تحديات ومعطيات عديدة تفرض نفسها بقوة على جدول أعمال القمة العربية الرابعة والعشرين التي سوف تستضيفها العاصمة القطرية، الدوحة، بعد غد الثلاثاء، وتستمر لمدة يومين، يأتي في مقدمتها تطورات الأوضاع في سوريا وما تشهده من تحركات سريعة لإنجاح ثورة الشعب السوري ووقف نزيف الدماء، ومستجدات القضية الفلسطينية في ظل زيارة أوباما الأخيرة للمنطقة وسعي الولاياتالمتحدة لإحياء عملية التسوية السياسية بين الفلسطينيين والإسرائيليين. وسوف تشارك مصر في هذه القمة بوفد يرأسه الرئيس محمد مرسى ويرافقه وفد وزاري رفيع المستوى على رأسه وزير الخارجية محمد كامل عمرو، ومن المقرر أن يصل الوفد المصري إلى الدوحة غدًا الإثنين؛ حيث سيشارك الرئيس في أعمال اليوم الأول للقمة وسيلقي كلمة في الجلسة الافتتاحية يحدد فيها المواقف المصرية تجاه أبرز القضايا المطروحة على جدول أعمال القمة. وتأتي هذه القمة العربية في ظل تطورات ومتغيرات تمر بها بعض البلدان العربية المركزية، وهي تطورات تجعل من ملف إصلاح وتطوير جامعة الدول العربية أحد الموضوعات المركزية التي ينبغي تصدي القادة والمسئولين العرب له، في مسعى للارتقاء بالجامعة ونقلها من الجيل الأول للمنظمات الدولية إلى الجيل الثالث؛ حيث لم تتغير هياكل العمل العربي الجوهرية منذ نشأة الجامعة في عام 1945 بما يتوافق مع الرغبة في تعزيز العمل العربي المشترك ليتكيف مع مستجدات العقد الثاني من القرن الواحد والعشرين. ويمتلئ جدول أعمال القمة وفقًا لذلك بأجندة عمل تتناول قضايا مختلفة يأتي على رأسها الملف السوري والقضية الفلسطينية، خصوصًا تطورات الأوضاع في القدسالمحتلة، وكذلك الجولان وجنوب لبنان، وملف إحياء عملية السلام، وأزمة الجذر الإماراتية المحتلة من قبل إيران، والأوضاع في السودان والصومال واليمن، وقضية انتشار السلاح النووي؛ حيث يصر الجانب العربي على عقد المؤتمر الدولي لإخلاء الشرق الأوسط من أسلحة الدمار الشامل بحضور كل الأطراف الإقليمية بما فيها إسرائيل وإيران، كأبرز الوسائل لمنع نشوب حرب إقليمية كبرى في المنطقة. وسوف يستعرض المجلس الاقتصادي والاجتماعي على هامش القمة الصعوبات التي تعترض استكمال تأسيس منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى التي انضمت إليها حتى الآن 18 دولة باستثناء موريتانيا وجيبوتى والصومال وجزر القمر، وذلك لوضع خارطة طريق لتفادي هذه الصعوبات، فضلا عن مناقشة كيفية سد الفجوة الزراعية في العالم العربي. وبطبيعة الحال سوف يطغى ملف الأزمة السورية على كل اجتماعات واتصالات الجامعة العربية، فهو يفرض نفسه بقوة على طاولة القمة مع تزايد أعداد القتلى والمصابين من أبناء الشعب السوري الذي يواجه حرب إبادة حقيقية على يد النظام الحاكم في دمشق. وهذا الوضع يحتاج ما هو أبعد وأعمق من بيانات الدعم والمساندة أو الاكتفاء بإرسال بعض المساعدات للاجئين والنازحين السوريين على أهميتها، يحتاج إلى تحرك فعال يدعم هذه الثورة في مواجهة النظام الحاكم الذي لم يتوان عن تدمير مدن بأسرها في سبيل وأد تطلعات وطموحات الشعب السوري. ولذا يتوقع أن تخرج القمة بقرارات أكثر فاعلية فيما يتعلق بدعم المعارضة السورية التي تسعى لإسقاط النظام السوري الحالي بكل الوسائل الممكنة من أجل إنهاء النزاع الذي دخل عامه الثالث، ومنها كيفية تسليح المعارضة وتقديم الدعم لها على جميع المستويات، وكيفية دعم الدول العربية، وخاصة الخليجية، للائتلاف السوري المعارض، ومطالبة المعارضة بالمزيد من التوحد والتنسيق المشترك. وكان الائتلاف السوري قد انتخب مؤخرًا "غسان هيتو" رئيسًا لحكومة مؤقتة تدير البلاد استجابة لطلب تقدم به مجلس وزراء الخارجية العرب إلى المعارضة السورية من أجل تكوين كيان سياسي يشغل مقعد سوريا في القمة العربية، وأعلنت الجامعة العربية إعطاء مقعد سوريا للمعارضة شرط تشكيلها هيئة تنفيذية مكتملة قادرة على شغل المقعد، ما اعتبره المراقبون رسالة قوية من الجامعة بتقديم دعم سياسي غير مسبوق لجهود إنقاذ الشعب السوري ومواجهة نظام الأسد الذي رفض سابقًا كافة المبادرات العربية الداعية إلى حل الأزمة عبر الحوار والطرق السلمية. ومما لا شك فيه فإن مكونات المعارضة السورية، بما فيها الجيش الحر، تترقب قرارات قمة الدوحة التي سوف تزيد من الضغوط الدولية على نظام الأسد وتضع بندًا بهدف تحقيق القصاص العادل من نظام الأسد الذي ارتكب جرائم إنسانية بحق الشعب السوري. أما ثاني الملفات الرئيسية والمهمة التي ستتناولها القمة فهو ملف القضية الفلسطينية؛ حيث سيكون تصاعد وتيرة الاستيطان والاعتداء على المقدسات الإسلامية في الأراضي الفلسطينية المحتلة أحد القضايا الأبرز، وذلك في محاولة للوقوف في وجه آلة الحرب الإسرائيلية التي تستهدف الأرض والإنسان والتاريخ الفلسطيني. وتعد القضية الفلسطينية أبرز محاور كافة القمم العربية منذ بدايتها في أنشاص بمصر في عام 1946 باعتبارها قضية العرب الأولى، إذ صارت كذلك بسبب التعنت الإسرائيلي الدائم وتراخي المجتمع الدولي في فرض قرارات الشرعية الدولية التي ينتهكها الجانب الإسرائيلي باستمرار، ولذا طالب الشعب الفلسطيني القادة العرب بوضع قضية الأقصى والقدسالمحتلة بشكل عام في صدارة مناقشاتهم خلال القمة، نظراً للخطورة التي باتت تتعرض لها القدسالمحتلة جراء الممارسات الإسرائيلية المتصاعدة خلال الفترة الماضية، وأيضا ضرورة تنفيذ التزامات القمة العربية الثانية والعشرين التي عقدت في مدينة سرت الليبية في عام 2010، والتي أقرت تخصيص 500 مليون دولار لدعم صمود القدس ضد عملية إسرائيلية ممنهجة لتهجير وتهويد واستيطان بالقدسالشرقية. وعلاوة على ذلك ستتم مناقشة بعض المقترحات ومنها: مقترح المنظمة العربية للتنمية الزراعية بعمل آلية لتحقيق التنمية الزراعية وسد الفجوة الغذائية العربية بحلول عام 2025"، والمقترح المقدم من المنظمة العربية للتنمية الصناعية بدعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة استكمالاً لقرار قمة الكويت الاقتصادية بإطلاق صندوق لدعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة بدول المنطقة.