الجميع يعلم أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ينظر إلي حدود بلاده علي أنها تمثل تهديدا خطيرا في المقام الأول حيث يري أن من خلالها يمكن تبادل قوي الظلام التي تتمثل في المجرمين والإرهابيين والمخدرات. لهذا يري ترامب أن الحل يكمن في إغلاق الحدود بإحكام قدر الإمكان من خلال "جدار كبير وجميل" حسب وصفه, حيث يمكن الجدار أن يعيد السيادة والعظمة للإدارة الأمريكية وفي الوقت نفسه يستمر نهج تضييق الخناق حول الطرق القانونية للدخول إلي الولاياتالمتحدة. أولئك الذين ينظرون إلي الحدود كمصدر للخطر والفوضي غالبا ما تراودهم فكرة بناء جدار يمتد لآلاف الأميال ولا يمكن اختراقه, لكن الفكرة القائلة بأن الطوب وقذائف الهاون يمكنها حل سلسلة التحديات التي تجلبها الحدود هي وهم خطير فإن عزل الأمة عن العالم الخارجي أمر غير ممكن ومرغوب فيه. نشرت صحيفة "ذا جارديان" البريطانية مقالا يقول فيه الكاتب إن وجود حاجز لا يمكن اختراقه لن يفعل سوي القليل لمعالجة التحديات الحقيقية علي الحدود الأمريكية وأهم هذه التحديات وصول مئات الآلاف من لاجئي أمريكا الوسطي في السنوات الأخيرة كما يسافر الكثيرون كمجموعات عائلية يسلمون أنفسهم طواعية إلي السلطات الأمريكية للتقدم بطلب اللجوء وحتي إذا كان هناك جدار يمكن أن يمنعهم من عبور الحدود فإنهم لا يزالون مؤهلين قانونيا لطلب اللجوء فلن يمنعهم وجود الجدار. كما أن الحاجز لن يفعل أي شيء حول ما تصفه إدارة ترامب "بالصيد والإفراج". وهي الممارسة التي يتم بموجبها إطلاق سراح اللاجئين إلي الولاياتالمتحدة أثناء انتظارهم لجلسة طلب اللجوء. يعاني نظام محكمة الهجرة من تراكم أكثر من 800.000 حالة حيث يحتاج إلي المزيد من الموظفين والموارد لإعطاء طالبي اللجوء انتخابات عادلة وسريعة. تقول الصحيفة إن مؤشر عدد السكان غير المصرح لهم في الولاياتالمتحدة في انخفاض. وتقع المخاوف علي الحدود الجنوبية عند أدني مستوياتها منذ عدة عقود كما أن معظم المهاجرين غير المصرح لهم يتجاوزون تأشيراتهم المؤقتة بدلا من عبور الحدود الجنوبية بطريقة غير مشروعة, لهذا من غير المحتمل أن يكون للجدار تأثير كبير علي عدد الأشخاص الذين يوجدون بشكل غير قانوني في البلاد. هناك فرصة ضئيلة لأن يوقف الجدار الحدودي تدفق المخدرات غير المشروعة إلي الولاياتالمتحدة. وكما تعترف وكالة مكافحة المخدرات. فإن الغالبية العظمي من العقاقير المخدرة التي تدخل البلاد تفعل ذلك من خلال المداخل القانونية المخبأة بين حركة المرور المشروعة. وبعيدا عن إغلاق أو إبطاء التجارة المشروعة مع المكسيك التي تقدر بمئات المليارات من الدولارات سنويا. لا يمكن فعل الكثير لإيقاف هذا التدفق. ثم يتساءل الكاتب ماذا عن الإرهابيين الذين يهددون أمن أمريكا من خلال التسلل عبر المكسيك؟ لن يساعد الجدار في هذه المشكلة أيضا حيث لا وجود لها داخل تصورات مسئولي الإدارة. يأتي التهديد الإرهابي الرئيسي الذي تواجهه الولاياتالمتحدة اليوم من المتطرفين المحليين ولن يفعل الجدار الحدودي أي شيء للمساعدة في ذلك أيضا. من الخطأ اعتبار الحدود مجرد مصدر تهديد. بدلا من كونه المكان الذي يمكن أن تصبح فيه الولاياتالمتحدة أقوي من خلال تفاعلها مع العالم الخارجي. إن الوفاء بالالتزامات القانونية والأخلاقية تجاه اللاجئين يسمح للولايات المتحدة بإظهار التزامها بشكل مثالي أمام للعالم, كما أن التجارة عبر الحدود تقوي الاقتصاد الأمريكي والسلام الإقليمي.