عندما كان البلطجية واللصوص من منتفعي استمرار مظاهرات واعتصامات ميدان التحرير إلي ما شاء الله. يقتحمون فندق سميراميس ويروعون ما تبقي فيه من سياح ويكتبون شهادة جديدة لوفاة السياحة المصرية.. كنت في زيارة عمل سريعة لتايلاند للتعرف علي أسرار صعودها الصاروخي الذي جعلها تحصد العام الماضي 22 مليون سائح دفعوا 30 مليار دولار.. وذلك رغم ما واجهته تايلاند في السنوات الأخيرة من اضطرابات سياسية. ومازالت المعارضة تهاجم رئيسة الوزراء وتتهمها أنها مجرد دمية في يد شقيقها رئيس الوزراء السابق الذي يقيم في منفاه الاختياري في دبي! ومع ذلك نجحت رئيسة الوزراء. في أن تؤكد أنها امرأة قوية. قادرة علي استعادة الأمن والنظام مما ساعد علي تعافي صناعة السياحة بعد عامين من الأزمات. وأن تكون بلادها القوة الاقتصادية الثالثة في آسيا. رغم كل جمال "أرض الحرية".. لم أستطع الحصول علي إجازة 3 أيام من مشاعر الإحباط والحزن علي أحوال مصر بسبب إدمان متابعة أخبارها عبر قناتي العربية والجزيرة بعد أن اختفت للأسف الفضائيات المصرية من "ريسيفر" أغلب فنادق العالم "!".. وأيضا لأن المقارنة كانت تغرض نفسها في كل خطوة. بين مظاهر صعود نجم السياحة التايلاندية. والتراجع المخيف لسياحتنا في بلد أعتقد أنه لا يوجد له مثيل في تنوع وثراء المقاصد التي يحلم بها أي سائح في العالم. الحديث يطول عن كل ما يجذب السائح هناك ولكن ما يهمنا هو تجنيد الدولة هناك لكل أجهزتها. لتكون السياحة بالفعل قاطرة التنمية ولرفع مستوي معيشة 65 مليون مواطن. يعاني أغلبهم من تفاوت في مستوي الدخل خاصة في العاصمة بانكوك. والبحث عن مصادر جديدة للجذب السياحي. وامام نجاح تايلاند في السياحة العلاجية. لابد أن تشعر بالأسي عندما تتذكر القاهرة التي كانت مركزا طبيا لكل العرب قبل أن تتراجع سمعة الخدمات الطبية في مصر وتفقد مصدرا مهما للعملة الصعبة. لا يزعم أحد أن البلاد الصاعدة سياحيا مثل تركيا وتايلاند وغيرهما لا تعاني من مشاكل.. ولكن لابد أن يشعر السائح حين يأتي إليك طالبا المتعة والراحة. أنه في دولة حقيقية ونظام مستقر وشارع آمن وخدمات متكاملة بعيدا عن الفهلوة وابتزاز السائح ومضايقته.. ولكن كيف نحلم بعودة السياحة إلي مصر. ونحن ندخل كل يوم. معركة جديدة تنسف كل أمل في الاستقرار والبدء في البناء.. وذلك نتيجة هذه الحالة المرضية من العناد التي تشارك فيها السلطة والمعارضة علي السواء.. حالة لا يسأل فيها أحد غالبا نفسه قبل أي خطوة "حنجورية" أو قرار "عنتري". أين مصلحة مصر وناسها أولا.. وكيف تنتهي حالة الاحتقان. والتخوين والعداء وغياب الثقة ورفض الحوار الحقيقي؟! "شوية ضمير"! أحسنت مجموعة الشخصيات السياسية صنعا عندما اختارت للجبهة الجديدة اسم "الضمير الوطني". حتي تعيد إلي الساحة السياسية وسط تراشق الاتهامات ونهر الدم الذي يجري كل يوم مع كل مظاهرة أو احتجاج أو "احتفالية".. تعيد إليها مفهوم الضمير. وتدعو كل سياسي من كل الأطراف إلي أن يستفتي قلبه ويحتكم إلي ضميره ويرعي الله في هذا البلد المسكين والمظلوم دائما وعبر تاريخه من بعض قادتها وأبنائه. علي الرئيس أولا ألا ينتظر طويلا ويتخذ قرارات تخفف من حالة الاحتقان ويشجع الآخرين علي التخلي عن العناد ويستجيب لبعض المبادرات الوطنية بالفعل لإنقاذ البلد من الإفلاس والانهيار. وأن يتذكر أن مشكلة "المخلوع" غالبا كانت في توقيت القرارات وتأخرها حتي ارتفع سقف المطالب. فكانت نقطة اللاعودة. وعلي المعارضة أن تحتكم لضميرها الوطني وتفعل شيئا لوقف تصاعد موجة العنف والدم وانفلات زمام مجموعات من الشباب الغاضب الذي يريد أن يثأر لمقتل وإهانة زملائه من خيرة شباب مصر في الأحداث الأخيرة وما قبلها. حتي لو احترقت البلد وتعطلت مرافقها وكره الناس حياتهم وسقطت هيبة الدولة وأفلست خزانتها من آخر دولار!