مدير إدارة التجديدات: ماكينات صيانة القطارات متهالكة وإنتاجية عمال الورش انخفضت إلى 30% د. على خطاب: غياب المعدات والعنصر البشرى المدرب يعنى صيانة عرجاء ! آيات سليمان عند وقوع حادث قطار تتجه الأنظار إلى "ورش الصيانة"، ويتساءل الخبراء والفنيون والمواطنون.. كيف خرج القطار من الورشة وهو معيب، وعلى من تقع المسئولية، وما الإجراءات التى تتم داخل الورشة لفحص القطار وتحديد مدى سلامته لبدء الرحلة، وهل الورش لديها بالفعل إمكانات كافية لصيانة القطارات قبل التحرك؟ "الحرية والعدالة" تحاول الإجابة عن هذه الأسئلة فى التحقيق التالى.. تبدأ رحلة القطار داخل ورش السكة الحديد بعد نزول الركاب بمحطة نهاية كل خط، ويفصل الجرار الذى قام بالرحلة عن باقى عربات القطار ليذهب إلى ورش جرارات الديزل، فى حين يأتى جرار الوردية من ورشة الصيانة ليأخذ عربات القطار من المحطة إلى المغسلة ليبدأ رحلته داخل ورش الصيانة، وهناك مدير الحوش، وعامل الحركة، وقبل دخول الجرار للورشة يصعد به عمال "برادين العوارض"، لاكتشاف أى عوارض جسيمة به فى أثناء وقوفه على سكة الاستعداد. أسفل السقيفة إذا كان الجرار بحاجة إلى صيانة يدخل القطار أسفل السقيفة، وهو مكان عبارة عن ممرات على شكل مجرى يسهل للعمال إجراء الإصلاحات للقطار، وفى هذا المكان يصعد إلى القطار عمال الحرف المختلفة وعددهم قليل جداً مقارنة بحجم الأعمال المطلوبة والعقبات التى تواجههم من نقص قطع الغيار، محاولين توفير الحد الأدنى لسلامة القطار . بعدها يصعد عمال (الفاكن) ليتأكدوا من سلامة أجهزة الرُباط وتغيير الفرامل التالفة، ويقوم عُمال الصيانة بالكشف على جميع الأجهزة المُتحركة داخل العربة مثل حلل التصادم وشايلات الأمان وغيرها، ويصعد السمكارية لاستكمال فحص "الحنفيات المكسورة بعربات القطار"، وعمال المياه يزودون العربات بالمياه . نقص العمالة ويقوم نجارو الصندوق بالعمل على استكمال الزجاج المكسور أو الفاقد من المقابض والأبواب، وإن كانت تلك الخطوة تتم على نطاق محدود جداً لنقص الأدوات، كذلك يصعد عُمال الطفايات للتأكد من وجود طفايات بالعربات وتغيير التالف والمنتهى صلاحيته، وعلى الجانب الآخر يقوم عُمال (القطاير) بالمرور على عربات القطار وتعريقها بالزيت والجاز حتى تكون لينة فى أثناء المنحنيات والسير، ثم يمر مفتشو الوردية والأسطوات للمُتابعة، وبعدها يثبت المهندس فى تقرير صلاحية القطار للمسير، ويأتى بعدها السائق ومساعدوه لتسلم القطار بعد نظرة سريعة عليه ويوقعون على ذات الشهادة بأنهم تسلموا القطار وهو صالح للمسير وتتكرر تلك العملية عند نهاية كل خط. هذه العملية تستغرق من ساعتين إلى أربع ساعات، وأهم المعوقات هو نقص العمالة، وهو ما قد يُؤدى إلى وقوع أخطاء، خاصة أن قطع الغيار شبه معدومة، الأمر الذى يضطر العمال إلى فك قطع غيار من قطار متوقف لتجاوز الأزمة، وهو أسلوب العمل فى معظم الورش، خاصة القطع المهمة التى لا يتحرك القطار دونها مثل الفرامل . وتكون أولويات الصيانة فى الحوش ل"لقم الفرامل" و"أجهزة الرُباط" و"البواجى" من أسفل، وهى أشياء لا يمكن للقطار أن يتحرك دونها، ويعطى المهندس تعليماته باستعداد القطار للقيام، وفى أثناء الرحلة إذا شك السائق فى وجود خلل فإنه يخبر الصيانة فى أقرب محطة ليكونوا فى انتظاره، فإذا وجدت مشكلة كبيرة تفصل العربة عن القطار ويكمل رحلته، أما فى الأمور العادية فيكتفى اثنان من عمال الصيانة فى كل محطة بالمرور السريع على العربات. ورش أبو وافية ما الوضع داخل الورش التى أصبحت "شماعة" تُعلق عليها حوادث القطارات التى تبلغ نسبة المُتهالك منها نحو 85%. ورشة سكك حديد أبو وافية مهمتها صيانة قطارات الدرجة الأولى، الوضع فيها سيئ والإمكانات محدودة ويضطر عامل الصيانة إلى النزول أسفل القطار فى مجرى يمتلئ بمياه الصرف الصحى، للتأكد من سلامة القطار قبل إقلاعه. يقول مصطفى حسين -فنى بقسم النجارين-: الوضع بالنسبة للعاملين بورش السكة الحديد لا يقل مأساة عن حالة القطارات المتهالكة، والعمال يعملون فى ظروف نفسية صعبة ومرتبات ضعيفة. ويضيف محمد عبد المقصود -ملاحظ صيانة الصندوق- هناك عجز فى المعدات وقطع الغيار ويضطر الفنيون إلى فك قطع غيار من جرار قطار آخر لتسيير القطار الذى يستعد للرحلة . وتابع زكريا شحاتة -فنى تكييف- من يقومون بأعمال الصيانة بالورشة عمال عاديون وليسوا فنيين متخصصين؛ لأن نحو 80% من العاملين بورش السكة الحديد غير فنيين، ونحو 90% أميين . وأشار أحد المسئولين بقسم الدفاع والحريق إلى أنه لا توجد إمكانات كافية لتجهيز عربات القطار بالطفايات، وهناك عجز فى الإمكانيات ونقص فى عدد الطفايات وهناك حاجة ل500 طفاية لسد العجز . أبو غاطس وفى ورش حديد قطارات "أبو غاطس" المعدات ملقاة على الأرض وجزء من السور الذى يحيط بالورشة مهدم مما يسمح بدخول اللصوص. يقول أحمد إسماعيل صبيح -مدير وردية بالورشة- هناك نقص فى العمالة وفى قطع الغيار بجميع أنواعها، وهذا هو سبب قيام القطار فى كثير من الأحيان بعدد عربات أقل من المعتاد . والمدهش -كما يقول- أن من أبرز قطع الغيار الناقصة فى الورشة، الفرامل بأنواعها خاصة الفيبر، وسيلندرات الروابط، وبلوف التقسيم، بجانب عدم توافر عجل بديل للعربات، موضحا أن العربات من نوعية "بواجى جانز" تحتاج قطع غيار، أما عربات ال"يو.آى.سى" فتحتاج إلى تشريك وإحلال وتجديد؛ لأن عمرها الافتراضى انتهى من عشرات السنين، إلا أنها ما زالت فى الخدمة حتى الآن . ويقول عماد سعيد -ناظر الحوش- إن جهاز اللاسلكى الذى يتواصل به مع الأبراج لمعرفة حركة القطارات مكسور وأن الجرارات الموجودة متهالكة بما فيها مقعد سائق القطار والكشافات قد لا تعمل فى بعض الأحيان، موضحا أنه رغم أن الهيئة أحضرت 40 جرارا جديدا تكلفة الواحد منها 15 مليون جنيه، إلا أن القديمة أفضل منها فى قوة الجر ومستواها عال ما يجعل الرؤية أفضل على عكس الجديدة المنخفضة والتى لا تزيد على كونها مجرد هيكل. وأشار أحد الفنيين بالورشة إلى أن 50% من الرحلات تتعطل بسبب نقص الجرارات، وفى حال وصول الرحلة متأخرة قد يعود القطار دون صيانة، كما أن حالة جهاز ال"إيه.تى.سى" الذى يحدد السرعات سيئة. 470 مليون جنيه وأكد مصدر مسئول بهيئة السكة الحديد، أن وزير النقل الجديد د. حاتم عبد اللطيف طلب وضع خطط سريعة للارتقاء بمنظومة السكة الحديد، وتم تخصيص 170 مليون جنيه لصيانة العربات، و300 مليون جنيه لصيانة الجرارات، مشيرا إلى أن إجراءات شراء المعدات هى التى قد تأخذ بعض الوقت لأن المعدات ليست متوفرة فى مصر وإنما يتم شراؤها من خلال مُناقصات عالمية. وقال المصدر إن أكثر من 85% من القطارات مُتهالكة بعدما طالها الإهمال منذ نحو 60 عاما، نتيجة تحول هيئة السكة الحديد من هيئة استثمارية إلى خدمية وساهمت السياسات المتعاقبة فى إلحاق خسائر بالهيئة فى ظل تدنى أسعار تذاكر السفر التى يحصل عليها المواطن بأقل من سعر التكلفة الحقيقية للخدمة، وهو ما تسبب فى خسارة الهيئة الملايين العام بعد الآخر، دون تعويض هذه الخسارة من خلال الاستثمار أو من جانب الدولة التى تدخلت فى تحديد سعر التذكرة دون أن تدرس أبعاد ذلك القرار، ولم تقدم الدعم لهيئة السكة الحديد. وأضاف أن مد خطوط السكة الحديد لمسافة كيلو متر يكبد الدولة 2 مليون جنيه، وقد يتعرض للسرقة، كما أن الاستثمارات فى الهيئة مُرتفعة للغاية، وكذلك قطع الغيار، وقد يصل سعر الماكينة الواحدة فى الصيانة إلى 8 ملايين جنيه. ويقول المهندس مصطفى محمد حسن -مدير إدارة التجديدات بالهيئة القومية لسكك حديد مصر- هناك نقص فى العمالة التى تقوم بأعمال الصيانة والتجديدات للسكة الحديد بنسبة 50%، موضحاً أن (البوسطة) وتعنى مساحة 10 كيلو مترات فردى و5 كيلو مترات مزدوج بالسكة الحديد تحتاج إلى 10 أفراد للمتابعة والتأكد من سلامة السكة وإصلاح ما يجب إصلاحه أو تجديده. ويوضح أن المشكلة تتمثل فى أن (البوسطة) بها واحد أو اثنان فقط وهو ما يؤثر على الأداء ويترتب على ذلك تراجع الإنتاجية إلى 30%، وفى ظل هذا العجز مطلوب من العامل أن يتأكد من سلامة خط السكة الحديد، وعدم وجود سرقات، لافتا إلى أن الكارثة الأكبر تتمثل فى السرقات التى تتعرض لها السكة بشكل مستمر، فقد يسير قطار على سكة طولها 150 كيلو مترا ويفاجأ بجزء من السكة غير موجود، وهى ظاهرة يومية. وكشف أن نحو 20% من خطوط السكة الحديد بحاجة إلى تجديدات نتيجة الأحمال المتزايدة للقطارات التى تسير عليها ونقص العمالة التى تقوم بصيانتها. وحول أوضاع ورش السكة الحديد، يقول د. على خطاب -أستاذ التصميم الميكانيكى بكلية الهندسة جامعة القاهرة- إن مرفق السكة الحديد به عمالة زائدة وتحتاج عملية تدريب تحويلى، مؤكدا أن الارتقاء بالمستوى الفنى للعاملين بالورش أهم من اللجوء لزيادة الأعداد دون التدريب بطريقة حرفية. وأوضح أنه للارتقاء بورش السكة الحديد، لا بد من توافر العنصر البشرى المُدرب، والأدوات والمعدات وقطع الغيار، والتخطيط الذى يأتى على رأس تلك العوامل، مشيرا إلى أن نقص قطع الغيار يعد أحد العوامل التى تتسبب فى وجود صيانة ناقصة بالسكة الحديد.