شاركت دار الإفتاء المصرية في الاجتماع الأول للفريق التشاوري الإسلامي العالمي لاستئصال شلل الأطفال والذي أنعقد في 26-27 فبراير 2014 م بمدينة جدة بالمملكة العربية السعودية، وذلك برعاية مشتركة من الأزهر الشريف، ومجمع الفقه الإسلامي، ومنظمة التعاون الإسلامي، والبنك الإسلامي للتنمية.ومثل دار الإفتاء في الاجتماع مدير إدارة الفتوي المكتوبة الدكتور محمد وسام خضر، عضو الفريق التشاوري، وعضو اللجنة التحضيرية له.وأكد مدير الفتوى المكتوبة على أن تطعيم الأبناء والبنات ضد شلل الأطفال واجب شرعي على الآباء والأمهات لا يجوز لهم التفريط فيه؛ لأن فيه استنقاذا لحياتهم وحماية لصحتهم، وكفى بالامتناع عن ذلك إثما وتضييعا للأمانة؛ فإن في ترك التطعيم تعريضا للإصابة بهذا المرض الفتاك، والنبي صلى الله عليه وآله وسلم يقول: »كفى بالمرء إثما أن يضيع من يعول«، ولا شك أن وزر إصابة الأطفال بهذا المرض ينال أصحاب الفتاوى المضللة التي تحرم التطعيم.وأشار الدكتور محمد خضر إلى أن المشاركة في الوقاية والقضاء على شلل الأطفال وغيره من الأوبئة الفتاكة هو واجب شرعي على كل من يستطيعه، وهو من أنبل الأعمال وأكثرها ثوابا عند الله تعالى؛ لأنه فيه حماية للطفولة، وحفاظا على صحتها، وإحياء للنفوس، والتفرغ له نوع من الجهاد في سبيل الله، والنبي صلى الله عليه وآله وسلم يجعل السعي على الضعفاء جهادا؛ فيقول فيما رواه الشيخان وغيرهما عن أبي هريرة رضي الله عنه: «الساعي على الأرملة والمسكين كالمجاهد في سبيل الله، وكالقائم لا يفتر، وكالصائم لا يفطر»، فكيف بمن يجعل شغله الشاغل التصدي للأمراض الفتاكة ويتحمل في سبيل ذلك المصاعب والمشاق.وندد فضيلة الدكتور خضر بشدة الأعمال الإجرامية التي يهاجم ويقتل فيها موظفو المنظمات الصحية العالمية مع تحملهم المشاق في سبيل حماية الأطفال من الأمراض، والشرع الشريف يعطي أجر الشهيد لجالب الطعام إلى أمصار المسلمين؛ وذلك فيما روي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم من قوله: « من جلب طعاما إلى مصر من أمصار المسلمين كان له أجر شهيد »، فكيف بمن يسعون في حماية الناس من الأمراض الفتاكة والأوبئة القاتلة بجلب الأدوية والأمصال إليهم في مختلف الأمصار، معرضين أنفسهم للمخاطر والهلكة.كما استنكر فتاوى تحريم التطعيم التي تتناول هذه المسائل بغير هدى من الله، ولا تعدو أن تكون كذبا على الله ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم، قائلا لأصحابها: اتقوا الله في الطفولة، فلقد سئمنا تلك الصورة الشوهاء التي يحاول البعض رسمها عن الإسلام ونبي الإسلام - ظلما أو جهلا - في وأد الطفولة والإضرار بها، إلى الدرجة التي ينسب فيها إلى الشريعة وجوب ترك هذا الوباء يستشري بين الأطفال إهلاكا وتشويها، مع أن السنة النبوية قد بلغت الغاية والسمو في رعاية الأطفال والرحمة بهم وحمايتهم؛ حتى رأينا الطفولة ترجئ الأحكام وتوقفها في كثير من الأحوال؛ رعاية لضعفها، وتوفيرا لحاجتها.