وصلت جماعات مشجعي الرياضة من الشباب المسماة بالألتراس إلي حد لا يحتمل.. ولا يجب السكوت عليه.. لأن السكوت بعد كل تلك التجاوزات يعني أن الدولة غير قادرة علي ردعهم وهم يخربون ويثيرون المشاكل مع كل حدث رياضي. المسئولية الأولي في تطور تلك الظاهرة المؤسفة تعود إلي الأندية نفسها.. خاصة الأندية الجماهيرية التي احتضنت تلك المجموعات من الشباب في البداية لهدفين.. أولهما طيب وهو عودة الجماهير إلي المدرجات بعد أن ابتعدت الجماهير الحقيقية عنها بسبب مشقة الذهاب إلي الملاعب.. وخطف التليفزيون جماهير الملعب إلي الصالونات والمقاهي.. أما الثاني فهو خبيث وهو مؤازرة مجلس الإدارة الموجود ضد منافسيه.. أو توجيهها إلي سب المنافسين والحكام والإعلاميين. ثم جاءت ما نسميه ثورة يناير لتضع الشباب في مقدمة الصورة بعد النجاح في إسقاط رئيس ونظام فكان الهدف التالي هو إسقاط الدولة نفسها.. ووجهت جماعات الألتراس سهامها وسبابها إلي مؤسسات الدولة ورموزها والجيش والشرطة.. واستغلتها بعض الجماعات السياسية الرسمية أو السرية أو المحظورة لتكون أداتها في تحقيق هذا الهدف. سواء في المظاهرات التي ملأت الشوارع والميادين خلال سنوات اللااستقرار.. أو في التصرفات الحمقاء والهتافات البذيئة في مدرجات الملاعب التي من المفترض أن تكون مكانا للمتعة والاستمتاع بالرياضة. ولا شك أن التعامل الأمني مع هؤلاء لم يكن حكيما.. إما القوة الجادة.. أو التساهل اللين.. ضرب بالعصي والقنابل المسيلة للدموع.. أو تسريبهم إلي المدرجات ليفعلوا ما يفعلونه.. لم يكن هناك أمر وسط.. ولم يطبق القانون.. ولم توضع آليات لكبح جماح هؤلاء الشباب الموتورين.. وهم في قرارة أنفسهم يشعرون أنهم أقوي من الدولة.. ولا شيء يمكن أن يقف أمامهم. ربما يتعاطف البعض مع شباب فقدوا زملاءهم وأصدقاءهم في الملاعب خاصة في بور سعيد منذ أكثر من أربع سنوات.. أو في ملعب الدفاع الجوي منذ أكثر من سنتين.. وحتي الآن لم نعرف المسئول عن الكارثتين التي راح فيهما نحو مائة ضحية بريئة.. ولم يصدر حتي الآن حكم رادع ضد المتسببين المتهمين.. ولا شك في أن تأخر الحكم حتي الآن يثير المزيد من الاحتقان. ولكن لا أحد يمكن أن يتعاطف مع هؤلاء الشباب الموتور الذي يتعمد إفساد الرياضة في مصر.. ويسيء إلي الدولة والجيش والشرطة والمنافسين بهذه البذاءة وقلة الأدب. وقد يصل الأمر إلي تجاوزات غير مقبولة من خلال اللوحات التي يرفعونها أو الهتافات التي يرددونها أو تحطيمهم للملاعب والسيارات والمرافق العامة في كل مباراة يحضرونها. وبالطبع فان هذا هو السبب الرئيسي وراء منع الجماهير من المدرجات.. وكلما يقترب الأمل في عودتها يحدث ما يلغي التفكير في الأمر. حرام أن تكون مدرجاتنا خالية من الجماهير في المباريات المحلية.. ووجود جماهير محدودة في المباريات الأفريقية ومباريات المنتخب.. ليست هناك دولة واحدة تفعل ما نفعله.. حتي الدول التي تعاني من الحرب الأهلية والانقسامات الداخلية. ولكن شباب الألتراس المهووسين لم يتركوا بابا واحدا يمكن أن يدخل منه أمل عودة الجماهير إلي المدرجات. تفوق شباب ألتراس أهلاوي هذه المرة علي نفسه.. ثار علي فريقه الفائز ببطولة الدوري.. وسب لاعبيه ومدربهم لمجرد خسارته بطولة كأس مصر أمام الزمالك الذي كان الأفضل والأحق.. وخروجه من دوري أبطال أفريقيا التي لم يكن يستحق الاستمرار فيها أمام منافسين أقوي منه.. معني هذا أن المسألة لم تعد رياضة.. لأن الرياضة فوز وهزيمة.. وليس هناك فريق يفوز علي الدوام.. والجماهير الوفية لابد أن تقف وراء فريقها في الفوز والهزيمة.. في الحلوة والمرة.. ولابد أن نوجه التحية إلي جماهير الزمالك التي تحملت غياب فريقها عن البطولات لأسباب عديدة.. وهو فريق بطولات محلية وأفريقية يستحق عليها لقب نادي القرن. تعلموا من جماهير الزمالك وقوفهم خلف فريقهم.. ولا تجعلوا التعصب الأعمي يبعدكم عن التشجيع المثالي.. وحاولوا أن تعيدوا الأمل في أن تعود الجماهير النظيفة إلي المدرجات بدلا من أن نكون أضحوكة العالم. لا تكونوا جماعة منبوذة.. أو محظورة.