28 مايو 2025.. أسعار الأسماك في سوق العبور للجملة اليوم    سعر الذهب فى مصر اليوم الأربعاء 28 مايو 2025 بالتعاملات الصباحية    الإسكان: إزالة التعديات عن 93 فدانا واستكمال مشروعات مدينة ملوي الجديدة    محافظ أسيوط يصدر تعليمات فورية لحل الشكاوى وتحسين الخدمات    وزير الخارجية يتوجه إلى المغرب لبحث تطوير العلاقات    إعلام حوثي: الاحتلال الإسرائيلي شن 4 غارات على مدرج مطار صنعاء وطائرة للخطوط اليمنية    قائد الحرس الثوري الإيراني مهددا أمريكا: سنفتح أبواب الجحيم ونحرق مصالحهم    جدول ترتيب الدوري المصري قبل مباراتي الحسم    تأخر النصر.. كيف تفوق الهلال في ضم علي لاجامي؟    مصرع شخص وإصابة 10 آخرين في انقلاب ميكروباص بأسيوط    رئيس بعثة الحج: نسعى لتوفير سبل الراحة والرعاية للحجاج خلال إقامتهم بعرفات ومنى    وزير الثقافة: ملتزمون بتوفير بنية تحتية ثقافية تليق بالمواطن المصري    تكريم المغربي يونس ميكري في مهرجان الدار البيضاء للفيلم العربي بدورته السادسة    إعدام ميداني فجري في جيت.. استشهاد الشاب جاسم السدة برصاص الاحتلال داخل منزله    فشل رحلة اختبار صاروخ ستارشيب التاسعة من «سبيس إكس»    الأنباء السورية: حملة أمنية بمدينة جاسم بريف درعا لجمع السلاح العشوائى    الرئيس الإندونيسي: لا علاقات دبلوماسية مع إسرائيل قبل اعترافها بفلسطين    صندوق النقد: مصر تحرز تقدمًا ملموسًا نحو استقرار الاقتصاد    مصر ومؤسسة التمويل السويدية توقعان خطاب نوايا لتعزيز التعاون في الطاقة الكهربائية والنقل المستدام    وزير العمل يشارك في المقابلات الشخصية لبرنامج «المرأة تقود للتنفيذيات»    قرار من «العمل» بشأن التقديم على بعض الوظائف القيادية داخل الوزارة    الحماية المدنية بالقليوبية تسيطر على حريق مخزن بلاستيك بالخانكة| صور    محاسب من سوهاج يحقق حلم والدته ضمن حج الجمعيات الأهلية: حققت لأمي أغلى أمنية    موعد إجازة وقفة عرفات وأول أيام عيد الأضحى المبارك 2025    عيار 18 الآن.. أسعار الذهب اليوم الاربعاء 28-5-2025 في محافظة قنا    أوكرانيا: ارتفاع عدد قتلى وجرحى الجيش الروسي إلى 983 ألفا و890 فردا منذ بداية الحرب    تفاصيل جلسة التحقيق مع آية سماحة في هجومها على مشيرة إسماعيل | صور    «ظافر العابدين»: طارق العريان من أهم المخرجين بالوطن العربي    وزير الدفاع الإسرائيلي: سلاح الجو يهاجم أهدافا فى صنعاء اليمنية    أفضل الأدعية لأول أيام العشر من ذي الحجة    مصر وتشاد تبحثان مستجدات إقامة مشروع متكامل لمنتجات اللحوم والألبان    صحة أسيوط تساهم بالحملة القومية للقضاء على «التراكوما»    باتشوكا يعلن تفاصيل مباراته الودية مع الأهلي قبل المونديال    مدرب مالي يكشف موعد انضمام ديانج للأهلي    رئيس البنك الأهلي يكشف حقيقة عرض الأهلي لضم الجزار.. ومصير أبوجبل    حصاد الدورة الرابعة لأسبوع القاهرة للصورة    إصابة عامل بطلق ناري عن طريق الخطأ بسوهاج    بدء الدراسة بالجامعات الأهلية الجديدة اعتبارًا من العام الدراسي القادم 2025/2026    طريقة عمل البسبوسة في البيت، بأقل التكاليف زي الجاهزة    ريا أبي راشد تكشف سبب اهتمام مصوري مهرجان كان ب نجوى كرم وتجاهل إليسا    رابط نتيجة الصف الرابع الابتدائي الترم الثاني 2025 برقم الجلوس فور ظهورها في بورسعيد    45 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات على خط «طنطا - دمياط».. الأربعاء 28 مايو    موعد أذان الفجر اليوم الأربعاء أول أيام ذي الحجة 1446 هجريًا    عبد الله الشحات: بيراميدز كان يستحق الدعم من رابطة الأندية وتأجيل لقاء سيراميكا.. وهذا سبب تقديمي شكوى ضد الإسماعيلي    قبل فاركو.. كيف جاءت نتائج الأهلي مع صافرة أمين عمر؟    موعد أذان الفجر في مصر اليوم الأربعاء 28 مايو 2025    وجبة كفتة السبب.. تفاصيل إصابة 4 سيدات بتسمم غذائي بالعمرانية    العيد الكبير 2025 .. «الإفتاء» توضح ما يستحب للمضحّي بعد النحر    ما حكم صلاة الجمعة إذا وافقت يوم عيد؟ الإفتاء تحسم الجدل    موعد مباراة تشيلسي وريال بيتيس في نهائي دوري المؤتمر الأوروبي    مصطفى الفقي: كنت أشعر بعبء كبير مع خطابات عيد العمال    رئيس جامعة عين شمس: «الأهلية الجديدة» تستهدف تخريج كوادر مؤهلة بمواصفات دولية    البلشي يدعو النواب الصحفيين لجلسة نقاشية في إطار حملة تعديل المادة (12) من قانون تنظيم الصحافة والإعلام    هناك من يحاول إعاقة تقدمك المهني.. برج العقرب اليوم 28 مايو    وزير الأوقاف يهنئ الشعب المصري والأمة العربية بحلول شهر ذي الحجة    تنتهي بفقدان البصر.. علامات تحذيرية من مرض خطير يصيب العين    الاحتراق النفسي.. مؤشرات أن شغلك يستنزفك نفسيًا وصحيًا    حزب الجبهة الوطنية بجنوب سيناء يبحث خطة العمل بأمانة التعليم (صور)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



القاص والروائي محسن‮ ‬يونس‮:‬لا أعرف لماذا أكتب في بلاد لا تقرأ

شخص هادئ،‮ ‬لا تفارقه الابتسامة،‮ ‬يؤمن بأن صفات التسامح والصدق والإخلاص والتواضع ضرورية في شخصية المبدع،‮ ‬حتي‮ ‬يصل إبداعه إلي الناس،‮ ‬ويؤثر فيهم‮.‬
ولد بمدينة دمياط،‮ ‬ويعد من أبرز وأهم الأصوات القصصية والروائية في مصر،‮ ‬لا‮ ‬يقلد أحدًا،‮ ‬يكتب بسلاسة وشفافية،‮ ‬ويحاول أن‮ ‬يرصد ما‮ ‬يدور في مجتمعه من خلال رؤيته وثقافته وكاميراته الإبداعية الخاصة،‮ ‬صدر له عدة مجموعات قصصية منها‮: ‬الكلام هنا للمساكين عن دار الغد عام‮ ‬1989،‮ ‬والأمثال في الكلام تضيء عن الهيئة العامة لقصور الثقافة عام‮ ‬1992،‮ ‬ويوم للفرح عن الهيئة المصرية العامة للكتاب عام‮ ‬1992،
له أيضا الكثير من الروايات من بينها‮: ‬حلواني عزيز الحلو عن الهيئة العامة لقصور الثقافة عام‮ ‬1998،‮ ‬والملك الوجه عن دار الأدهم عام‮ ‬2013،‮ ‬وبيت الخلفة عن الهيئة العامة لقصور الثقافة عام‮ ‬2004،‮ ‬بالإضافة إلي بضعة كتب للأطفال منها‮: ‬من ديوان الحمقي عن دار الحدائق ببيروت عام‮ ‬1995،‮ ‬وهذا من فعل السلطان عن سلسلة كتاب قطر الندي بالهيئة العامة لقصور الثقافة عام‮ ‬1996،‮ ‬ولغز الشعلة الراقصة عن دار الهلال بالقاهرة عام‮ ‬2000‮ .‬
هو القاص والروائي محسن‮ ‬يونس الذي نحاوره هنا حول إبداعه ورؤيته الخاصة للفن والحياة‮.‬
متي بدأت كتابة القصة القصيرة؟‮ ‬
لم تأت كتابتي للقصة القصيرة مصادفة علي الإطلاق،‮ ‬فمنذ التاسعة من عمري وأنا قارئ نهم،‮ ‬وأنصت جيِّدًا للناس حين‮ ‬يتبادلون الحديث في أمور حياتهم،‮ ‬أو حين‮ ‬يحكون حكاية،‮ ‬كنت أتأمل ملامح وجوههم وحركات أجسادهم أثناء ذهابهم إلي تلك المنطقة السحرية والتي تسحرني معهم،‮ ‬ولعبت الظروف معي دورها لألتفت إلي الكامن داخلي من طاقة علي القص،‮ ‬فقد كنت التلميذ الذي‮ ‬يعتمد عليه المدرس في جذب انتباه أقراني في الفصل،‮ ‬وأنا أحملهم معي إلي تلك المنطقة السحرية،‮ ‬لنبدأ إعادة حكايات الجدة والعمة والخالة والجارة بتصرف،‮ ‬وهذا التصرف هو السعي لأن‮ ‬يكون لك لون ورائحة ومعني خاص بك‮.‬
الكتابة لا تأتي مصادفة أبدًا،‮ ‬فهي مكابدة لا تبارح كيان ولا فكر الكاتب،‮ ‬إلي أن تنطلق تفاصيلها علي الورق،‮ ‬ولا‮ ‬يمكن أن‮ ‬يطمئن الكاتب أو‮ ‬يستريح إلي ما حققه بعد هذه المكابدة،‮ ‬إنه السعي الدائم نحو المطلق،‮ ‬وهذا ربما هو التحدي الكبير للكاتب،‮ ‬والذي‮ ‬يجعله دائمًا في تحفز إبداعي،‮ ‬علينا أن نذكر في هذا الصدد أن الإبداع عملية عقلية واعية،‮ ‬فيها جانب من العمدية،‮ ‬وهذا‮ ‬يصب رأسًا في أن لا شيء‮ ‬يأتي صدفة في الإبداع،‮ ‬وإذا جاءت الصدفة فهي من داخل الإبداع ذاته،‮ ‬وليست كصدف الحياة بالتأكيد‮.‬
ومتي بدأت النشر؟‮ ‬
منذ‮ ‬1974‮ ‬بملحق المساء الذي كان‮ ‬يشرف عليه أستاذنا عبد الفتاح الجمل،‮ ‬فخلال سنتين نشرت بهذا الملحق ثلاث عشرة قصة،‮ ‬أعتقد أن هذه القصص هي من أشارت إلي وجود كاتب‮ ‬يمكن متابعته والتعامل مع ما‮ ‬يكتب‮.‬
قضايا كثيرة عبرت عنها من خلال قصصك،‮ ‬لكن ما هي القضية الكبري التي تستحوذ علي اهتمامك حاليا؟‮ ‬
ليست قضية واحدة التي تستحوذ علي الكاتب خلال رحلته مع الكتابة،‮ ‬فالعالم متغير،‮ ‬وغير ثابت،‮ ‬والتحولات كثيرة،‮ ‬وربما كانت سريعة،‮ ‬ولكن‮ ‬يمكننا رصد اتجاه عام لدي أي كاتب سواء كان إلي اليمين أو إلي اليسار،‮ ‬ودائمًا ما وضعت نصب عيني مبدأ لا أحيد عنه وهو‮ "‬مع الإنسان دائمًا،‮ ‬وضد أعدائه‮"‬،‮ ‬كما أنني لا أسخر من أبطالي حتي لو كانوا‮ ‬يستحقون السخرية،‮ ‬إن حالة الوعي بقيمة الإنسان في الكون وبتجربته في هذا العالم مازالت تعطي تجلياتها التي لن تنتهي إلا بانتهاء وفناء الكون والإنسان،‮ ‬هذا الوعي هو الأهم من التقوقع داخل فكرة ما،‮ ‬أو ما نسميه قضية،‮ ‬لذا‮ ‬ينبغي علينا ألا نصدر حكما باتا مانعا،‮ ‬متوقفين محلك سر،‮ ‬وإلا تجاوَزَنا الآخرون،‮ ‬وصرنا مع تقدم الزمن عالة وشبيهين بسكان الكهوف‮.‬
بالمناسبة‮ ‬يقول"إيتالو كالفينو‮" ‬وأنا أتفق معه تمامًا‮:( ‬لدي شكوكي الكبيرة تجاه الكتاب الذين‮ ‬يدعون قول الحقيقة الكاملة عن أنفسهم وعن الحياة والعالم بأسره،‮ ‬وأفضّل البقاء في جانب الكتاب الذين‮ ‬يحكون عن الحقيقة وهم‮ ‬يكشفون عن ذواتهم باعتبارهم أعظم الكذابين في العالم‮).‬
شخصياتك الموجودة في قصصك إلي أي درجة تقترب من الحقيقة؟‮ ‬
هذا السؤال‮ ‬يحدد رؤية خاصة للكتابة القصصية أو الروائية،‮ ‬وهو إلي الكتابة الواقعية الفوتوغرافية‮ ‬يميل،‮ ‬فمن‮ ‬يستطيع أن‮ ‬يشير بكامل الاقتناع علي أن شخصية مثل‮ "‬صابر‮" ‬في رواية‮ "‬الطريق‮" ‬للأب محفوظ،‮ ‬شخصية موجودة في المكان الفلاني،‮ ‬ويمكنك حتي تصدق هذا الزعم بالذهاب إلي هناك،‮ ‬وسوف تجده كما كتبه محفوظ تمامًا،‮ ‬ولعلك سوف تصاحبه في بحثه عن أبيه،‮ ‬لتصل في بعض تجليات الشخصية إلي منطقة الميتافيزيقا،‮ ‬التي أضافتها سحرية الكتابة،‮ ‬هل‮ ‬يمكنك؟ بالطبع لا‮. ‬
الأمر‮ ‬يمكن أن‮ ‬يكون خلطة عجيبة من الحقيقة كما أسميتها أنت،‮ ‬والخيال الذي لا‮ ‬يكون العمل الأدبي من قصة أو رواية خاليا منه،‮ ‬الخيال سمة أساسية في بنية العمل الفني والأدبي،‮ ‬وتميزه في نفس الوقت عن بقية النشاطات الأخري التي‮ ‬يقوم بها الإنسان في الحياة‮.‬
في بعض الأحيان‮ ‬يكون المثير إنسانا تعرفه،‮ ‬تهاجمك صورة أو مقولة أو حكاية‮ ‬يكون هذا الإنسان داخل دائرتها،‮ ‬ويمكنك أن تكتب قصته،‮ ‬ولكنك حينئذ لم تفعل شيئا،‮ ‬أقول إن الكتابة عن هذا الإنسان ليس قصته،‮ ‬وإنما ما كتب هو رؤيتي عنه وعن قصته‮.‬
وفق هذا التصور‮.. ‬لماذا تكتب؟‮ ‬
وجِّه هذا السؤال إلي كتاب كثيرين،‮ ‬ولم تتطابق إجابة أحد منهم مع الآخر،‮ ‬بل بدا بعض الكتاب في حيرة وكأن السؤال فاجأهم،‮ ‬من ناحيتي حقيقي لا أعرف لماذا أكتب في بلاد لا تقرأ،‮ ‬ومن أصابته حرفة الأدب كما‮ ‬يصفوننا‮ ‬ينظر إليه بريبة،‮ ‬لقد تورطنا في فعل الكتابة مع ذلك،‮ ‬وليس هذا تنصلا وإعلان خيبة،‮ ‬بل إن فعل الاستمرار‮ ‬يعني أننا مؤمنون أن هناك نورا في نهاية النفق،‮ ‬هاجس هذا السؤال ومطاردته للكاتب‮ ‬يحد من قدرته علي الاستمرار،‮ ‬إلي جانب أننا الآن ومنذ زمن في مجتمع تغيرت بنيته الاقتصادية والاجتماعية،‮ ‬ولم تعد تلك الكلمات الفخمة الكبيرة تحكم دورانه ولا تفكيره من أمثال الجماهير،‮ ‬وفائض القيمة،‮ ‬والواقعية الاشتراكية،‮ ‬والوعي الموجه،‮ ‬ببساطة شديدة أنت لا تستطيع الزعم بمعرفة جمهور قرائك،‮ ‬نوعهم وإلي أي الفئات المجتمعية‮ ‬ينتمون،‮ ‬ولا تستطيع تحديد أذواقهم الفنية والأدبية ‮ ‬هذا إن تجاوزنا عن المساحة الضيقة من القراء أصلا لذا أنا علي وعي بأنني أكتب لجمهور‮ ‬غير مرئي‮ ‬،‮ ‬ولكنه خليط من كافة أطياف المجتمع،‮ ‬ليس لدينا دراسات ميدانية تقيس مدي إقبال القراء علي نوع ما من الكتابات،‮ ‬أو جمع آراء هؤلاء في كاتب ما،‮ ‬محمود درويش أجاب عن هذا السؤال بربطه بوجوده ومأساة وطنه فقال‮: ‬الأنه لم تعد لدي هوية أخري،‮ ‬لم تعد لي محبة أخري،‮ ‬وحرية أخري،‮ ‬ولا وطن آخر،‮ ‬الكتابة هي قوتي الوحيدة،‮ ‬فهل‮ ‬يجرؤ أحد منا،‮ ‬بعد فوات الأوان،‮ ‬وبعد اختبار الفشل،‮ ‬أن‮ ‬يضع الخيار علي النحو‮ ‬التالي‮: ‬الانتحار أو الكتابة؟
هل تتعمد إضفاء الشاعرية علي قصصك؟
ومن منا لا‮ ‬يرغب ولا‮ ‬يتمني أن‮ ‬يكون شاعرا؟‮!‬
الشعر هو التجلي الأعظم لقدرة اللغة وعظمتها حين تتعامل مع المجرد والمطلق في آن معا،‮ ‬وأنا لا أتعمد ما تشير إليه،‮ ‬بل إنني أهتم بما‮ ‬يسمي الإيقاع،‮ ‬الإيقاع ليس في الشعر فقط،‮ ‬بل في السرد أيضا،‮ ‬بل في الحياة،‮ ‬فتصور أن كرتنا الأرضية التي نعيش عليها خارج هذا الكون المبني علي إيقاع‮ ‬يجعله كونا في أعيننا،‮ ‬ويسمه بطبيعته الخلابة لكل عقل إذا تأمله‮.. ‬ربما الاهتمام بالصياغة اللغوية،‮ ‬وكل فن وأدب لا بد له من هذا الاهتمام بالمادة الأولية والأساسية،‮ ‬وهي اللغة،‮ ‬ربما كل هذا‮ ‬يجعلك تري فيما أكتب هذه الشاعرية التي لا أقصدها،‮ ‬أو أتعمدها،‮ ‬فالسرد في عمومه وبنيته‮ ‬يميل إلي الذهاب إلي الرؤي بشكل مباشر،‮ ‬حتي ولو كانت بنية العمل خيالا أو فنتازيا‮.‬
كيف تري التعامل النقدي مع أعمالك؟‮ ‬
هذا السؤال في عموميته‮ ‬يحيرني فهل المطلوب أن أقول إن رد فعل النقاد كان جيدًا ومشجعًا،‮ ‬إلي آخر هذه المبالغات الوهمية،‮ ‬في عملنا الفني والأدبي‮ ‬يظل الاكتمال شيئًا مستحيلا،‮ ‬خاصة وأن الناس فيهم التعدد،‮ ‬ولن تجد أنماطًا متشابهة التلقي،‮ ‬فالعمل الفني والأدبي في منطقة الأخذ والرد،‮ ‬خاصة والكاتب مطالب دائمًا بالوصول بقدراته الإبداعية إلي أقصي درجات التمكن والتأثير في الآخرين سواء كانوا قراء عاديين أو نقادا،‮ ‬دريدا حينما‮ ‬يقول‮: "‬العمل الذي‮ ‬يحافظ علي شروط النوع ليس فنا‮"‬،‮ ‬نصل إلي قناعة أن علي الكاتب الإيمان بالثالوث‮: (‬الكتابة القراء النقاد‮) ‬دون أن‮ ‬يصاب بالتعالي علي أي طرف منهم،‮ ‬أتحدث هنا عن الحالة النقدية بعيدًا عن الغرور أو الكراهية،‮ ‬أو الاستعلاء أو الكسل الذي‮ ‬يصيب البعض كاتبًا أو ناقدًا أو قارئا‮. ‬
إلي أي مدي أنت مهتم بالتصوف وكيف أثر فيك وفي إبداعك؟
لا أهتم به إلا في قراءة بعض شطحات كباره،‮ ‬مثل النفري والحلاج،‮ ‬وأعتبره أحد تفصيلات الحياة التي تكبل وعي الإنسان ليكون شريكا في صناعة الحضارة الإنسانية،‮ ‬ربما لكونك شاعرا،‮ ‬وليس كل المتصوفة شعراء،‮ ‬تميل إلي ما تحقق من هذه الحالة التي تتعامد مع الحالة الإبداعية التي أعرفها وتعرفها أنت أيضًا،‮ ‬ما جعلك تطرح هذا السؤال هو اللغة الخاصة والتي‮ ‬يمكن أن تفجر ما في اللغة من تجاوز المكان والزمان،‮ ‬إذن‮ ‬يمكننا أن نقول إن علاقتي بالتصوف هي علاقة لغوية،‮ ‬ولا تتعدي إلي تلبس الحالة‮.‬
لماذا أنت متشائم إلي هذه الدرجة من مستقبل الحياة الثقافية؟‮ ‬
من أين جاءك هذا اليقين بأنني متشائم؟‮! ‬هل السؤال موجه لي؟‮!‬
رغم أن موقف التشاؤم قامت عليه موجة فنية وإبداعية مؤثرة في أنحاء العالم،‮ ‬تعاملت بالقراءة والدرس والتأمل مع منجزاتها سواء في القصة أو الرواية أو المسرح،‮ ‬والفن التشكيلي والسينما،‮ ‬فطبيعة الفن والأدب أوسع من التوصيف عادة،‮ ‬وينبغي أن‮ ‬يكون خارج التحجيم بوصف نتوهم أنه لا‮ ‬يصد ولا‮ ‬يرد،‮ ‬بينما طبيعة الفن والأدب هي التجاوز باستمرار في الأشكال والبني والرؤي‮.‬
ما الذي‮ ‬يحفزك علي الكتابة‮.. ‬الينابيع التي تنهل منها وتساعدك؟
الناس ثم الناس،‮ ‬وما‮ ‬يبدعونه من فن وأدب شعبي،‮ ‬القراءة بحب وفهم في شتي فروع المعرفة والأدب والفنون الأخري،‮ ‬السينما هذا الفن العظيم الساحر،‮ ‬الذي أكاد أوقن أنه فن الزمن وكل زمن،‮ ‬وربما‮ ‬يسيطر ليزيح كثيرًا من الأشكال الأخري،‮ ‬التاريخ جدل المصائر الفردية والجماعية،‮ ‬الموسيقي والأغاني والشعر محفزاتي الطيبة،‮ ‬والذكريات أيضا‮.‬
هل للقصة دور في ظل الأحداث التي تحاصرنا؟
إنها ليست مثل الفقر والجهل والمرض،‮ ‬لكن ما‮ ‬يشغل بالي من صيغة السؤال تلك النظرة التي تهتم بالجزء دون الكل،‮ ‬كيف تطرح علي الجزء استنهاض الكل؟‮!‬
كيف تطلب من الجزء تحمل عبء عمل الكل؟‮!‬
لا بد أولا أن تكون المنظومة جميعها في كامل صحتها،‮ ‬تؤمن بأن التغيير عمل جمعي وكلي،‮ ‬مبني علي طموح من الجميع لتجاوز الخراب والانتكاسات،‮ ‬ولا نقول القصة مفصولة عن متن الفن والإبداع بكافة ألوانه وأشكاله،‮ ‬ومع هذا أيضًا علينا ألا نغفل حركة المجتمع وتقدمه ككتلة واحدة لجميع نشاطاته وفعالياته‮. ‬
‮ ‬ماذا عن مشروعك القادم؟
أركز حاليا في الكتابة الموجهة للأطفال،‮ ‬إنها الواحة التي أستجم بها،‮ ‬وأعاود تجميع نشاطي،‮ ‬وإيقاظ ذاكرتي وبصيرتي إلي الإبداع الذي‮ ‬يترك في النفس متعة لا تعادلها متعة أخري في الحياة،‮ ‬أكتب مجموعة قصصية ترتكز علي قصص أو تصور سابق لمعني أو مفهوم كنا قد توقفنا من خلاله عند نتيجة ما،‮ ‬لماذا لا نعيد الكتابة برؤية أوسع وأشمل؟
سأعطيك فكرة‮: ‬لعلك تعرف قصة العصفور الذي‮ ‬يحبسه طفل داخل قفص،‮ ‬ويقدم إليه الطعام والشراب إلا أن العصفور‮ ‬يرفض،‮ ‬بعض الكتاب كان سريعًا وحادًّا،‮ ‬فأنهي عمله عند موت العصفور مع جملة وعظية،‮ ‬آخرون جعلوا الطفل‮ ‬يفتح باب القفص ليتحرر العصفور،‮ ‬لماذا لا نقدم للطفل حلا لأزمته مع امتلاك عصفور،‮ ‬وما في عمله من تعذيب وحبس لروح وجسد تشاركه في مشهدية كونية رائعة،‮ ‬لماذا لا ندعوه لرسم العصفور في لوحة ملونة جميلة‮ ‬يعلقها في‮ ‬غرفته،‮ ‬هنا سوف‮ ‬يملك عصفورًا دون اعتداء علي حرية الكائن الصغير،‮ ‬هكذا هي قصص المجموعة والتي تسير في نفس الاتجاه‮.‬


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.