أنا أم لطفلتين، الكبرى فى السادسة من عمرها، أما الصغرى فلم تكمل أربعة أشهر، ولكن منذ ولادتها وأنا أشعر بغيرة أختها الكبرى منها بشكل واضح، فبعد أن كانت طفلة هادئة ووديعة، أصبحت عصبية تثور لأتفه الأسباب، ورغم إظهارها الحب لأختها المولودة، إلا أنها تحاول أن تقلدها فى بكائها وحركاتها وتستعمل أشياءها الجديدة، بل تضايقها كثيرا خاصة عندما أظهر اهتمامى بها، وقد تنتهز الفرصة لذلك عندما أغيب عنها. دلونى ماذا أفعل، ولكم الشكر. تجيب عن هذه الاستشارة، هدى سيد، المستشارة الأسرية، فتقول: أختى الطيبة أهلا وسهلا بكِ معنا، وبارك الله لكِ فى طفلتيك الجميلتين، وجعلهما قرة عين لكِ ولأبيهما إن شاء الله تعالى. عليك يا أختى أن تعلمى أن غيرة الطفل الأكبر من أخيه المولود حديثا أمر طبيعى بين الصغار، وقد تتزايد المشكلة عندك بسبب الفرق فى عدد السنوات بين الطفلتين، فمشاعر الغيرة كما يراها علماء السلوك: هى حالة انفعالية يشعر بها الشخص، ويحاول إخفاءها، ولا تظهر إلا من خلال أفعال سلوكية يقوم بها .. وهى مزيج من الإحساس بالفشل وانفعال الغضب. وتعد الغيرة أحد المشاعر الطبيعية الموجودة عند الأطفال كالحب، ولذا يجب على الوالدين تقبل ذلك بوصفه حقيقة واقعة، وفى الوقت نفسه لا نسمح بزيادتها، فالقليل من الغيرة يعد حافزا على المنافسة والتفوق وإظهار الأفضل، أما المبالغة فيها فتضر بصحة الطفل النفسية ونموه السوى الطبيعى. ومن آثار الغيرة لدى الأطفال ظهور السلوك العدوانى، والأنانية، والثورة، والنقد، ومن ناحية أخرى يتسم السلوك بالانطواء وعدم المشاركة، وجميع هذه المظاهر تمثل الشعور بالنقص لدى الطفل الغيور. عزيزتى الأم ذكرتِ فى رسالتك أن ابنتك الكبرى تظهر حبها لأختها الصغيرة، ومع ذلك بدأت تأتى بسلوكيات سلبية على غير المعتاد، وأنها تحاول تقليد تصرفات أختها المولودة وتستعمل أشياءها الجديدة، وهذا أيضا من المألوف فى الغيرة بين الصغار، والتى يؤكد خبراء التربية أنها تظهر بأسلوب تعويضى مصطنع، حيث يخفى الطفل مشاعره الحقيقية ويقوم بدور الممثل نحو أخيه المولود الجديد، فيتظاهر بأنه يضمه ويقبله ويحبه، وهو فى حقيقة الأمر يتمنى ضربه أو قرصه حتى يؤذيه بأى طريقة، وهنا تبدو الغيرة واضحة بسلوك عدوانى موجه للصغير. كذلك يتعمد الطفل جذب الأنظار إليه، ويحول كراهيته لأمه التى توجه اهتماما بالصغير وليس له، فيبدأ هنا فى الانتقام، ويتظاهر بالبكاء أو المرض أو العناد، ومن أحد مظاهر جذب الاهتمام رجوع الطفل إلى أنماط سلوكية طفولية سابقة، مثل العودة إلى شرب الحليب من زجاجة أخيه الصغير، أو النوم فى سرير المولود أو التبول الليلى فى الفراش، ومص الإصبع، والتحدث بأسلوب طفولى، والالتصاق بالأم والبقاء فى حضنها كلما حاولت حمل المولود الصغير. ولكى تتجنبى تلك المظاهر أو تقللى منها عليك أختى الكريمة اتباع الخطوات التالية: - حاولى بقدر المستطاع أن تحتوى طفلتك الكبرى، لأنها على وعى أكبر من المولودة وتحتاج إليك بشدة أيضا، وإن كانت حاجة الصغيرة مادية بشكل واضح كالغذاء والنظافة والنوم الهادئ، إلا أن حاجة أختها الكبرى ليست مادية فقط، بل تحتاج إلى مضاعفة الحب والفهم والاحتواء والحماية، حتى تقللى من غيرتها الواضحة تجاه أختها المولودة. - لا تدللى مولودتك الجديدة أمام أختها الكبرى بشكل دائم وتهملى الأخيرة، وإن كانت الصغيرة هادئة أو نائمة فعليك الاهتمام بأختها الكبرى وعدم الانشغال عنها فالعبى معها، أو اقرئى لها قصتها المفضلة، أو شاهدى معها الكرتون الذى تحبه، ارسمى ولونى معها، وهكذا.. حتى تتأكد من استمرارية حبك واعتنائك وتدليلك لها، وحتى لا تشعر بتفضيلك أختها الصغرى عليها ويتضاعف لديها الشعور بالغيرة. - تجنبى أنتِ وزوجك قدر المستطاع إظهار الخلافات الزوجية وشحن جو البيت بالتوتر والانفعال، حتى لا تصاب الصغيرتان بحالة نفسية سيئة تؤثر على سلوكياتهما، ويجب أن يشارككِ زوجك فى احتواء ابنتكما الكبرى وإظهار حبه الدائم لها، مع مراعاة تحملها عندما تغضب وتظهر غيرتها من أختها المولودة وعدم اللجوء إلى قمعها أو عقابها حتى لا تسوء الحالة، بل اتركاها تخرج شحنة الغضب من داخلها حتى تسكن، وعليكما فى هذه الحالة أن تتحليا بالهدوء، وضبط الأعصاب، والتماس العذر لطفلتكما الأولى التى ظلت لسنوات الابنة الوحيدة المدللة. - حاولى أن تحببى الابنة الكبرى فى أختها المولودة بالفعل، بأن تقومى أنت وابنتك الكبرى بشراء بعض حاجات الصغيرة، وجعل أختها الكبيرة تهتم بها فعلاً حتى تبين أنها تحبها وترعاها معكِ، لتنبهى بداخلها الشعور بالحب الحقيقى تجاه أختها الصغيرة، وتنزعى الإحساس بالحقد أو الكراهية. - قدمى لابنتك الكبرى بعض الهدايا من حين لآخر لرعايتها أختها واهتمامها بها، ووضحى لها كم ستكون سعادتها عندما تكبر أختها وتصبح صديقتها المحبوبة والمقربة.