يحاول نظام الانقلاب، كعادته، الانتقام من أي إعلامي يخرج عن مظلته، خاصة وإذا كان هذا الإعلامي صاحب تأثير قوي، حيث جرت العادة أن نظام العسكر دائما ما يحتفظ ببعض التسجيلات الجنسية لعدد من الإعلاميين كأداة ضغط، حال لم تنفع معه المزايا المادية، وفي حال فشلت هاتان الطريقتان يبدأ النظام العسكري في اختلاق بعض قضايا تشويه السمعة؛ للنيل من الإعلاميين غير المحسوبين عليه أو المحايدين. هذا ما حدث مع الإعلامي السابق بقناة “الجزيرة” يسري فودة، الذي رد على الاتهامات التي طالته مؤخرا بشأن الزعم بالتحرش بزميلاته. وقال فودة، خلال سلسلة تغريدات على صفحته بموقع “تويتر”: إن الحرب المفروضة عليه واضحة الأسباب والأهداف والبدايات بالنسبة له، نافيا وجود أي قضية ضده كما «ادعت الحملة التشويهية»، ولفت إلى عزمه رفع قضايا سب وتشهير بحق المدعين. منشور نمطي وطالب المدعين باللجوء للقضاء في أي «دولة محترمة» لبيان حقيقة الادعاءات، كما طالب بضرورة توخي الحذر في سمعة الآخرين. وشكر فودة المدافعين عنه لثقتهم به، وأكد ضرورة عدم رده على «من لا يستحق»، ووصف ما كتب عنه ب«منشور نمطي تم توزيعه على أدوات النظام لا أساس له من الصحة»، مطالباً بالتأكد من كلامه من خلال مخاطبة قناة “دويتش فيلا” الألمانية أو شبكة «أريج» للصحافة الاستقصائية. وبدأت الحرب حينما نشر موقع «بوابة الأهرام» خبرا عن نظر القضاء الألماني 3 قضايا رُفعت ضد الإعلامي يسري فودة، بالتحرش بزميلاته في قناة ” دويتش فيلا” الألمانية. وقالت الصحيفة، إن زميلة له بالقناة كشفت هذا الأمر، ونقلت عن مصادر لم تُعرّفها الصحيفة أن يسري فودة تحرش بعدد كبير من زميلاته، وحددت اسمين، هما وفاء البدري (مصرية– 30 عاماً)، وطرفة (يمنية – 27 عاما)، وأكدت أنهن رفعن دعاوى قضائية ضده. فساد مالي كما زعمت اتهام فودة بالفساد المالي، ب«استغلال مؤسسة أريج للصحافة الاستقصائية المشتبه في كونها واجهة لعدد من الأجهزة الاستخباراتية الأجنبية في إعداد تقارير إخبارية وبيعها للقناة بمبالغ مالية باهظة». وقالت إن القناة الألمانية تغاضت عن التجاوزات المالية لتكون «ورقة ضغط عليه للاستمرار بالقناة»، أما دعاوى التحرش فتكتمت عليها السلطات الألمانية ل«دعم الحزب الحاكم بألمانيا للقناة، وإنفاق الحكومة مبالغ كبيرة عليها»، ولفتت كذلك إلى طرده من القناة ووقف بث برنامجه. وبمجرد نشر “الأهرام” للخبر، دخلت باقي صحف الانقلاب على الخط، ونشرت صحيفة «اليوم السابع» تقريرا بعنوان «بسبب فضيحة التحرش.. القناة الألمانية تطرد يسرى فودة»، وكانت القصة تقريبا بنفس تفاصيل وصياغة الخبر الذي نشرته صحيفة الأهرام، إلا أن الصحيفة زعمت امتلاكها وثائق تؤكد أحاديث سابقة كانت قد لاحقت فودة في الوسط الإعلامي حول الاتهام عينه. القناة الألمانية وذكّرت الصحيفة بعمله بقناة «الجزيرة»، التي قالت إنه ارتمى في أحضانها بتاريخ إعلامي مغمور، وقالت إن «خطته في عدم الهجوم على الإخوان المسلمين سابقاً كانت خطة من أجهزة مخابرات أجنبية»، وتحدثت كذلك عن معاداته لانقلاب 30 يونيو 2013، وموقفه «المعادي للدولة» حسب وصفها. كان فودة قد ترك القناة الألمانية في أغسطس 2018، أي بعد عامين وشهرين من الانضمام لها في يونيو 2016، وتقديم برنامج “السلطة الخامسة”، وقتها تحدثت الصحف المصرية حينها عن طرده بسبب مشاكل أخلاقية وتحرش دون إشارة لوقائع معينة، ولم يأخذ الأمر نفس الزخم الحالي. وجاءت تجربته في القناة الألمانية خلفا لعمله في شبكة قنوات «أون تي في» المصرية، حيث كان يقدم برنامج «آخر كلام»، الذي نال بسببه شهرة واسعة بمصر إبّان ثورة 25 يناير 2011. وبدأ فودة مسيرته الصحفية عام 1994 مراسلاً ميدانياً مع تلفزيون BBC، ثم انضم إلى قناة الجزيرة مديرا لمكتبها في لندن، حيث قدم برنامجه الاستقصائي «سري للغاية» لأكثر من عشر سنوات، قبل الانتقال إلى قناة ساويرس ON TV.