ما حدث في اليمن خلال الأيام الماضية ينذر بخطر بالغ علي الدول العربية جمعاء ولا ينبغي التهوين من شأنه بتوقعات وتحليلات ساذجة من هنا أو هناك. فلا توجد قيادة يمنية يلتف حولها اليمنيون الآن لمقاومة أطماع وأهداف ايران التوسعية التي تنفذها ميلشيا الحوثي علي الأرض في اليمن. كل المؤشرات تؤكد أن الرئيس اليمني الشرعي عبد ربه منصور هادي غير قادر عمليا علي جمع شتات اليمنيين ولا يستطيع أن يقود المقاومة وهو هارب في دولة عربية شقيقة ولو دخل اليمن سيكون مصيره نفس مصير علي عبدالله صالح وأنصار صالح وعائلته أصبحوا أضعف من مواجهة الحوثيين فقد هربوا من حماية منزله في الصباح الباكر وتركوه وحده يواجه مصيره قبل قتله بساعات!! اذن الوضع في اليمن تحول من السيئ الي الأسوأ وهو ما يفرض علي الدول العربية جمعاء أن تضغط من خلال الدول الكبري والمنظمات الدولية لحماية اليمن من الأطماع الايرانية. فإيران تستهدف السيطرة علي الدول العربية السنية واحدة بعد الأخري. فبعد لبنان أصبحت الآن تسيطر علي سوريا واليمن ولها أذرع في بعض الدول الخليجية تستخدمهم وتدعمهم لتحقيق أهدافها.. ومصر بالتأكيد ليست بعيدة عن أطماع ايران.. ولكن هيهات. *** دائما كان كبار علماء الأمة يدعون الي فتح حوار بين السنة والشيعة في محاولة لاشاعة السلام بين الطائفتين المسلمتين والقضاء علي محاولات الاستقطاب ووقف الأطماع الشيعية في البلاد السنية. ولكن للأسف كان البعض يعتبر هذا الحوار خيانة للاسلام وللوطن مع أننا نتحاور مع المخالفين لنا في العقيدة وندعم هذا الحوار بكل الوسائل لتحقيق السلام ووقف الصراع والتقاتل وكان هذا الحوار في حالة دعمه ووضع أسس له كفيل بعدم تحويل الصراع الفكري والاختلاف المذهبي الي صراع سياسي ورغبة في السيطرة والاستحواذ كما نري الآن من جانب الايرانيين الذين يوظفون حالة العداء لهم في تبرير ما يفعلون في بعض البلاد العربية. ***** لابد أن نعترف أن الحملة العسكرية علي اليمن لم تحقق النتائج المرجوة حتي الآن فقد كان الحلفاء يتوقعون أن علي عبدالله صالح والحوثي سيعلنون الاستسلام بعد ساعات من بدء استهداف طيران التحالف للمنشآت العسكرية علي أرض اليمن ولكن هذا لم يحدث ودخلت ايران علي الخط وقدمت السلاح للحوثيين وكانت النتيجة دمار وخراب اليمن علي غرار ما حدث في العراقوسوريا وليبيا ولم ينتصر طرف علي آخر وعمت الفوضي في البلاد وما يحدث من تقاتل بين اليمنيين الآن ينذر بمزيد من الدمار والخراب ومزيد من السيطرة الايرانية علي مفاصل الدولة اليمينة. السؤال المهم هنا: هل يمكن استعادة أجواء الحوار الذي دعا اليه كبار علماء الأمة من جديد للتهدئة ووقف القتال وانقاذ من تبقي من اليمنيين؟ هل يمكن أن يكون لكبار العلماء دور في وقف هذا القتال الدموي والجلوس علي مائدة الحوار لكي يتعايش المسلمون السنة مع الشيعة في اليمن وغيرها من البلاد العربية في سلام لأن ما يحدث من قتل وخراب الآن يصب في صالح العدو الحقيقي للعرب والمسلمين جميعا وهو اسرائيل؟ بالتأكيد.. اسرائيل والقوي التي تدعمها وفي مقدمتها أمريكا سعيدة جدا بما يحدث علي أرض اليمن وسوف تكون سعيدة أكثر لو تصاعدت المواجهة بين دول التحالف الاسلامي بقيادة السعودية وبين مليشيا الحوثي المدعومة من ايران لأن استنزاف طاقات وامكانات وقوة الطرفين في صراع طائفي يحقق كل أهداف الدولة العبرية. فهي تستمد قوتها من ضعفنا واهدار مواردنا وتفرق صفوفنا.. وتقاتلنا يحقق لها أسمي أمانيها. فهل نعي هذه الحقيقة وندرك المخاطر التي تحيط بنا ويتحرك العقلاء لاحتواء ما حدث في اليمن ويبحث عن مخرج حقيقي من الأزمة اليمنية.. مخرج يحقن الدماء ويوقف الخراب ويجلس الفقراء علي مائدة حوار بضغط دولي للوصول الي صيغة للتعايش السلمي بين اليمنيين؟ ***** أعود هنا الي الوضع المصري لأؤكد من جديد أن ما نشهده من اضطرابات سياسية وكوارث أمنية وحروب وتقاتل في العديد من البلاد العربية وحالة الضياع التي تعيشها تلك البلاد يدفعنا نحن المصريين الي الوقوف صفا واحدا خلف الدولة المصرية بقيادتها ومؤسساتها الأمنية التي تقدم تضحيات كبيرة لحماية البلاد والعباد من الأخطار التي تعيشها العديد من البلاد العربية. نحمد الله أن لدينا أقوي جيش في المنطقة العربية وأن قدراته القتالية تتضاعف لمواجهة كل الأخطار التي تحيط بمصر من كل الاتجاهات.. ونحمد الله أن جهاز الشرطة المصرية صامد ويواجه محاولات اضعافه ويتصدي لكل صور وأشكال الجريمة داخل المجتمع المصري..كما أنه يتصدي للعناصر المأجورة من الداخل والخارج. الدولة المصرية ستظل في أمان بفضل تكاتف المصريين ووعيهم بالمخاطر التي تحيط بنا من كل جانب.. فالحمد والشكر لله علي نعمة الأمن والاستقرار في مصر. نعم.. مصر مستقرة أمنيا رغم الجرائم الارهابية الخسيسة التي تفجعنا من وقت لآخر.. ومصر مستقرة سياسيا رغم أنف الحاقدين الذين يحاولون تشويه مسيرة الدولة في كل مكان.. ومصر مستقرة اجتماعيا رغم شكوي الكثيريين من صعوبة المعيشة.. والي جانب كل ذلك استقلال "قرار مصر" فليس علي رأسنا بطحة ولا نطأطيء الرأس لأحد ونحتفظ بعلاقات متوازنة مع القوي التي تحكم وتتحكم في عالم اليوم. مصر ستظل بخير رغم أنف الحاقدين.