لا أدري سببا لتغافل وسائل الميديا المختلفة عن إبراز حكمين قضائيين مهمين صدرا في الفترة الأخيرة» يختص أحدهما باعتصام رابعة العدوية وما جري فيه من وقائع.. أما الآخر فيقضي بمصادرة أموال جماعة الإخوان الإرهابية..ومجمل حيثيات الحكم يلقي ضوءاً كثيفاً علي مدي خطورة جماعة الإخوان. وحجم أموالها المهولة التي يجري استخدامها في تمويل الإرهاب وعملياته التخريبية والإجرامية وشراء السلاح وتدريب الكوادر وتجنيد الشباب.. تسليط الضوء علي هذين الحكمين الصادرين عن محكمة الجنايات في رأيي ينطوي علي عدة فوائد» أولها أنه سينشط الذاكرة الجمعية ويجعلها متوقدة حذرة لا تنسي جرائم الإخوان وتاريخهم الأسود منذ تأسيسهم في ثلاثينيات القرن الماضي.. وثانيها أنه سيبطل مفعول آلة الشائعات الإخوانية التي تعمل بكفاءة لتشويش الوعي عبر مواقع وفضائيات لا تكف عن بث السموم ونشر الأكاذيب.. وثالثها أنه سيقطع الطريق علي أعداء مصر الذين لا يكفون عن ممارسة الابتزاز والضغوط علي الدولة انطلاقاً من المظلومية التي يجيد الإخوان وأعوانهم تصديرها والبكاء عليها وآخرها بكاء قنوات الإخوان الإرهابية بعد القبض علي هشام عشماوي أخطر الإرهابيين المطلوبين للعدالة والذي ارتكب جرائم كثيرة في حق الدولة وأشهرها حادث الواحات واغتيال النائب العام.. وفي المقابل يعطي الحافز لمقاومة الإرهاب وداعميه بحسبانه الخطر الأكبر الذي يستهدف البلاد والعباد ومقومات التنمية والمستقبل.. ومن ثم كان حرياً بإعلامنا أن بحتفي بهذين الحكمين بحسبانهما عنوان الحقيقة لكونهما صادرين عن قضائنا النزيه الشامخ. مشفوعين بالأدلة والقرائن وما استقر في عقيدة المحكمة التي تقضي بما عندها من الوقائع والبراهين .. صحيح أن عامة الناس لم تعد تصدق أو تثق فيما يصدر عن جماعة الإخوان الإرهابية التي فقدت قدرتها علي الحشد والتعبئة والتحريض ضد الدولة حتي داخل دائرتها الضيقة وبين أنصارها والمتعاطفين معها ..لكن ذلك لا يعطي مبررا للاستهتار أو الاسترخاءأوالتغافل عن الخطورة الكامنة وراء أفكار الجماعة التي لا تزال تجد طريقها إلي فكر المنتمين إليها الذين لا يكفون عن تسميم عقول الشباب واستمالتهم بطرق شتي في بيئة لا تزال حاضنة للأسف وقابلة لتداول هذا الفكر مرة أخري ما دمنا علي طريقتنا القديمة في معالجة الفكر الديني ومنظومة التعليم التي لم تكتمل فعاليتها بعد. وحين نتتبع الخط الفكري لجماعة الإخوان الإرهابية وتاريخ تنظيمها السري والعلني نقول بوضوح إنه لا أمان لها فهي التي تآمرت ضد ناصر. واغتالت السادات يوم احتفاله بذكري النصر وهو الذي أخرجهم من السجون وأطلق أيديهم في الجامعات والمدارس في مواجهة اليسار..ولم يتركوا نظام مبارك حتي دقوا المسمار الأخير في نعشه ..وكانوا في ذلك كله كارهين لمصر وانتصاراتها وأفراحها لذلك فإن تذكير الناس بجرائمهم أمر ضروري يحتم علينا جميعاً أن ننهض به. إذ لا يزال التنظيم الدولي للإخوان وأعوانه في الخارج يخططون لزعزعة استقرار مصر وهو ما يقتضينا الانخراط في مسلكين متوازيين بدقة ويقظة دائمة» أولهما تعرية جماعة الإخوان وفضح ممارساتها بالفكر والبرهان وعدم الاكتفاء بالمواجهة الأمنية فقط رغم أهميتها الكبري وإحراز الدولة نجاحات ملموسة فيها.. وثانيهما بذل أقصي الجهد لاحتواء الشباب الذي يمثل أكثر من 60% من تعدادنا السكاني.. وظني أن المؤتمرات التي يحضرها الرئيس مع الشباب بانتظام تمثل خطوة بالغة الأهمية في التحاور معهم والإصغاء لأفكارهم وهمومهم وتطلعاتهم إدراكا منه بضرورة فتح قنوات اتصال مباشرة معهم. إذ هم متعطشون لكل رأي مقنع مستنير ولكل معلومة صادقة..كما أن المبادرة الرئاسية لتدريب الشباب وتأهيلهم ثم دفعهم للمراكز القيادية في الأجهزة الحكومية تعمل علي بناء وإنتاج نخبة شبابية واعية تصلح لقيادة المستقبل بالعلم والمعرفة.. ويبقي أن تبني الحكومة علي ما بدأه الرئيس وأن تترجم جهوده وطموحه إلي واقع يعم شباب مصر في شتي ربوع الجمهورية حتي نفوت الفرصة علي أعداء مصر هنا وهناك. لقد عبر بنا الرئيس السيسي نفقاً مظلماً كبيرا حفره أهل الشر والإخوان وأعوانهم لإسقاط مصر في براثن الفوضي والتقسيم وهو المشروع الذي لا يزال يراود أصحابه وأعوانهم من الخونة. ذلك النبت الخبيث الذي خرج من الرحم المصري وسوف يتخلص منه كما ينفي الحديد الخبث بعد أن تجف ينابيع التمويل ليذهبوا إلي حيث يستحقون غير مأسوف عليهم. لقد بدأت مصر تغييرات كبري لإصلاح ما فسد في عهود سابقة لاسيما ما يخص بناء الإنسان» عقله وضميره ووجدانه وأخلاقه لإجهاض كل محاولات الجماعة الإرهابية وكسر أهداف الداعمين للإرهاب وصانعيه الذين لا يرجون لمصر خيراً. ولا يرضيهم إلا أن تسقط وتركع وتخضع لحكم الإخوان والدواعش.. ولا تزال هناك دول تفتح ذراعيها حتي الآن لحماية الإخوان وما يدور في فلكهم من تنظيمات إرهابية بهدف تهديد أمن مصر وزعزعة استقرارها. ما جاء في حيثيات محكمة الجنايات فيما يخص اعتصام رابعة ومصادرة أموال الإرهابية يستحق التأمل والتنبه لخطورته حيث قالت المحكمة بوضوح : "يخطيء من لا يري أن مصر تخوض حرباً ضد إرهاب منظم تدعمه دول وجماعات بعينها. لإضعاف البلد. وأن ثورة 30 يونيو زلزلت عرش الإخوان فحاولوا الانتقام من الشعب لقيامه بثورة قضت علي آمالهم فخرجوا للتصدي للحراك الوطني بمخططات إرهابية لم تتوقف. خرجوا علي الشعب بوجههم القبيح تملأ صدورهم مرارة الهزيمة وتكتظ بالغيظ ويشهد حالهم بأنهم ما خرجوا إلا ليثأروا" .. وانتهت المحكمة إلي إدانة المتهمين ومعظمهم من قيادات الإخوان بارتكاب جرائم تضر بأمن البلاد وتعرض سلامة المجتمع للخطر فكان لزاماً علي المحكمة أن تقضي بحرمان المحكوم عليهم من إدارة أموالهم وأملاكهم...". وقالت المحكمة أيضاً: "إن الإرهاب الذي تتعرض له مصر هو إرهاب عالمي وإقليمي تقف من ورائه دول وتنظيمات تمويلاً وتدريباً وتتخذ من الدين الإسلامي الحنيف شعاراً لأفعالها المرفوضة والملفوظة والتي لا سند لها في صحيح الدين الإسلامي. وأن تلك الدول التي تقوم علي تدريب وتمويل الإرهابيين تعمل أيضاً علي تجنيد الشباب في تلك التنظيمات الإرهابية من خلال وسائل إعلامها ومواقعها الإلكترونية التي تستخدمها كمنصات لنشر الفكر الإرهابي. ولسوف تنجح الدولة في حربها ضد الإرهاب في ظل الإستراتيجية الشاملة التي وضعتها لحصار الإرهاب وضرب جذوره واقتلاعه والقضاء عليه". ولم تنس المحكمة أن تناشد رجال الدين الإسلامي والمسيحي القيام بواجبهم الوطني لاستنقاذ الشباب من براثن الجهل والجماعات المتطرفةالتي تجيد استخدام وتوظيفالتطورات السريعة والمتلاحقة لوسائل تداول المعلومات ومواقع التواصل الاجتماعي لنشر الأفكار المتطرفة بسرعة فائقة وتجنيد الشباب.