أعلن د.سيد خطاب رئيس هيئة قصور الثقافة، عن موافقة مجلس ادارة الهيئة علي استغلال بعض المواقع لإقامة عروض سينمائية من قبل إحدي الشركات العاملة في هذا المجال وفقا للقواعد التي حددها المجلس، ومن أهمها ألا يتعارض هذا النشاط مع أنشطة المواقع الأخري، بالاضافة لوضع الشروط الخاصة بنوع الفيلم وتوقيتات العرض، وإضافة فيلم تسجيلي أو روائي قصير أو تحريكي قبل عرض الفيلم الروائي المقدم من قبل الشركة، وذلك في مقابل أن تلتزم الشركة بما قدمته من أن تعرض جميع الأفلام المصرية عرضا أول مع القاهرة، تركيب آلات العرض الديجتال وصيانتها، تحديد برامج العروض، الاستعداد التام لتركيب آلات العرض السينمائي في أي موقع يتم تجديده وتجهيزه في المستقبل، مع الالتزام بالشروط المالية. والمواقع التي سيتم فيها تشغيل العرض السينمائي هي: القناطر الخيرية، الاقصر، أسيوط، دمياط، الاسماعيلية، بورسعيد، الفيوم، قنا، كفر الشيخ، ودمنهور. الدكتور حسين حمودة، الناقد الأدبي، يري أن الاقتراح بوسعه أن يقدم جديداً ويصبح شيئاً نافعاً لإثراء الحركة الفنية والثقافية جنباً إلي جنب ويضيف : أتصور أن هذا الاقتراح يمكن أن يكون مفيداً علي أكثر من مستوي، فهو يعمل علي تنشيط الاهتمام بالسينما من ناحية ويوفر دخلاً للهيئة العامة لقصور الثقافة من ناحية أخري، كما أنه يشجع الجمهور علي ارتياد المراكز الثقافة ويضعها نصب أعينه فيتعرف علي أماكنها وقد يكرر زياراته لها مستقبلاً وهو ما يفيدنا كثيرا ً، فهي فرصة لمشاركة هذا الجمهور في أنشطة ثقافية أخري تقدم في هذه المراكز الثقافية. وعن دور الهيئة في هذا المشروع يقول حمودة : لابد وأن يرتبط هذا الاقتراح بوضع وتحديد دور الهيئة العامة لقصور الثقافة في اختيار الأفلام التي يتم عرضها وتقديمها في هذه المراكز الثقافية التي تدعو إلي التنوير والمعرفة وهي جزء من وزارة الثقافة المعنية بهذا الأمر. الكثير من الأفلام السينمائية المعروضة خلال السنوات الأخيرة لا تنتمي إلي السينما الحقيقية ولا تعرف دور الفن الذي يساعد علي ارتقاء الشعوب ويدفعها نحو التقدم والمعرفة والرخاء، ولكن هذه النوعية من الأفلام لم ترتبط إلا بشباك التذاكر الذي لا يهتم بدوره بالقيم الفنية للعمل السينمائي ولا يشغل باله كثيراً بالرسالة التي يريد العمل أن يصدرها إلي المجتمع. إن السينما صناعة عظيمة ولها دور بالغ الأهمية في المعرفة والتنوير ولذلك لابد وأن تكون للهيئة صفة اختيار المعروض من الأفلام، ولا يقتصر دورها علي تحصيل المقابل المادي فقط. هناك جانب لا أود إغفاله وهو جانب مهم جداً، وهو الجانب القانوني، حيث إنه فيما يخص الجوانب القانونية التي تتعلق بالاقتراح فهناك مستشارون قانونيون يستطيعون أن يقدموا المعلومات الكافية حول إمكانية ثم حول كيفية تنفيذ هذا المقترح وإخراجه للنور. الناقد المسرحي الدكتور حسن عطية قال : القاعات التي يتحدث عنها المقترح والتي تخص الهيئة العامة لقصور الثقافة كانت تستخدم في فترة السبعينات لعرض الأفلام السينمائية وذلك من خلال الهيئة نفسها. بمعني أن الهيئة هي التي تتولي عملية اختيار ما سيتم عرضه من الأفلام، وذلك لأنها تنتمي في النهاية إلي وزارة الثقافة التي يجب أن تقدم فناً جيداً. كانت هناك جمعية الرواد الثقافية وكان لها حساب بنكي تدخل إليه الأموال التي تتقاضاها الهيئة مقابل عرض الأفلام، فكان من السهل أن تنفق الهيئة العامة لقصور الثقافة علي القاعات والأنشطة المختلفة من خلال هذه الأموال، وإذا كانت هناك رغبة ونية لإعادة تنفيذ الفكرة وإحيائها من جديد فلابد أولاً من إعادة جمعية الرواد وحسابها البنكي، كما أن الفكرة لا يمكن القبول بها حال عدم وجود بند يسمح للهيئة باختيار الأفلام المعروضة. هذه كارثة، فنحن نري اليوم ما يحدث في دور السينما وما وصل إليه حال الفن الذي يتحكم فيه أشخاص لا يدركون ماهية الفن ومراميه النبيلة وقيمه التي يدافع عنها. لابد من الإشراف الكامل للهيئة علي هذا المشروع، وليس من المعقول ولا من المقبول أن تتحول هيئة قصور الثقافة بعراقتها وتاريخها الكبير والمليء بآيات العلم والمعرفة وذخائر الثقافة أن تتحول في نهاية المطاف لمجرد هيئة تأجير قاعات لعرض أفلام السينما، هذا كلام لا يصح فنحن نري الآن شبابنا الذي يحتاج منا إلي توعية ونصح وإرشاد وهذا لا يستقيم أبداً ولا يصبح له وجاهة إذا دخل هؤلاء الشباب مراكز الثقافة في الدولة ليشاهدوا أفلاماً تجارية لا تخاطب إلا شباك التذاكر فقط ولا يهمها إلا المنفعة المادية. نحن في النهاية جنود من أجل التنوير والمعرفة وإثراء الحركة الثقافية، وإذا قبلنا بأن تتحول الهيئة إلي مجرد مكان لتأجير قاعات عرض الأفلام مثلها في ذلك مثل قاعات الأفراح فذلك أمر لا يمكن التعاطي معه. الشاعر أحمد عبد المعطي حجازي تحدث عن الخلط بين وظائف الهيئات بعضها ببعض، وبحسب كلامه، فإن لكل منها وظيفة عليها أن تؤديها علي أكمل وجه ولا شأن لها بباقي الهيئات، وأضاف : الهيئة العامة لقصور الثقافة لها وظيفة معروفة ومحددة تختلف عن وظيفة الهيئات المعنية بصناعة السينما ودعمها وتنشيط الحركة الفنية بشكل عام. قبل مناقشة مثل هذا المقترح يجب أولاً مراجعة الكثير من الأوضاع وطرح حلول للكثير من المشكلات التي يجب أن تحل، ومن بينها ألا يتم الخلط بين عمل الهيئات ولا تتغول إحداها علي الأخريات. إن مشكلة الثقافة المصرية أوسع بكثير وأعم من هذا المقترح الذي لا يقدم حلولاً لمشكلات عاصفة تعصف بالثقافة ودورها في العلم والمعرفة. علينا أولاً أن نقوم بتقييم الأوضاع الراهنة وإصلاح ما يمكن إصلاحه وإضافة ما يجب أن يضاف والتنازل عن الأشياء التي يجب أن نتخلي عنها فلا ضرورة من وجودها ولا نفع يرجي من بقائها، ولذلك فمن الواجب إسقاطها من الحسابات تماماً، لأنه تبين أمام الجميع وبما لا يدع مجالاً للشك، أن هناك سياسات خاطئة وتصورات ملتبسة تحتاج إلي من يعيد النظر فيها، ولا أتحدث هنا عن أشياء بسيطة بل سياسات عامة واتجاهات. لقد بات لزاماً علينا أن نتخلي عما ثبت فساده وعدم صحته من تصورات وسياسات ولا نتعالي علي ذلك كي نبدأ السير في الطريق الصحيح، لأن الوضع الثقافي لم يعد لائقاً بالشكل الكافي ويحتاج الأمر إلي إعادة النظر بشكل شامل.