذ عهد العثمانيين مروراً بالإنجليز فالإحتلال الإسرائيلى ثم 30 عاماً فى عصر مبارك وكل تلك الفترات نعيش فى أحكام عرفية ولم نتذوق طعم الحرية. أما عن نسبة تمثيل بدو سيناء في لجنة الدستور التأسيسية فقد كان هناك عدة إقتراحات لتمثيل الأقليات في لجنة الدستور منها ما طرحته منظمة إتحاد المحامين للدراسات القانونية والديمقراطية فى بيان لها عن رؤيتها بأن تضم اللجنة 3 ممثلين عن أهالي سيناء و 2 عن الشيعة و 10 عن أهالي النوبة. وهذا الإقتراح إن تم الموافقة عليه يعني أن تساهم محافظتي جنوب وشمال سيناء كل بنائب عنها وممثل لها في لجنة الدستور علي ان يأتي النائب الثالث من أهالي وسط سيناء ، تماماً مثلما حدث عندما تم تعيين الشيخ عبد الله جهامة كنائب عن مناطق وسط سيناء في مجلس الشعب. والباحث يري أن هناك العديد من الشخصيات البارزة التي تصلح لتمثيل جنوبسيناء في لجنة الدستور، نذكر منهم المحامي بالإستئناف صالح عودة رئيس المجلس الشعبي المحلي ومرشح مجلس الشوري السابق. وكذلك المحامي حسين مدخل رئيس المجلس الشعبي المحلي قبل عام 2000 ، وغيرهم من رجال القانون والقضاء الكثير. لكن المتابع للشئون السيناوية يري أن النائبة البرلمانية المحامية فضية سالم ربما تكون أفضل إختيار لتمثيل جنوبسيناء في لجنة الدستور وذلك لعدة أسباب منها أنها عضو في لجنة حقوق الإنسان بمجلس الشعب. كما أنها تصلح أن تكون ممثلة عن المرأة في لجنة الدستور وكذلك ممثلة عن بدو سيناء إضافة إلي أنها عضو برلمان وهذه الصفات قد ترضي جميع الأطراف. كما أن هذه الصفات الثلاث لا تجتمع إلا في نائبة جنوبسيناء فضية سالم أول نائبة فئات من البدو الصامدين في برلمان الثورة.