* هل لابد أن نري الموت بأعيننا لكي نتضامن معا ونسارع لمساعدة بعضنا البعض. ويظهر كل منا ما يستطيعه في خدمة الآخر. أو علي الأقل في الجهر بمشاعره والإعلان عن رفضه ومقته لما يحدث لغيره من أبناء الوطن.. أقول هذا بعد حادثي تفجير كنيستي طنطاوالإسكندرية.. وتلك القنابل التي عثر عليها الأمن في أماكن أخري وفككها في هجوم ثأري إجرامي بعد أيام قليلة من تحرير جيش مصر لجبل الحلال من الاحتلال الإرهابي له وهكذا قرر من طردوا من الجبل الثأر من المصريين عامة. أطفالا ونساء ورجالا. وكان أقرب موعد لهم هو احتفال "أحد الزعف" الذي يسبق عيد القيامة بأسبوع واحد عند المصريين الأرثوذكس لم أبك وحدي لمشاهد الموت والرعب داخل كنيسة مار جرجس بطنطا أو مشاهد الجثث خارج الكنيسة المرقسية بالإسكندرية وانما بكي معي الكثيرون من أصدقائي ومعارفي وأخوتي في الوطن الذين رأيتهم علي شاشات التليفزيون علي مدي أكثر من عشرين ساعة قضيتها أراقب ردود الأفعال وقت سماعي بنبأ الأنفجار الأول صباح الأحد الماضي.. لم أغضب وحدي مما حدث وانما غضب معي كثيرون جدا قرأت كلماتهم علي الصفحات الإلكترونية وكان لدي هاجس ملح بين تصديق هذه المشاعر والسلوكيات والكلمات الحزينة والرافضة للإرهاب والقتل وبين تصديق فريق من الناس يري انه علي المسيحيين الانسحاب من الحياة العامة في مصر لأنهم يدفعون دائما فاتورة الإرهاب الذي يطاردهم عبر تفجيرات الكنائس أو رفض صلاتهم نفسها في بعض مناطق الصعيد بينما يقف فريق ثالث من الناس شامتا فيما يحدث إما لأنه موال للإرهابيين فكريا أو رافض لبعض الإجراءات التي اتخذتها الدولة فأصبحت حياته أصعب.. ووضع غضبه في خدمة الإرهابيين بشماتته في مواطنيه الذين طالهم الموت والإصابة.. هذ الفرق الثلاثة لا يمكن الادعاء بعدم وجودها ولكن الانحياز إلي حزب الأغلبية فيها ضرورة أي الفريق الأول الذي يرفض الإرهاب ويرفض الهجوم علي اخوته وكنائسهم ويقف طوابير للتبرع بدمائه لجرحاهم ويذهب لمواساتهم في سراقات العزاء ويقدم جهده ووقته برضاء ومحبة للوقوف معهم وهؤلاء هم الحزب الذي اخترته أنا وكل من أعرفه من زملاء وأصدقاء بل أقرباء ومعارف. بكل الوسائل تواصلنا باحساس جارف بأن مصيبتنا واحدة وألمنا واحد ومصيرنا واحد. فمن وضع القنابل في الكنائس سوف يضعها في المساجد بل أن بعضها وضع بالفعل ومن يطمع في الاستيلاء علي بلدنا لن يتركنا في حالنا. مسلمين كنا أو مسيحيين والأمثلة حولنا كثيرة في سوريا والعراق تحديدا ولهذا ومع كل الألم مازال لدي قدر من التفاؤل بأن حزب الأغلبية الذي يدرك أن وطنه لابد أن يبقي ويحتضن أبناءه المحبين سينتصر أما الكارهون لهذا الوطن فلماذا لا يرحلون.. لأننا سنقاوم إرهابهم حتي آخر نفس. تغطيات .. وشاشات * علي شاشات عديدة استطاع العديد من معدي ومقدمي البرامج تجاوز قضية التفجيرات ومشاهدها إلي تقديم أفكار أكثر قيمة وأهمية مثل البحث وراء تحول الشباب العاديين إلي إرهابيين وكيف حدث هذا ودور المناهج التعليمية أو جماعات الكراهية في هذا التحول. كانت الحوارات تتم علي مشاهد الموت والعزاء وأحاديث الأهل الذين رحل أحباؤهم وجاءت الدراما الحقيقية من اختلاف موقعي التفجير وداخل الكنيسة أو خارجها ومن الكشف عن أبطال التفجير الثاني الذين ساهموا في تقليل الأضرار مثل عم نسيم الموظف الذي رفض السماح للإرهابي بحزامه الناسف بالدخول من الباب الرئيسي والذي توقفت عنده لميس الحديدي عبر "هنا العاصمة" وأيضا العميد نجوي الحجار الضابطة التي استشهدت ومعها عدد من نساء الشرطة المصرية ورجالها في واقعة غير مسبوقة عن دور النساء في العمل الأمني فلابد من روايتها خاصة في عام المرأة. تسابق الجميع في تقديم أحداث التفجيرات واستعادتها مرارا من الصباح للمساء بعض الشاشات كانت تغطي بهذه الإعادات ضعفا كبيرا في تقديم حقائق أو معلومات واضافات للمشاهد والبعض الآخر اعتبر أن مجرد تكراره لصور وفيديوهات الإرهاب هو الهدف وهو ما جعلنا في المساء أمام صور ومشاهد صعبة ومؤلمة ولكن المشاعر لم تعد تتأثر بها لتكرارها. فقط استطاعت قنوات قليلة أن تستمر في نقل حدث مستمر بكفاءة مع مزيد من رسائل المراسلين ومزيد من البحث حول المكان والناس في طنطا أو الإسكندرية.. ومع ذلك كله فقد كشف هذان الحادثان الإرهابيان ان الكثير من قنوات الإعلام المرئي تفتقد القدرة علي التغطيات السريعة القوية في الأماكن البعيدة عن العاصمة وأن امكانياتها كلها مركزة في استديوهات القاهرة فقط أما التليفزيون المصري الذي يمتلك شبكة قنوات محلية فقد لجأ إلي قناتي الدلتا والإسكندرية واللتين استطاعتا المساهمة جيدا في تغطية أحداث الانفجارات.. ولعل هذه التغطيات تصبح موضوعا للاهتمام الإعلامي بما يحدث في كل مصر من جانب الهيئة الوطنية للإعلام برئاسة الأستاذ حسين زين وأيضا هيئة القنوات الخاصة برئاسة الأستاذ محمد أمين. فتغطيات الإعلام المرئي لأحداث مصر في كل مكان ومحافظة وقرية أمر لا يجب أن يترك للظروف والتقديرات والامكانيات.. وانما هو ضرورة وحق للمواطن.. وحصن أمان للوطن.