من المؤكد الآن وبعد مرور فترة قصيرة على نجاح الثورة الشعبية في مصر فإن الغبار المتخلف عن الثورة قد امتد ليغطي الجميع، وحملة التشويه والتشكيك قد امتدت لتطول الجميع بلا استثناء من ابرز الوجوه الشابة في الثورة إلى الرموز التي لم يشكك أحد في وطنيتها من قبل حتى الشخصيات الدينية التي كان يتفق عليها الجميع، المشكلة أن المسألة تحولت إلى معركة شخصية عند الجميع وخاصة على الفيس بوك حيث قام الجميع في سباق محموم للبحث والتنقيب في ماضي كل الشخصيات الموجود وانتقاء ما يخدم رأيه وإن كنت أعتقد أن معظم هذه النشاطات قائمة على حماس شبابي بحسن نية. فمن منا لم يشاهد يقرأ حملات التشكيك في السيد عمرو موسى الذي ظل لفترة طويلة رمزا للموقف الشعبي والسياسي المحترم لمجرد مقطع فيديو يؤكد فيه انه سينتخب الرئيس حسني مبارك إذا رشح نفسه، وكذلك الحملة التي انطلقت للتشكيك في الشيخ القرضاوي، وكذلك الحملات ضد الدكتور البرادعي، الدكتور كمال الجنزوري، الفريق أحمد شفيق، الإعلامي عمرو أديب، البابا شنودة، وائل غنيم وآخرين ومعظم مقاطع الفيديو التي استخدمت في الحملات السابقة مرتبطة بزمن وحدث معين وظروف سياسية معينة، فلماذا لم يفكر أحد أن تصريحات السيد عمرو موسى كانت وهو أمين عام الجامعة العربية ويهمه صورة بلده مصر، وأن الدكتور البرادعي كان بعيدا عن مصر لانشغاله بعمل مهم حقق فيه الكثير لبلده وأنه لم يدخر وسعا منذ تقاعده لدعم التغيير في البلد مع أنه كان من الأسهل له الابتعاد والاستمتاع بسنين تقاعده، وأن عمرو أديب كان ضيفا في برنامج على قناة لبنانية وليس من الشجاعة مهاجمة بلده وخاصة أنه لا يحتاج إلى شهادات وطنية بعد أن ظل سنين منبر المعارضة والمشاكسة الأبرز، وغيرها الأمثلة كثيرة. من المعروف في العمل الإعلامي أن نشر المادة بغير توضيح الظروف المحيطة بها يعتبر تزويرا لا يقل عن التغيير في المادة نفسها، وأحدث مثال لهذا عندما عرضت قناة العربية حديث وائل غنيم بعد خطاب الرئيس دون توضيح أنه قاله قبل الخطاب. , أخذ مقطع فيديو ونشره على الانترنت بدون عرض الحوار كاملا يعتبر اغتيالا للشخصية (كما حدث مؤخرا لرئيس تحرير اليوم السابع بنشر تسجيل حوار أخذ منذ فترة طويلة بدون علمه وفي ظروف مختلفة تماما عما يحدث الآن). ثقافتنا الحالية لا تسمح لنا باستيعاب أنه ليس من الخطأ تغيير الآراء والمواقف طالما صدرت عن اقتناع وليس عن مصالح شخصية وأن عملية الاغتيال المستمرة لرموز البلد ستتركنا في حالة ضياع شديد وتشكك وإحباط وفوضى، واننا يمكن ألا ننتخب شخصا لاختلافنا مع آرائه وليس بالضرورة لكونه أفاقا أو منافقا أو عميلا. أتمنى أن تتوقف حملات التدمير المستمرة لكل الرموز المطروحة على الساحة وكل منا يمكن أن يشارك بالتوقف عن نشر مثل هذه المقاطع وعدم الاشتراك في المجموعات والصفحات المتخصصة في الهجوم الشخصي والبدء في الإعداد للمعايير الموضوعية التي يجب أن تحكم اختيارنا للشخصيات التي نريد أن تمثلنا في أي موقع.