منذ أول يوم لابتلاء مصر بقائد الانقلاب العسكري عبد الفتاح السيسي، كشف عن تكوينه العقلي، والسيكوباتي، من خلال حديثه عن الفريق سامي عنان، ولم يشعر السيسي بالحرج من أن يحكي قصته مع عنان حينما دخل عليه الأخير وكان يترأسه، ليسأل: “من النتن اللي حاطط الدبوس في الاستيكة”، فرد عليه السيسي: ” أنا يا فندم”. فمنذ ذلك اليوم اتضحت معالم هذه الشخصية السيكوباتية الانتقامية، التي لم تفوقت الفرصة من الانتقام من المصريين فقط، بل ومن زملائه وقادته، وعلى رأسهم سامي عنان، الذي لا يزال محبوسا في غياهب سجون السيسي. لم ينس السيسي ثأره مع سامي عنان، حينما جاءت الكرة لصالحه، فأمر بالانتقام منه وحبس كما انتقم وحبس المصريين. ثأر السيسي من قطاعات عريضة من الشعب المصري، وصلت لحد معاداة الشعب نفسه، ومعاداة زملائه وكل سدنة حكمه، حتى صور لنفسه احتكار مفاتيح السماء ، منذ إعلان بيان الانقلاب في 3 يوليو 2013م، فجمع بين الثيوقراطية والفاشية العسكرية معاً، فتطورت شخصيته للحد الذي وصل فيه للحرب على المقدسات نفسها، فأمر بتغيير الدين وحارب علمائه، كما حرب شركائه، ليتبقى هو وحيدا على عرشه، متسائلا: “أليس لي ملك مصر وهذه الأنهار تجري من تحتي أفلا تبصرون”. لماذا يهزأ بالمصريين؟ أول من كشف السيسي عن كراهيتهم هم المصريون الذي دائمًا يتهمهم بالإرهاب تارة، وبالتخلف تارة أخرى، فضلا عن الطعن في مقدساتهم وثورتهم وأنهم سبب الانهيار الحاص في البلاد. السيسي لم يفوّت الفرصة في الانتقام من المصريين بتجويعهم وإذلالهمم فقط، بل أراد ان يرد لهم الصاع صاعين، حيث يتعمد في الآونة الأخيرة الاستهزاء بشكل المصريين، ردا منه على السخرية التي يشنها المصريون على تصريحات السيسي ومواقفه الكوميدية التي أشعلت مواقع التواصل الاجتماعي على مدار خمس سنوات من حكمه الانقلابي. ورغم “سماجة” تعليقات السيسي، بانطلاق عنصر الفكاهة الردئ على وجهه، إلا أنه اندفع من خلال شخصيته السيكوباتية، ليسخر من المصريين، وأوزانهم، ويوجه نصائحه كخبير "تخسيس" داعيصا الى الاهتمام بالصحة العامة للمواطن، وأن يهتم المواطن نفسه بصحته، ويراقب شكل جسده العام. وقال السيسي خلال كلمته بمناسبة افتتاح مشروعات غير ذات جدوى السبت الماضي فى حى السلام: إن الزيادة في الوزن عبء على الجسم ويؤدي إلى أمراض عدة للشخص قائلاً: “كل واحد عايز يعرف هو فين يشوف بطنه قد إيه”. وتابع تهكمة: إحنا جايبين الدكتورة علشان نحلل ما نحن فيه.. المعيار اللي أنت عاوز تطمن بيه على نفسك مش محتاج نعمل مسح.. شوف وزنك زيادة قد إيه؟.. أي إنسان راجل كان أو ست عاوز يعرف هو فين يشوف بطنه، بكلمكم بجد وكلام لازم نعلمه للناس في المساجد والجامعة؛ لأننا بنفقد صحتنا”. معدن رجاله لم يكتف السيسي في حملته السمجة بالاستهزاء من المصريين الذين يعاديهم، بل وصلت سماجته للاستهزاء بزملائه في الانقلاب العسكري، حينما تعمد وبشكل لافت للنظر، الكشف عن معدن رجاله الذين يعاونونه في السلطة، ليصور للشعب المصري، أنه يسيطر على الوضع جيدا، وأن الجميع في خدمته، فضلاً عن أنه أصبح مهيمنا على كل شيء في مفاصل الدولة المصرية، لدرجة أنه يسخر من رجاله وشركائه، وبالتالي فلا أحد منافس لبطش السيسي أو يهدد عرشه. خرج السيسي وهو يعرف معدن رجاله جيدًا، في مشهد تمثيلي غريب كشف عن سادية الرجل، حينما سأل محافظ القاهرة أسئلة تتعلق بمهام منصبه ومشاكل محافظته، وهي “ما حجم الأموال المتوافرة في صندوق العشوائيات بالمحافظة؟ وما هو دخل محافظة القاهرة ماليا؟ وما عدد مشروعات الكباري التي تم تنفيذها خلال ال4 سنوات الماضية؟”. وفوجئ الحاضرون بصمت تام من اللواء خالد عبدالعال، وإصابته بالارتباك، في مشهد فاضح لسلطات الانقلاب ورجال السيسي. وبالرغم من علم السيسي جيدًا بضحالة معلومات وخبرات رجال الجيش والشرطة، إلا أنه تعمد إهانة محافظ القاهرة، وفتح عليه النار أمام الكاميرات. وأضاف السيسي أنه يعلم كل موارد مصر، مضيفًا أنه يجب على المسئول أن تكون لديه معلومات كاملة عن ميزانية محافظته، والمشروعات التي يتم تنفيذها حتى يستطيع اتخاذ القرار، والرد على استفسارات المواطنين. ولم يكن هذا الموقف هو الأول بين المحافظ وقائد الانقلاب السيسي، فقد تعرض المحافظ لموقف محرج آخر قبل 3 شهور، وتحديدًا في سبتمبر الماضي عندما سأله السيسي عن سبب أعطال أعمدة الإنارة في الطريق المؤدي لمطار القاهرة رغم تنبيهه له قبل فترة. ورد المحافظ بالقول: إن توجيهات السيسي تم تنفيذها بالفعل ليقاطعه السيسى بحدة ويقول “إنه مر من الطريق اليوم وما زالت الأعطال كما هي ولم يتم تنفيذ شيء”. مفاتيح السماء ويعرف السيسي أن اللواء خالد عبد العال تولى منصبه كمحافظ للقاهرة في أغسطس الماضي، قادما من منصبه السابق كمدير لأمن القاهرة، بعدما تدرج المحافظ في كافة المناصب الشرطية منذ تخرجه في كلية الشرطة عام 1977، حتى وصل لمنصب مساعد وزير الداخلية ومدير أمن القاهرة، ومع ذلك تم تعيينه محافظا للقاهرة، ليكون المادة التي نسج منها السيسي مادته الإعلامية في الظهور كفرعون جديد، يعبده شركاؤه. كما احتكر السيسي مفاتيح السماء، متحدثا عن أن سلطته مباشرة من الله، فهو يستعين برجال الدين في صنع مشهد الانقلاب، ويريد أن يقول: إنه يسير في كل ما يرضي الله، فينطق بالحقيقة ويقول: إنه يسير في كل ما يغضب الله، ثم يتحدث في حوارات الترقي لمنصبه الجديد عن أنه صاحب الحق في حماية الدين، وأنه رسول الفتح المبين لتحرير الدين، ووصل به الحد بالأمس أنه اتهم من عارضوه في رفع الدعم والأسعار بأنهم لا يعرفون الله. مواد تمثيلية ويعلق الكاتب الصحفي وائل قنديل على تعمد السيسي في القيام بهذا السلوك، قائلا: “هذا الجنرال السيكوباتي منذ أيام كان يتفاخر بأنه لا يؤمن بدراسات الجدوى والتخطيط.. واليوم يؤدي فقرة تمثيلية مبتذلة مع اللواء محافظ القاهرة، ليقول إنه فاهم ومذاكر ومسيطر.. أهم ما يميز الشخصية السيكوباتية انعدام النضج الانفعالي وحب السيطرة، والعدوانية”. وأكد قنديل أن أكثر مشاريع السييي نجاحًا هو مشروعه لإهانة وابتذال كل شئ محترم وحقيقي في مصر، ابتداءً من العسكرية التي دهس معانيها الحقيقية بدراجته التي يلعب بها في الكلية الحربية، بينما رئيس أركان القوات المسلحة الأسبق يعاني داخل زنزانته من البطش والتنكيل، مرورًا بالعلم الذي تحول في زمن الجهل السيسي المطبق إلى تهمةٍ تقود صاحبها إلى السجن، أو المنفى، أو القبر، وليس انتهاء بالدستور، الذي فصله على مقاسه، ويلهو به، كما يلهو بدراجاته. وأضاف: “بموازاة ذلك، يحتفي الجنرال الذي تتلبسه حالة سيكوباتية حادة ضد كل ما هو حقيقي وجاد، بكل ما هو رديء ومبتذل، ويفرضه على الوجدان الجمعي، نموذجًا لما يريده لمصر، بحيث صار البقاء للأشد بذاءة وجهلًا في الإعلام، والأقوى انحطاطًا في السياسة والثقافة والقضاء، والأكثر تدنيًا في التعليم والإدارة، لكي يظهر السيسي، في نهاية المطاف، بصورة المعلم الأول، والفقيه الأول، والسياسي الأول، والرياضي الأول، والعسكري الأول، والإداري الأول، كما بدا في الفقرة التمثيلية الركيكة التي أدّاها معه لواء سابق، محافظ القاهرة، وهو يمطره بأسئلةٍ غير مسموح بإجابتها، ليسدل الستار على السيسي، وحده، يعرف ويفهم، وكل ما عداه جهلة وبلداء”.