عاش المصريون جميعاً مسلمين ومسيحيين وحدة متماسكة قلباً وقالباً منذ الفتح الإسلامي لمصر علي يد الصحابي الجليل عمرو بن العاص في عهد الخليفة الثاني عمر بن الخطاب رضي الله عنه.. يوم أن خلص المسلمون أقباط مصر من بطش الرومان الذين فعلوا الأفاعيل بهم وساموهم سوء العذاب. ليعلم القاصي والداني أن المسلمين والمسيحيين هم أبناء وطن واحد وهم إخوة يجمعهم رباط الدم لأن الإسلام يوم أن دخل مصر علي يد المسلمين العرب الفاتحين كان الشعب المصري واحداً.. ولما دخل الإسلام شرح الله صدر بعضهم ودخل في دين الله أفواجاً وظل البعض الآخر علي المسيحية.. أما الفاتحون فقد واصلوا فتوحاتهم من طبرق إلي المغرب العربي ثم إلي الأندلس منهم من استشهد في طريقه ومنهم مَنْ واصل الفتوح وقليل منهم من استقر في هذه الفتوحات الجديدة. لقد جاء الإسلام بقيم التسامح والتآخي والاعتراف بالآخر والمواطنة ولنا في رسول الله أسوة حسنة حيث تعايش المسلمون واليهود بأنواعهم ونصاري نجران في المدينة واستطاع النبي صلي الله عليه وسلم. أن يضع لهم وثيقة عرفت بوثيقة المدينة من خلالها عرف الجميع ماله وما عليه بمعني لهم مالنا وعليهم ما علينا. ونري في عهد النبي صلي الله عليه وسلم لأهل نجران النصاري حماية واضحة للأموال والممتلكات وقال: لنجران وحاشيتها جوار الله تعالي وذمة محمد رسول الله علي أموالهم وأرضهم وملتهم وغائبهم وشاهدهم وعشيرتهم وبيعهم وكل ما تحت أيديهم من قليل أو كثير. للعلم إن المجتمع الإسلامي يكفل غير المسلمين كما يكفل المسلمين عند عجزهم عن العمل والكسب الضمان الاجتماعي كما كفل الإسلام الحريات العامة لغير المسلمين وفي مقدمتها حرية الاعتقاد وممارسة الشعائر وصون دور العبادة ولقد أعطي الخليفة عمر بن الخطاب العهد لأهل إيلياء من الأمان علي أنفسهم وأموالهم وكنائسهم وصلبانهم. أدعو المسلمين والمسيحيين في مصر إلي نبذ الفرقة وأن يحافظوا علي التعايش الايجابي المشترك القائم علي الاحترام والتقدير. وأن تطوي صحائف الجدل العقيم بينهما كما فعل الرسول الكريم بنصاري نجران. وعليهم أن يواجهوا أي ضغوط من أي جهة تحاول إشعال الفتنة لتدمير الحرية الدينية والإنسانية وأن يتوجه الجميع نحو التفكير والعمل الجاد المشترك لحل أي أزمة بينهما حتي يستمد الوطن سليماً معافاً ليسع الجميع. إن أمام المصريين من مسلمين وأقباط تحديات جسيمة من الإرهاب والتطرف باسم الدين فعلي الجميع أن يوحدوا صفهم لمواجهة هذا الخطر الداهم ومواجهة الفساد الأخلاقي والسلوكي ومواجهة الجريمة والفقر والمرض والعمل بكل الطاقات من أجل بناء وطن حر يسع الجميع تحت علم مصر.. وتحيا مصر.