إن الموقف الراهن في سوريا يجعلنا نتأمل بكل دقة إلي علامات الاستفهام والتعجب التي تحوم حوله. خاصة بعد أن أعلنت تركيا أن نظام الأسد تجاوز كل "الخطوط الحمراء"!! وبكين تدعو خبراء الأممالمتحدة إلي "إلتزام الموضوعية والدقة"!! أما فرنسا تلوم باستخدام القوة رداً علي "الكيماوي"؟! وبريطانيا فتؤكد أن كل الخيارات مطروحة!! علماً بأن حكومتها نفت خلال ساعات معدودة بقيامها بتصدير مادتين كيمائيتين تستخدمان في صناعة الأسلحة الكيميائية إلي سوريا؟! وروسيا استطاعت بالفعل تعطيل مشروع بيان في مجلس الأمن حول هجوم الغوطة!! وعلي الجانب الآخر دبلوماسيون يرون إمكان إجراء تحقيق بقرار من بان كي مون وهو كان اسلم وأصدق وأقرب للواقع الذي نعيشه الآن. المدهش والغريب والمثير إصرار أوباما علي الضربة العسكرية لسوريا وتحديه للأعضاء المترددين في الكونجرس وطلب منهم الموافقة علي خطته مؤكداً لهم أن عدم الموافقة علي ضرب سوريا عسكرياً يعني أنهم يعرضون مصداقيتهم ومكانة أمريكا الدولية للخطر وأغتنم أوباما فرصة زيارته للسويد لتقديم المبررات لعمل عسكري محدود ضد بشار وشدد علي أنه لا يمكن للمجتمع الدولي أن يقف صامتاً أمام همجية الهجوم الكيماوي. كما أكد أوباما في مؤتمر صحفي في "سوكهولم" أن مصداقيته ليست معرضة للخطر وأن مصداقية المجتمع الدولي هي المعرضة للخطر وأكد أن مصداقية أمريكا والكونجرس هما أيضا معرضتان للخطر لأننا نتحدث كثيراً عن أهمية الأعراف الدولية.. وقبل سفره إلي سان بطرسبرج لحضور قمة مجموعة العشرين التي يستضيفها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قال أوباما أنه لايزال يأمل أن الرئيس الروسي يتراجع عن تأييده للأسد. وجاءت تصريحاته بعد ان لمح بوتين إلي إمكانية التوصل إلي تفاهم دولي بشأن سوريا يستبعد أوباما مساندة روسيا لعمل عسكري في الوقت الذي يستعد فيه لاستضافة قمة تضم زعماء العالم. علي الرغم أن لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ الأمريكي وافقت علي التصريح باستخدام القوة العسكرية في سوريا بأغلبية عشرة أصوات مقابل سبعة إلا أن المرجح تأجيل أي هجوم علي سوريا خلال الأسبوع الحالي وهو أقرب موعد لتصويت أعضاء الكونجرس الذين سيجتمعون رسمياً في التاسع من سبتمبر بعد عطلتهم الصيفية.. مع العلم أن أوباما يواجه معركة صعبة في الكونجرس من أجل الموافقة علي تحرك عسكري بسبب معارضة كثير من المشرعين توجيه ضربة خشية أن تؤدي إلي توريط الولاياتالمتحدة في الحرب الأهلية السورية كما يشاع ويؤكد المقربون إلي أوباما أنه سيبدأ القصف علي سوريا فجر الحادي عشر من سبتمبر وهذا التاريخ لديه ذكري محفورة في ذاكرته ولكن السؤال المحير الذي يفرض نفسه الآن.. هل تشكل خلافات بوتين وأوباما حول استخدام القوة ضد سوريا ورقة ضغط مشتركة علي طرفي الأزمة؟