يعاني حوالي ثمانية ملايين مصري من الإصابة بمرض فيروس سي الذي أصبح يمثل الخطر الأكبر والداهم على صحة المصريين، لأنه ينتشر بشكل "عائلي".. إلا أن الخبر السار أن هناك مؤشرات قوية على قرب ظهور أول لقاح مضاد للفيروس بحلول عام 2018. هذه السطور هي بعض مما ورد في حوار أجرته صحيفة الشروق مع الدكتور وحيد دوس عميد معهد الكبد القومي حول "أكباد المصريين الموجوعة".. بدأته الجريدة ببعض من المعلومات المهمة عن المرض التي من أبرزها أن المرض ينتقل من إنسان لآخر عن طريق الدم الملوث، وأن 20% من المصابين بفيروس (سي) يصابون بتليف الكبد.. و1% يصابون بأورامه، وهذا فى حد ذاته خطر كبير. تجدر الإشارة أيضا إلى أن وزارة الصحة أنشأت اللجنة القومية للفيروسات الكبدية، وهى المسئولة عن علاج هذا المرض، والعمل على الوقاية منه، من خلال 21 مركزا لأمراض الكبد منتشرة فى معظم محافظات الجمهورية، تقدم بروتوكولات علاجية موحدة للمرضى بالمجان. وهذا بعض مما جاء في الحوار:- ما أسباب انتشار فيروس (سى) فى مصر بهذه الدرجة الخطيرة؟ يعود انتشار فيروس سى بهذه الكثافة (نحو 10% من سكان مصر) إلى حقبة الستينيات والسبعينيات عندما كانت هناك حملة لعلاج البلهارسيا من خلال الحقن، وكانت السرنجة الواحدة يحقن بها أكثر من شخص، وهو ما ساهم فى نشر المرض من شخص لآخر. ولم يكن هناك تعقيم جيد للحقن، وعند اكتشاف الفيروس سنة 1989 وجدنا أعدادا كبيرة مصابة بالفيروس، ومن هنا انتشرت العدوى فى المجتمع، فتجد أشخاصا ليسوا مصابين بالبلهارسيا لكنهم مصابون بفيروس (سى)، أو شبابا لم يعاصروا مرحلة حقن البلهارسيا، وهؤلاء يصابون من خلال العادات السيئة فى المجتمع مثل ختان البنات، والوشم، وعدم كفاية التعقيم فى المستشفيات العامة والخاصة والجامعية والعيادات، ونقل الدم فى فترة سابقة، قبل تنبه وزير الصحة حاتم الجبلى لخطورة نقل الدم، فزادت الرقابة والفحص عليه، حتى أصبح نقل الدم آمنا. المجتمع حاليا يواجه ما يسمى الانتشار العائلى لفيروس سى، من خلال استخدام نفس أدوات الحلاقة، والمقصات، وغيرها، ولذلك أدعو كل شخص، لتحليل الدم حتى يطمئن لعدم إصابته بالمرض. هناك حرب مستعرة بين الشركات الأجنبية والمصرية المنتجة لعقار الإنترفيرون المعالج لفيروس (سى).. كيف ترى مستقبل هذه الحرب؟ معروف أن العلاج الوحيد لفيروس (سى) فى العالم هو الانترفيرون، وتنتجه شركتان، واحدة سويسرية وأخرى أمريكية، وبدأنا مشروع علاج فيروس (سى) فى وزارة الصحة عام 2006، ونعالج نصف المرضى بعقار الشركة السويسرية، والنصف الآخر بعقار الشركة الأمريكية، وحصلنا على سعر ممتاز، فسعر الجرعة الواحدة التى حصلنا عليه ب480 جنيها، بالإضافة إلى حبوب (الريبارين) المكملة للإنترفيرون مجانا، فيما يباع الانترفيرون فى السعودية ب1500 ريال سعودى، وتباع فى أوروبا ب350 يورو لنفس الجرعة، وبالتالى حصلنا على هذا الدواء المهم بنحو 10% من ثمنه، لأننا أخذنا كميات كبيرة جدا منه، وشركات الأدوية تعطى تخفيضات هائلة لمن يشترى أكثر، ولذلك نجحنا فى الحصول على تخفيض آخر مقداره 100 جنيه، فأصبح سعر الحقنة 380 جنيها، وهو ما وفر على الدولة 100 مليون جنيه. بالإضافة للإنترفيرون المستورد يوجد عقار مصرى اسمه (رايفيرون ريتارد) تنتجه شركة مينا فارم المصرية، وسجل فى وزارة الصحة عام 2005، ولم يخضع لتجارب كافية للتأكد من فاعليته، لكنه فى المقابل فيه ميزة سعرية كبيرة جدا، حيث إنه أرخص من المستورد بكثير. وهل المعيار فى استخدام الدواء الفاعلية أم رخص الثمن.. هل هان المريض المصرى لدرجة منحه دواءً لم يخضع لتجارب كافية.. لمجرد أنه رخيص كما فعلت الهيئة العامة للتأمين الصحى؟ ما حدث هو أن باحثين أجروا أبحاثا على الإنترفيرون المصرى، مثل د.جمال عصمت الذى قال إن نسبة نجاحه تقترب إلى 60%.. أى أن نتائجه قريبة من الإنترفيرون المستورد، فى حين قال د.جمال شيحة إن فاعليته وفق الدراسات التى أجراها عليه لا تتخطى 25%، وهذا خلق تضاربا فى تقييم هذا العقار. وأنا كوزارة صحة ممثلة فى اللجنة القومية للفيروسات الكبدية المسئولة عن علاج المرضى الذين يعالجون على نفقة الدولة لم استخدم الإنترفيرون المصرى بسبب هذا التضارب فى النتائج الخاصة بفاعليته، وكنا نعالج مرضى التأمين الصحى عندنا أيضا، إلى أن جاء المسئولون عنه إلينا، وقالوا: بصراحة ميزانية علاج فيروس (سى) بالإنترفيرون المستورد باهظة جدا، ويوجد إنترفيرون مصرى ومسجل فى مصر وسنستخدمه لعلاج المرضى الذين يعالجون على نفقة التأمين الصحى، وقد كان. ولكن هل هناك عملية تقييم حقيقية للعقار المصرى للتأكد من فاعليته؟ بالفعل قرر د.حاتم الجبلى وزير الصحة تشكيل لجنة علمية محايدة، لتقييم العقار الذى تنتجه الشركة المصرية، وتضم اللجنة فى عضويتها خبيرا فرنسيا مرموقا فى أبحاث فيروس (سى)، بالإضافة إلى د.مجدى الصيرفى ود.عبدالمجيد قاسم، من كلية طب قصر العينى، والأخير يعمل مستشارا لوزير التعليم العالى للأبحاث، وأنا أترأس اللجنة، لكن دورى يقتصر على تذليل الصعوبات التى قد تواجه أعضاءها من جهة توفير البيانات والمعلومات التى يحتاجونها أثناء عملهم فى تقييم العقار. والقرار الذى ستتخذه اللجنة بشأن العقار ستأخذ وزارة الصحة به فورا، فلو قالت إن العقار فعال ومفيد للمرضى بدرجة تقترب من فعالية الإنترفيرون المستورد، سيتم تعميمه فى جميع مستشفيات مصر، علما بأن فعالية المستورد لا تتخطى 60%، ولو قالت اللجنة إن العقار غير فعال، سنوقف العمل به فورا. وللعلم فإن هذه اللجنة محايدة بدرجة 100%، والدليل على ذلك أننا استبعدنا كل الأساتذة الذين أجروا تجارب على العقار من قبل، كى لا ينحازوا لنتائجهم السابقة، مثل د.جمال عصمت الذى قال إن دراسته التى أجراها على العقار أثبتت أنه يقترب فى فاعلية المستورد، ود. جمال شيحة الذى قال إن نسبة الفاعلية لا تتجاوز 25%. هل هناك أمل فى ظهور لقاح يقى من الإصابة بفيروس سى؟ آمل فى ظهور لقاح واقٍ من فيروس سى يتطعم به الشخص.. وأتوقع أن يظهر هذا اللقاح مع قدوم عام 2018، حيث تجرى التجارب عل إنتاج اللقاح الآن من قبل شركات كبرى. وأنتهز هذه الفرصة لأدعو المواطنين للمسارعة بالتطعيم ضد فيروس الالتهاب الكبدى الوبائى (بى)، حيث إنه متوافر فى مصر، ويحمى من يحصل عليه من الإصابة بهذا الفيروس الخطير، ومصر كانت أول دولة فى الشرق الأوسط تطعم أبناءها بهذا الفيروس بداية من مواليد عام 1992.