أصداء خطاب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان حول مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي داخل قنصلية بلاده في إسطنبول ما زالت مستمرة، وبدأت ثمار الخطاب تؤتي أكلها، فالحليف الأكبر للسعودية دونالد ترامب ألمح إلى أن المتورط الأكبر في مقتل خاشقجي هو ولي العهد السعودي محمد بن سلمان؛ لكونه يدير الأمور في المملكة بشكل أكبر في هذه المرحلة، رافضًا في الوقت ذاته التستر على هذه الجريمة. وبحسب تقرير بثّته قناة “مكملين”، لم يكتفِ الموقف الأمريكي على توجيه الاتهامات فقط لابن سلمان، بل امتد أيضا للتخطيط لمعاقبة 21 مسئولا سعوديًا ضالعين بقتل خاشقجي كإلغاء تأشيرات دخولهم إلى الولاياتالمتحدة، والتهديد باتخاذ عقوبات أخرى بعد حصولهم على المعلومات الكافية من السعودية وتركيا. الموقف الأوروبي جاء على ما يبدو هو الآخر منسجمًا مع واشنطن؛ فمجموعة الدول الصناعية السبع طالبت بوضع تدابير تضمن عدم تكرار جريمة مقتل المعارضين السعوديين خارج بلادهم، ودعت إلى محاسبة المسئولين عن قتله بهذه الطريقة، بيد أن الرد العملي على هذه الجريمة جاء من الخارجية الدنماركية التي استدعت السفير السعودي على خلفية مقتل خاشقجي . موقف آخر يجعل وضع المملكة صعبًا بعد أن فتحت النار على حدودها، هو ما طالب به البرلمان الأوروبي بالوقف الفوري لتصدير الأسلحة إلى السعودية، ومحاسبة الذين أصدروا الأوامر لفريق الاغتيال. وعلى ما يبدو فإن الخناق بدأ يشتد حول محمد بن سلمان، وريث عرش بلاد الحرمين المرتقب، لا سيما وأن الشكوك وأصابع الاتهام أصبحت توجه له من أكثر من جهة، بعد أن أصبح المجتمع الدولي شبه مقتنع بأن ابن سلمان هو الآمر الناهي في مقتل خاشقجي، حتى وإن قدّم الملك وابنه العزاء لأسرة الضحية. هي لعنات إذن تصيب دولة آل سعود، فرئيسة وزراء بريطانيا تريزا ماي أعلنت هي الأخرى عن اتخاذ إجراءات لمنع كل المشتبه بهم في قضية خاشقجي من دخول بلادها، ودفع هذا الإجراء صحيفة فايننشال تايمز البريطانية إلى مطالبة دول العالم بفرض عقوبات على السعودية وتعليق مبيعات الأسلحة من أجل تحقيق أمنية خاشقجي قبل مقتله. قناة “مكملين” الفضائية ناقشت، عبر برنامج “قصة اليوم”، دلالات التصعيد الدولي تجاه السعودية عقب مقتل جمال خاشقجي. وقال الدكتور صفي الدين حامد، أستاذ التخطيط الاستراتيجي: إن هناك علاقات شخصية وتجارية بين ترامب وصهره من ناحية محمد بن سلمان، لكن ما حدث كارثة كبرى زلزلت النظام العالمي الذي يعطي السفارات والقنصليات حصانة مقابل احترام الدولة المضيفة. وأضاف حامد أن دخول إيران على خط الأزمة ذكاء سياسي بعد تأكدهم من غرق السفينة، مؤكدا أن إنقاذ محمد بن سلمان بات يتطلب تكاليف باهظة قد تدمر المملكة العربية السعودية. من جانبه قال الدكتور علي الخضاري، الباحث في العلاقات الدولية: إن التصعيد في لهجة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تجاه الإدارة السعودية، وخاصة محمد بن سلمان ولي العهد السعودي، والتلميح بفرض عقوبات على شخصيات سعودية على خلفية مقتل الصحفي جمال خاشقجي، أربك الحسابات السعودية. وأضاف الخضاري أن توحّد الموقف الدولي حول قضية مقتل خاشقجي لم يتحقق منذ أحداث 11 سبتمبر 2001، مضيفا أن قضية مقتل خاشقجي أحد أهم إخفاقات السياسة الخارجية السعودية خلال العشرين سنة الأخيرة، بداية من غزو العراق، ومرورا بالملف السوري والحرب في اليمن. وأوضح الخضاري أن السعودية لن تتحمل الضغط الدولي عليها، خاصة بعد أن رفع الإعلام الأمريكي اليوم سقف الإدانات والهجوم الشديد الذي تتعرض لها الإدارة السعودية.