المعارك التي يخوضها الجيش الأمريكي خارج الحدود مازالت مادة خصبة للأفلام الأمريكية.. أحدثها فيلم "الناجي الوحيد" للمخرج بيتر بيرج المأخوذ عن كتاب بنفس العنوان كتبه الضابط الأمريكي ماركوس وحقق أعلي المبيعات عام 2005. فقد كان في مهمة قتالية بجبال أفغانستان مع مجموعة من الجنود قتلوا جميعاً ولم يبق علي قيد الحياة سوي ماركوس. كتب قصته في كتاب في ذلك العام وكتب بيتر بيرج السيناريو وأخرج الفيلم الذي يشاهده الجمهور هذا الأسبوع. الفيلم يعود بنا إلي الوراء 9 سنوات عندما كانت القوات الأمريكية تحارب الإرهاب في أفغانستان بعد إسقاط نظام طالبان. قرر القادة في قاعدة "باجرام" في جلال آباد البدء في تنفيذ عملية "الأجنحة الحمراء" وهي تهدف إما إلي اعتقال أو قتل أحمد شاه مسعود أحد زعماء طالبان ويتم إنزال عناصر المارينز في منطقة هندوكوش بأفغانستان وهي منطقة جبال صخرية وعرة. لكن عناصر طالبان تكشف وجود الجنود الأمريكيين وتدور معركة يتم فيها القضاء عليهم جميعاً ماعدا ماركوس الذي نجا بحياته وقد أنقذته احدي القبائل الأفغانية المناهضة لطالبان. اهتم سيناريو بيتر بيرج بالتركيز علي بطولة المواطن الأمريكي العادي عندما يقوم بدور الجندي الذي يحارب خارج بلاده من أجل قضية إنسانية للقضاء علي الإرهاب الذي يقتل البشر هنا وهناك. وهي الخطة التي بدأها جورج بوش الابن بعد 11 سبتمبر 2001. ولكن جاء أوباما وقام بتغيير تلك الاستراتيجية بأن يساعد الإرهابيين لتولي الحكم في بلادهم في مقابل التوقف عن الحرب ضد أمريكا أو استهداف المصالح الأمريكية في العالم. ولا يخجل الفيلم من الدعوة الصريحة لقتل الأفغان سواء كانوا مقاتلين أو من رعاة الغنم أو كبار السن. حتي لا تقع القوات الأمريكية في الكمين ويواجهوا القتل الجماعي. ومرة أخري يؤكد الفيلم بسالة الجندي الأمريكي وشجاعته في مواجهة الموت. وعندما يقع ماركوس في الأسر يقوم الأفغاني محمد غولاب بحمايته ويعيده إلي القوات الأمريكية. ابتعد المخرج بيتر بيرج عن السياسة تماماً في فيلمه. وهو عكس ما فعلته المخرجة كاترين بيجلو في فيلمها "خزانة الألم" عام 2009 و"نصف ساعة بعد منتصف الليل" عام 2012. لأنها عرضت خلال الفيلمين عمليات عسكرية ناجحة للجيش الأمريكي. ولكن في اطار درامي ومن خلال قصص إنسانية لأبطال العملية العسكرية. بينما اكتفي بيتر بيرج في فيلمه "الناجي الوحيد" بسرد تفاصيل عملية "الأجنحة الحمراء" ونجاة ماركوس ولم يربط ذلك الحدث بالسياسة كما فعلت كاترين بيجلو من قبل مرتين. تألق الممثل مارك والبيرج في دور ماركوس وإن كان المشاهد لا يعرف سوي أنه ملازم بالجيش الأمريكي يقوم بمهمة سرية في أفغانستان كذلك تألق زملاؤه تايلور كيتش واميل هيرش وبن فوستر وإيريك باناه وجميعهم حرص السيناريو علي إخفاء الجانب الشخصي في حياتهم. ويبقي في النهاية التساؤل حول تحولات السياسة الأمريكية التي انتقلت من الحرب المباشرة ضد الإرهاب إلي إدانة الجيوش الوطنية التي تحارب الإرهابيين. ولكن الفيلم لا يشير إطلاقاً إلي المفارقات السياسية من هذا النوع.