أصبح تمكين الشباب واجبا وطنيا ورؤية قومية وضرورة حياة تتناسب مع العصر وتطوراته ، ومنذ أكثر من عامين أثرت قضية تطهير المدن الجديدة وتنظيفها مما علق بها من أدران كادت تهبط بها إلي مستوي المحليات محدودة الأهداف ، فهاتفني وقتها المهندس إبراهيم محلب وكان وزيرا للإسكان والمجتمعات الجديدة موافقا انتقاداتي ومواعدا بجهد مضاعف لضرب الفساد وإصلاح منظومة إدارة المدن الجديدة ، وإدخال عناصر شبابية في قياداتها ورأيت أنه قد آن الآوان لدخول المدن الجديدة عصرا جديدا يجعلها بالفعل مكانا جديدا يديرها شباب واع متجرد يتم صناعتهم وتدريبهم علي أعين خبراء رأوا ودرسوا كيف تدار مثل هذه المدن والنماذج الرفيعة لها في الصين وماليزيا وغيرها من الدول التي اتخذت من هذه المدن انطلاقة كبري للصناعات الصغيرة والحرف التي تخدم الصناعات الضخمة واستوعبت ملايين الشباب من الجنسين ومن بين هؤلاء بزغ رجال وسيدات أعمال ، وازدهر اقتصاد البلاد بشكل سريع ومذهل. لقد عجزت ادارات المدن الجديدة بالطرق التقليدية عن التنمية الحقيقية بسبب البيروقراطية وحالة النضوب الفكري والجمود في عملية اختيار القيادات أو إعدادها لأنه ببساطة لا تختلف كثيرا عما يحدث في المحليات وحصرها في عقم السلم الوظيفي ، فهذه مجتمعات ينبغي لها إدارة اقتصادية خاصة تعرف كيف تجذب المستثمرين وتيسر لهم وتتفاهم معهم وكذلك ينبغي لها إدارة أمنية خاصة تحمي الاستثمارات وتتواصل مع المستثمرين لطمأنتهم ، وحل مشكلاتهم أولا بأول ، كذلك الوجه القضائي فهل يعقل أن يكون التقاضي أمام محكمة تنظر مئات الآلاف من قضايا عامة فيتم ذوبان قضايا الاستثمار فيها ، حتي لو كانت قضايا صغيرة وبسيطة يمكن أن تأخذ سنوات وسنوات ، أهكذا يكون مناخ الاستثمار في عالم يتغير بسرعة كبيرة ، ونفس الشيء يحدث مع جميع الهيئات والمصالح الحكومية الاخري كالمياه والكهرباء وغيرها ، يختلط الأمر فيها وأنا أعرف أن شبابا بدأوا بعض المشروعات الصناعية الصغري تلك وانتهي بهم الأمر إلي الإفلاس ، نحن الذين تركنا المدن الجديدة لتصبح ملاذا للهاربين من العدالة ومأوي للإرهابيين ومكانا آمنا لتعاطي المخدرات ، وقد وصلت الأمور إلي ذروتها بعد يناير 2011 حيث قام هؤلاء الخارجون عن القانون والبلطجية باحتلال عمارات كاملة ومصانع متوقفة ومحلات وفيلات فاستولوا عليها ، لولا تدخل الجيش الذي كان في موقف لا يحسد عليه وكذلك الأراضي التي انتهبت وسرقت عيانا جهارا ، ولو تحدثنا بالتفاصيل لأخبرتكم عما أصاب البنية التحتية من آثار مدمرة علي رأسها الصرف الصحي وأرصفة الشوارع ، وللأسف فإن بعض الفسدة ما يزالون حتي هذه اللحظة يمارسون لعبة رصف الطرق ووضع الأرصفة ثم إزالتها ، والعودة من جديد لنهب أموال الشعب بطرق ملتوية وما أكثرها وهنا لابد من التنبه سريعا إلي إحياء الأهداف الحقيقية التي من أجلها أنشأنا المدن الجديدة ، ولنطلق يد الشباب من هذه اللحظة ليقوموا بعملية التطهير تلك والتعاون مع أي جهة يمكن أن تنهض بالمدن الجديدة وتحفظها من السقوط في هوة المحليات ، ثم اليقظة التامة لكتائب الموظفين الذين يتفننون في عرقلة المستثمرين ووضع متاريس البيروقراطية أمامهم ومنهم الكثير الذين يجب فحص ملفاتهم لمعرفة هويتهم المخبأة واختبار مدي ملاءمة إمكاناتهم لمقتضيات عملهم الذي يمس عصب اقتصاد الوطن