بجسد رشيق ووجه وسيم وابتسامة جاذبة وظفها المخرجون في أدوار الشرير الأنيق غالبا أو البطل الطيب نادرا أو صديقه الناصح أحيانا عرفنا كمشاهدين سعيد عبد الغني 1983- 2019 الممثل المجتهد الذي فارقنا في نهاية الأسبوع الماضي بعد حياة حافلة قدم خلالها أكثر من 421 عملا كانت السينما هي أحد عناوينها "تألق علي شاشتها وبفضلها حصد الجوائز مثل إحنا بتوع الأوتوبيس وأيام الغضب وكان من نجوم التليفزيون المألوفين نجما أو دورا مساعدا في المسلسلات والسهرات مثل -الغربة والمعدية" وعلي المسرح نتذكر له تجارب مهمة مثل المهزلة ليوسف إدريس.. نقول اسمه ويتبادر إلي أذهاننا علي الفور وجهه بشعر رمادي يميل إلي البياض وبعيون داكنة وجفون منتفخة "ألفناه ممثلا..لكنه - أيضا وقبلا - صحفيا بالأهرام ثم ناقدا فنيا ومسئولا عن صفحة السينما بالأهرام المسائي والمدهش أن الصحافة كانت مشهده الأول في السينما.. في فيلم العصفور 2791 ليوسف شاهين يظهر في مشهد قصير صحفي يرتدي تيشيرتًا أبيض ويتحدث إليه يوسف "صلاح قابيل" بغضب عن مقاله المرفوع من المطبعة ..هذا هو الظهور الأول لسعيد عبد الغني في السينما وكأن الصحافة تصر أن تكون بوابته إلي الفن سواء بفرقة مسرحية كونها من زملائه بالجريدة أو عبر دوره السينمائي الأول. كتب يوما أن الشرير والمحب والمحبوبة مثلث درامي يأخذ أشكالا جديدة وأبعادا شخصية يخلقها المؤلف ويبدع في الدخول في أعماقها ويعيش الممثل شخصية جديدة تبهر المتفرج ولعل هذا بالضبط كان رهانه كممثل سواء أسعده الحظ بدور المحب في بعض الأحيان أو كان الشرير بتنويعاته ودرجاته في أحيان أكثر.. كان يبحث عن شخصيات جديدة قدم دور الغني أكثر من الفقير والشرير أكثر من الطيب وصديق البطل أكثر من البطل.. يلعب الدور ونقيضه.. كنت تراه ضابطا في فيلم وخارجا عن القانون في آخر.. يقدم شخصيات تاريخية كأيبك في مسلسل الفرسان وأحمد حسنين باشا في مسلسل "أم كلثوم" بتميز وراءه ثقافة.. كان حرصه علي التنوع يقوده لأعمال هامة لكنه يقع به في أخري ضعيفة..فتجده ممثلا جادا علي مسرح الدولة ثم يشارك في المسرح التجاري.. لا نستطيع أن نفسر تذبذب اختياراته فكلامه عن نفسه قليل يندر أن تجد للممثل حوارات فبعكس الناقد والصحفي الفني.. هل قصد ذلك ليترك لكل مشاهد حرية تصوره كما يحب.. ففي وسط تصنيفات الأنجح والأشهر والأذكي والأوسم يقنع سعيد عبد الغني بالأبسط ولكنه من موقع الناقد يناقش ويحذر ويوجه سلاح الكلمة المهذبة لمصلحة السينما "لذلك أحب زملاؤه الفنانون الناقد مثل الممثل. علي خطواته سار الابن أحمد سعيد الغني.. ورث الكثير من حظ والده في الوسامة ونوعية الأدوار وربما القناعة لا ينشغل بالصدارة أو ينخرط في منافسة جيله.. طوال عمره كان سعيد عبد الغني هادئا وسط الأضواء"يجمع بين الفن والصحافة وعندما أبعده المرض عن الفن ثم الصحافة.. كان القدر يدخر له ظهورا أخيرا عام 2017 علي المسرح حيث بدأ هاويا هذه المرة يقف عليه لينال جائزة الريادة الفنية من مهرجان المركز الكاثوليكي للسينما.