اتفقت أو اختلفت نجمات السينما المصرية لكن كلهن أجمعن على جملة واحدة صرحن بها في الحوارات الصحفية والإعلامية وهي أن "هند رستم أفضل من قدمت الإغراء في السينما"، حيث لا يختلف اثنان على أن الفنانة الراحلة هند رستم تعد أيقونة الإغراء في السينما، ولا يتعلق الأمر بكونها كانت تمتلك جسدا جميلا ومثيرا بل لأنها كانت تجيد أداء تلك الأدوار وتتقنها. أداء هند رستم وإتقانها في تجسيد أدوار الإغراء جعل النقاد والجمهور يجمعون على إعطائها لقب "مارلين مونرو السينما المصرية" لأنها تشبهها في ملامحها سواء الجسدية أو في لون الشعر الأصفر، حيث تعد هند رستم أول فنانة مصرية تصبغ شعرها باللون الأصفر، في الوقت الذي كانت السينما فيه تشهد سطوع نجم فنانات يتميزن بالملامح الشرقية والمصرية ومنهن شادية وليلى مراد وفاتن حمامة، لكن المخرجين في فترة الأربعينيات والخمسينيات من القرن الماضي رأوا في هند نموذجا للفنانة الأوروبية التي تخلو منها السينما المصرية. مشهد من فيلم ووقفت هند رستم أمام كاميرات السينما للمرة الأولى وعمرها لم يتعد ال17 عاما، حيث شاركت بدور كومبارس في فيلم "أزهار وأشواك" الذي شاركت فيه أيضا بدور صغير الفنانة شادية، وجاء اختيار هند في هذا الفيلم بعد خضوعها لاختبار كاميرا مع إحدى صديقاتها التي كانت تعمل كومبارس أيضا. واستمرت هند في أداء أدوار كومبارس بسيطة، حتى شاركت في فيلم "غزل البنات" مع ليلى مراد، ورغم أن الكثيرين يعتقدون أن الفيلم كان الإطلالة الأولى لهند في السينما لأنها ظهرت ككومبارس صامت في مشهد لم يتعد ثوانى معدودة، وهو المشهد الذي تغني فيه ليلى مراد أغنيتها الشهيرة "اتمختري يا خيل" لكن الحقيقة أن مخرج الفيلم حذف مشاهد هند في العمل لأنها كانت تقوم بدور صديقة ليلى مراد، حيث رأى المخرج أنور وجدي أن هناك فرق سن كبير بين هند وليلى وليس من المناسب أن تجسد دور صديقتها، وتم الاكتفاء فقط بالمشهد الذي تظهر فيه هند خلف ليلى مراد في الأغنية وجاءت أولى بطولات هند رستم عام 1955من خلال فيلم "الجسد" للمخرج حسن الإمام الذي راهن على موهبتها الفنية، وأسند لها بطولة العمل وكان عمرها وقتئذ 25 عاما، وقامت فيه للمرة الأولى بأداء دور إغراء، ونجحت فيه بشدة حيث جسدت دور الطالبة "نعمت" ابنة الموظف الغلبان وتقع العديد من المشاكل بسبب امتلاكها لجسد جميل ومثير، وظهرت للمرة الأولى في الشوارع والميادين صورة هند رستم على أفيش فيلم سينمائي، وظهرت هند في الأفيش بفستان أحمر مثير. ومع أولى خطواتها نحو النجومية أصيبت هند رستم بخيبة أمل بعدما لم يلق فيلمها "باب الحديد" للمخرج يوسف شاهين إعجاب الجمهور ولم يحقق إيرادات في شباك التذاكر، وذلك رغم إشادة النقاد - خصوصا خارج مصر- وقتها بالفيلم، ورغم المجهود الضخم الذي بذلته هند في تجسيد دور "هنومة" التي تبيع "الحاجة الساقعة" في محطة القطار، وعبرت بصدق عن أطفال الشارع المهمشين لكن ذلك لم يمنع هند من أن تواصل مشوارها نحو النجومية وتقدم أدواراً متنوعة في تاريخ السينما المصرية، وأدوارا بعيدا عن الإغراء أجادت إتقانها لدرجة أن الجمهور اعتقد أنه مسيحية بعد أدائها الرائع في فيلمي "شفيقة القبطية" و"الراهبة" حيث جسدت دور فتاة مسيحية في العملين، ودائما كانت تعتز هند بدوريها في هذين العملين، وتعدهما من المحطات الفنية الهامة في مشوارها الفني. كما قدمت هند العديد من الأفلام الناجحة البعيدة عن الإغراء منها "الخروج من الجنة" "ودماء علي النيل" و"إشاعة حب" و"حياتي عذاب" عام 1979 الذي يعد آخر أعمالها السينمائية، حيث فضلت بعد ذلك الاهتمام بمنزلها وتركت عالم الأضواء والشهرة من أجل زوجها الدكتور محمد فياض الذي عوضها كثيرا عن زيجتها الأولى الفاشلة من المخرج حسن رضا الذي انجبت منه ابنتها "بسنت" التي كانت معها حتى وافتها المنية في الثامن من رمضان، لترحل هند رستم عن عالمنا وتترك وراءها تاريخا مميزا في السينما لن تستطيع أي فنانة أن تقدم مثله.