قبل مغادرته العاصمة الاندونيسية جاكرتا أمس أجري الرئيس عبدالفتاح السيسي مباحثات مهمة مع سكرتير عام رابطة جنوب شرق أسيا "أسيان" لي لونج ميته ناقش خلالها سبل تعزيز التعاون الاقتصادي التجاري مع الدول الاعضاء بالرابطة وهي اندونيسيا التي تستضيف سكرتارية أسيان وماليزيا وسنغافورة وتايلاند وبروناي والفلبين وكمبوديا وميانمار وفيتنام ولاوس . كان الرئيس عبدالفتاح السيسي قد غادر جاكرتا أمس مختتما جولة آسيوية شملت سنغافورةوالصينواندونيسيا اجري خلالها مباحثات هامة مع زعماء تلك الدول حول سبل تعزيز التعاون في المجالات السياسية والاقتصادية والتجارية. تناولت مباحثات الرئيس السيسي مع نظيره الاندونيسي جوكو ويدودو دعم التنسيق المشترك لمواجهة التطرف والارهاب وإبراز الصورة الحقيقية للاسلام وتعزيز العلاقات الاقتصادية والتجارية وزيادة الاستثمارات ومواجهة المشكلات التي تعصف بالعديد من دول منطقة الشرق الاوسط. ووجه السيسي دعوة لنظيره الاندونيسي لزيارة مصر وتعد زيارة الرئيس السيسي إلي إندونيسيا الاولي لرئيس مصري إلي تلك الدولة التي تعد أكبر دولة اسلامية من حيث عدد السكان منذ عام .1983 جسدت الزيارة التي قام بها الرئيس عبدالفتاح السيسي إلي اندونيسيا والتي تعد الاولي لرئيس مصري منذ عام 1983 حرص مصر علي تعزيز العلاقات السياسية والاقتصادية والثقافية مع أكبر دولة اسلامية من حيث عدد السكان والاستفادة من التقدم الاقتصادي الذي حققته النمور الاسيوية خاصة اندونيسيا التي تعافت من تداعيات الانهيار الاقتصادي الذي ضرب دول جنوب شرق أسيا عام .1998 أكدت المباحثات التي أجراها الرئيس عبدالفتاح السيسي مع الرئيس الاندونيسي جوكو ويدودو تصميم الجانبين علي تنسيق وتدعيم الجهود المشتركة لدعم التجارة والاستثمارات وتصحيح الصورة الخاطئة عن الدين الاسلامي ومكافحة الارهاب والتطرف واتسمت المواقف الاندونيسية تجاه مصر عقب ثورة 30 يونيو بالايجابية حيث أكدت الحكومة الاندونيسية احترامها لخيارات الشعب المصري وهو ما دفع الرئيس السيسي إلي إبداء تقديره لمواقف اندونيسيا الداعمة لخيارات الشعب المصري وارداته الحرة. مشيراً إلي تجربة اندونيسيا في التحول الديمقراطي وإمكانية الاستفادة من خبرتها في هذا الصدد كما أعرب عن تقدير مصر لموقف اندونيسيا المؤيد لحصول مصر علي عضوية مجلس الامن الدولي لعامي 2016/.2017 حرص الرئيس السيسي علي التأكيد علي أهمية ان تتم مكافحة الارهاب من خلال استراتيجية شاملة لاتقتصر فقط علي المواجهات العسكرية والابعاد الامنية ولكن تمتد لتشمل كافة الابعاد الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والدينية لافتا إلي ان مصر تؤيد الحلول السياسية لهذه الازمات بما يساهم في الحفاظ علي كيانات ومؤسسات هذه الدول ومقدرات شعوبها. وفي ذلك الصدد شدد الرئيس السيسي علي ضرورة الارتقاء بمستوي التعاون بين مصر كدولة رائدة في محيطها الاقليمي وبين اندونيسيا بثقلها في العالم الاسلامي لمواجهة تحديات التطرف والارهاب مؤكداً حرص مصر علي استمرار دور الازهر الشريف في اندونيسيا كمنارة لنشر القيم السمحة للاسلام الحنيف بوسطيته واعتداله. من جانبه أعرب الرئيس الاندونيسي عن اتفاقه في الرؤي مع الرئيس السيسي حول أهمية ايضاح الروح الحقيقية السمحة للدين الاسلامي وتفعيل قيمة السامية لتساهم في مكافحة الارهاب والتطرف. علي الصعيد الاقليمي اظهرت المباحثات التي اجراها الرئيس السيسي ونظيره الاندونيسي جوكو ويدودو توافق الاراء بين الجانبين تجاه تطورات الاوضاع في منطقة الشرق الاوسط وما تعانيه عدة دول فيها من ويلات الارهاب والتطرف. وفي ذلك الصدد أكد الرئيس السيسي علي ان القضية الفلسطينية ستظل محتفظة بمكانتها المتقدمة علي قائمة اولويات السياسة الخارجية المصرية منوهاً إلي انه يتعين تحقيق السلام العادل والشامل واقامة الدولة الفلسطينية علي حدود الرابع من يونيو 1967 وعاصمتها القدسالشرقية. من جانبه شدد الرئيس الاندونيسي علي ان بلاده تؤيد إنشاء الدولة الفلسطينية المستقلة مؤكدا علي أهمية قيام الدول الاسلامية بالتباحث في المشكلات والازمات التي تواجهها منطقة الشرق الاوسط لايجاد حلول لها وتدارك آثارها الانسانية السلبية علي شعوب دول المنطقة ومن بينها تزايد أعداد اللاجئين والهجرة غير الشرعية وما يترتب عليها من تداعيات مأساوية. وقد رحب الرئيس السيسي بتلك الفكرة منوهاً إلي أهمية بلورتها وإعدادها جيداً لتحقيق أهدافها المرجوة. من ناحية اخري أكدت زيارة الرئيس السيسي إلي جاكرتا علي ان التعاون المصري الاندونيسي سوف يسهم في تعزيز العمل الاسلامي المشترك لان الدولتين تلعبان دورا اقليميا بارزا.. فمصر لديها ثقل سياسي في منطقة الشرق الاوسط وافريقيا بينما تلعب اندونيسيا دورا محوريا في منطقة جنوب شرق اسيا. تحرص البلدان ايضا علي تبادل الاراء والتنسيق المشترك بشان القضايا الثنائية والاقليمية والدولية من خلال عدد من الاليات من بينها الاممالمتحدة ومنظمتي المؤتمر الاسلامي وعدم الانحياز ومجموعة الدول النامية الثمانية للتعاون الاقتصادي ومجموعة ال77 ومجموعة ال15. تعد مصر أول دولة في العالم تعترف باستقلال اندونيسيا في السابع عشر من اغسطس عام وقعت مصر واندونيسيا اتفاقية صداقة لانشاء العلاقات الدبلوماسية في العاشر/1945 من يونيو عام .1947 من ناحية اخري سيسهم التعاون والتنسيق المصري الاندونيسي في تعزيز دور الدولتين في مجال الحوار بين الاديان والثقافات حيث لعبت مصر من خلال الازهر- دورا رائدا في مجال تعزيز التفاهم بين الاديان والحضارات ومواجهة الحملات التي تستهدف النيل من الاسلام ونشر قيم التسامح والوسطية في العالم. وتعد اندونيسيا بوصفها أكبر دول اسلامية من حيث عدد السكان نموذجا للتعايش بين الاسلام والديمقراطية وفي السياق ذاته تقدر اندونيسيا حكومة وشعبا الدور الذي يلعبه الازهر بوصفه اقدم جامعة اسلامية في العالم لنشر رسالة الاسلام المعتدل ومواجهة ظاهرة الخوف من الاسلام اسلاموفوبيا التي اجتاحت مناطق عديدة من العالم والتطرف. تقدم مصر سنويا 120 منحة للطلبة الاندونيسيين للدراسة بالازهر من بينها 90 منحة للدراسة بجامعة الازهر كما يوجد حوالي 47 مبعوثا تابعين للازهر يتولون تدريس اللغة العربية والعلوم الاسلامية في كافة الاقاليم الاندونيسية ويبلغ اجمالي عدد الطلبة الاندونيسيين الذين يدرسون بمصر يبلغ 6000 طالب. ويشغل عدد كبير من خريجي الازهر مواقع قيادية بارزة سواء في الحكومة أو الاحزاب السياسية أو كافة المؤسسات الاندونيسية الاخري علاوة علي انهم يحظون بتقدير بالغ من جانب الرأي العام الاندونيسي. وعلي الصعيد الاقتصادي حرص الرئيس السيسي علي توجيه الشكر للرئيس الاندونيسي علي ايفاده مبعوثاً شخصياً للمشاركة في حفل افتتاح قناة السويس الجديدة في السادس من اغسطس الماضي مستعرضاً الفرص الاستثمارية الواعدة التي سيتيحها مشروع التنمية بمنطقة قناة السويس والمشروعات الوطنية الاخري الجاري تنفيذها في مصر. وفي ذات السياق اشار الرئيس إلي الاجراءات والتشريعات التي تتخذها وتصدرها مصر من أجل تهيئة مناخ جاذب للاستثمار منوهاً إلي الفرص التصديرية المتاحة امام المنتجات التي يتم تصنيعها في مصر في اسواق الدول المجاورة لاسيما في المنطقة العربية والقارة الافريقية. وشهدت العلاقات الاقتصادية والتجارية بين مصر واندونيسيا نموا ملحوظا خلال الاعوام القليلة الماضية حيث يصل حجم التبادل التجاري بين البلدين حاليا إلي حوالي 5.1 مليار دولار وتأمل البلدان في تطوير ذلك التعاون وزيادة الصادرات المصرية إلي السوق الاندونيسية لاصلاح الخلل في الميزان الذي يميل لصالح اندونيسيا. وتعد اندونيسيا بوابة مواتية للصادرات المصرية إلي أسواق دول جنوب شرق آسيا بينما تعتبر مصر بوابة للصادرات الاندونيسية إلي اسواق الشرق الاوسط وافريقيا والاتحاد الاوروبي. في السياق ذاته اتجه العديد من الشركات الاندونيسية من بينها اندوراما واندوبهارات واندومي ومجموعة كادونج إلي اقامة مشروعات استثمارية في مصر في مجالات البتروكيماويات والنسيج والصناعات الغذائية والزجاج. وعلي صعيد التعاون الاقتصادي الاقليمي حرص الرئيس عبدالفتاح السيسي علي اجراء مباحثات مع سكرتير عام رابطة جنوب شرق آسيا أسيان لي لونج مينه خلال زيارته إلي جاكرتا لبحث سبل تعزيز التعاون الاقتصادي التجاري مع الدول الاعضاء بالرابطة وهي اندونيسيا التي تستضيف سكرتارية اسيان وماليزيا وسنغافورة وتايلاند وبروناي والفلبين وكمبوديا وميانمار وفيتنام ولاوس. واستوعبت دول رابطة أسيان التي تأسست في أغسطس عام 1967 التجربة الاليمة الناجمة عن الازمة المالية الاسيوية عام 1998 حيث سعت تلك الدول الي تعزيز النمو الاقتصادي المرتكز علي معدلات الطلب القوي بدرجة أكبر من الصادرات لتفادي التأثيرات السلبية الناجمة عن الازمات المالية الدولية واقامة منطقة حرة للتجارة مع الصين ثاني أكبر اقتصاد في العالم والتي تعد الاكبر علي المستوي العالمي لانها تضم حوالي 9.1 مليار مستهلك وقوي اقتصادية كبري مثل اندونيسياوالصين وماليزيا وغيرها.