تبدأ خلال الأيام القادمة جلسات تفاوض بين الرئيس الأفغانى حامد كرزاى، وحركة طالبان المعارضة، التى يعتبرها البعض خطوة نحو استقرار أفغانستان. وفى مطلع الأسبوع الجارى وصل كرزاى إلى العاصمة القطرية الدوحة -التى ستحتضن هذه المباحثات- لبحث إجراء مفاوضات سلام مع حركة طالبان التى افتتحت مكتبًا لها فى الدوحة، حسب الخارجية الأفغانية. وأعلنت قطر فى مطلع العام الجارى أنها ستبذل قصارى جهدها؛ من أجل إجراء محادثات بين طالبان والأطراف المعنية؛ من أجل تحقيق الأمن والسلام فى أفغانستان. وكانت الحركة قطعت مباحثات تمهيدية مع الولاياتالمتحدةالأمريكية فى الدوحة فى مارس 2012 بسبب عدم قدرة الطرفين على تلبية طلبات بعضهما البعض. وقبل أقل من عامين من انسحاب معظم قوات الاحتلال التى تدعم الحكومة الأفغانية، أصبح التوصل إلى اتفاق سلام، ضرورة لمنع دخول البلاد التى مرت بأكثر من ثلاثة عقود دامية، مجددا فى دائرة الاقتتال. مفاوضات ملحة وصعبة وفى نهاية الأسبوع الماضى، دعا الممثل الأعلى للأمم المتحدة فى أفغانستان "يان كوبيس" طالبان لبدء مفاوضات سلام من أجل مستقبل مستقر وآمن. ويرى مراقبون أهمية المفاوضات فى هذا التوقيت، وأن التسوية بين طالبان وكابول هى السبيل الوحيد لتفادى مرحلة دموية جديدة شبيهة بالحرب الأهلية الدامية التى شهدتها البلاد بين 1992 و1996. وتأتى صعوبة هذه المفاوضات الملحة فى الاختلاف الكبير بين الحركة وحكم كرزاى الذى لا يقبلون به، معتبرين إياه حكما منبطحا للإدارة الأمريكية، ومن ثم لا يمكن التحاور معه، بالإضافة إلى الوضع المحتقن داخليا، الذى يتعارض مع جو التفاوض؛ حيث تتربص الحركة بكرزاى ونظامه، وقمع الأخير أى تحركات تقوم بها الحركة داخليا، وهو ما سيجعل الجو التفاوضى قريبا إلى التصارع. أوباما.. من الحرب إلى الحوار استمرت الحرب الأمريكية ضد طالبان نحو 11 عاما لم تستطع خلالها القضاء على الحركة أو طردها من الأراضى الأفغانية؛ وهو ما تسبب فى إرهاق الميزانية الأمريكية التى تعانى من العجز المتزايد. ويأتى الحوار المتوقع بين الحركة والسلطات الأمريكية بعد حالة العداء الطويلة ليصب فى مصلحة أوباما الذى يعتبر الانسحاب الكامل ورطة لإداراته الحالية إن لم يتم بهدوء وسلام، وهو يحاول بهذه المفاوضات -قبل اقتراب موعد الانسحاب- فتح خطوط الحوار مع حركة طالبان لضمان انسحاب هادئ من جهة، ومن جهة أخرى توفير الغطاء لتوقيع معاهدة مع الحكومة الأفغانية تضمن بقاء بضعة آلاف من القوات الدولية، تحت غطاء تدريب كوادر وأجهزة الأمن الأفغانية؛ شرط منحهم الحصانة القضائية. ورغم أن قادة طالبان رفضوا الحوار قبل انسحاب كل القوات الأجنبية من البلاد، إلا أن الحكومة الأفغانية وجهت دعوة رسمية إلى الحركة، والحزب الإسلامى للمشاركة، ترشيحا وتصويتا، فى الانتخابات الرئاسية التى ستجرى فى الخامس من إبريل 2014، قبيل بضعة أشهر من الموعد المحدد لاستكمال انسحاب القوات الدولية من أفغانستان. ويبقى السؤال هنا: هل هذه المباحثات التى ستقابل بلا شك صعوبة كبيرة وإجراءات مطولة قادرة على تحقيق الأمن والاستقرار فى الجمهورية المشتعلة دائما؟ أم أن الرهان على هذه المباحثات سيكون خاسرا؟ هذا ما ستكشفه الجلسات المتوقعة قريبا بين الحركة والأطراف المعنية بالتفاوض.