كشف تقرير لوكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي أي) أن ولي العهد السعودي بعث 11 رسالة لمستشاره سعود القحطاني في الساعات التي سبقت وتلت عملية اغتيال الكاتب الصحفي جمال خاشقجي؛ ما يعد مفاجأة مدوية ودليلاً قاطعًا على تورط ولي العهد في جريمة اغتيال خاشقي داخل مقر القنصلية السعودية بإسطنبول التركية مطلع أكتوبر الماضي، وتقطيع جثمانه بالمنشار وتذويبه بالأسيد!. ومع أنّ تقرير الاستخبارات الأميركية، وفق الصحيفة، يفتقر إلى “الأمر المباشر” الذي صدر من بن سلمان بقتل خاشقجي، غير أنّ “وول ستريت” اطلعت على مقتطفات من تقييم الاستخبارات، لم ينشر فحواها سابقًا، وتشتمل على العناصر الآتية: أولاً: إن وكالة المخابرات المركزية لديها “ثقة متوسطة إلى عالية”، بأنّ الأمير محمد “استهدف شخصيًا” خاشقجي و”ربما أمر بقتله”، وذلك استنادًا إلى الرسائل ال11 بين بن سلمان والقحطاني. ثانيا: ولي العهد السعودي أخبر بعض مساعديه في أغسطس 2017 بأنه إذا لم تنجح جهوده لإقناع خاشقجي بالعودة إلى السعودية “فبإمكاننا إغراؤه خارج المملكة واتخاذ الترتيبات”، وأضاف التقييم أنه يبدو أن ذلك كان “إنذارا ببدء العملية السعودية ضد خاشقجي”. وتقول وول ستريت جورنال إنه لم يتضح من المقتطفات ما إذا كانت تعليقات عام 2017 بشأن إغراء خاشقجي في بلد ثالث قد ورد ذكرها من بن سلمان مباشرة أو من شخص آخر يصف ملاحظاته. ورفض متحدث باسم وكالة المخابرات المركزية التعليق على التقرير. كما أفاد مسؤول في البيت الأبيض أمس الجمعة أن الإدارة الأمريكية لا تعلق على أمور تخص المخابرات. رسائل إلكترونية ثالثًا: حسب تقييم “سي أي إيه”، فإن الرسائل الإلكترونية التي أرسلها ولي العهد كانت موجهة إلى سعود القحطاني، الذي قاد فريق اغتيال خاشقجي الذي ضم 15 شخصًا، وكان الأخير على اتصال مع قادة فريق الاغتيال لحظة تصفية خاشقجي في القنصلية السعودية بإسطنبول. رابعًا: وجاء في تقييم “سي أي ايه”: “من غير المرجح أبداً أن يكون هذا الفريق.. قد قام بتنفيذ العملية (اغتيال خاشقجي) بدون موافقة محمد بن سلمان”. وأضاف التقييم أن القحطاني “طلب بشكل علني الحصول على إذن ولي العهد حينما كان بصدد تنفيذ عمليات حساسة أخرى في 2015، وهو ما يجسد سلطة ولي العهد وسيطرته على الأمور”. خامسًا: ونقلت الصحيفة عن مسؤول أميركي قوله إن الحكومة الأميركية توصلت أخيراً إلى معلومات تشير إلى أن “مركز الدراسات والشؤون الإعلامية” قام تحت إشراف القحطاني وطيلة عامين بتنفيذ عمليات اختطاف، بعضها خارج السعودية، واحتجاز وكذلك استنطاق في ظروف سيئة لمواطنين سعوديين كانت ترى الملكية أنهم يشكلون خطراً عليها. وأضاف المسؤول أن عمليات الاستنطاق رافقها تعذيب متكرر للمعتقلين. وفي هذا الصدد، أورد تقييم “سي أي ايه” أنه في عام 2015 قام ولي العهد السعودي “بإصدار أوامره للقحطاني ومركز الدراسات والشؤون الإعلامية بالديوان الملكي باستهداف خصومه بالداخل والخارج، وأحياناً باللجوء للعنف”. كذلك أضاف التقييم أن خمسة من موظفي المركز متورطون بتصفية خاشقجي، وأن هؤلاء الخمسة تورطوا أيضًا في تعذيب السعوديين الذين جرى اعتقالهم بفندق “ريتز كارلتون” بالرياض أواخر 2017، ضمن ما قالت السلطات السعودية إنها حملة ضد فساد، واستهدفت أمراء ورجال أعمال بارزين. اتصال سفير السعودية سادسًا: سبق أن خلُصت “سي آي أي” في تقييم لها إلى أن ولي العهد السعودي هو من أمر بقتل الصحفي. واطلعت الوكالة على معلومات استخباراتية مختلفة من ضمنها اتصال أجراه سفير السعودية في الولاياتالمتحدة الأمير خالد بن سلمان مع خاشقجي، حيث دعاه لزيارة القنصلية في إسطنبول لاستخراج الأوراق اللازمة، وقدم له تطمينات وتأكيدات أن الأمر سيكون آمنا. وجاء استنتاج “سي آي أي” أيضا بناء على تقييمها للدور الذي يلعبه محمد بن سلمان بالسعودية حيث تعتبره الحاكم الفعلي للبلاد، والمشرف على كل الأمور مهما صغر شأنها. ورغم هذه الأدلة والقرائن إلا أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب شكك في أن ولي العهد السعودي هو من أمر باغتيال خاشقجي. وقال ترامب -في مقابلة مع صحيفة واشنطن بوست- إن “سي آي أي” لم تجزم في تقريرها بأن ولي العهد أمر بقتل مواطنه. وأشار إلى أن بن سلمان ربما قد فعل ذلك وربما لم يفعل.