كم لحظة مرت علينا ظننا فيها أن ثورتنا قد ضاعت؟ ربما عشرات لو حسبت بالمراحل، وربما آلاف لو حسبت بالدقائق، هنا يظهر قلبك وينتفض عقلك، يصيبك الحزن ولا ريب، والضيق والهم، قلق لا تنام معه الليل، ولكن القلب يبقى كما هو، هو هو هذا القلب الذى لم يبارح أرض الميدان وإلا وقد رحل الفاسد، يقولون الآن، وهل رحل؟ لقد بقيت أذنابه تعيث فى الأرض، ولكنه رحل، كنت أرى دومًا وأتذوق خطوات النجاح مع أنى كنت أعلم يقينًا أن الخطوات التى تليها واسعة طويلة صعبة، لكننى تعلمت أن احتفل بكل خطوة منها كأنها الأخيرة، وأعمل بجد لتحقيق ما تبقى كأنها البداية. ما أحوجنا يا شباب فى هذه اللحظات إلى الاستبشار، نعم الاستبشار، علامات الهم تبدو واضحة على شباب ثورة يناير الأم.. "فلان الفلانى" هو الذى يشعر بما تشعر به، وهو الشخص الثورى الأصيل الذى غنى له مصطفى أمين: فلان اللى ساب لى بقية سندوتشه ليلة لما شافنى باغنى وجعان فلان اللى مش فاكره غير شكل وشه، فلان اللى عدانى جوه الميدان فلان اللى فتشنى بالابتسامة، فلان اللى قال هو فعلا هيمشى فلان اللى قالى طريق السلامة، ساعت لما قولنا زهقنا وهنمشى انظر ممن بيتك.. انظر إلى أبيك أو أمك أو عم حسن الرجل البسيط بواب عمارتك، يشعرون بالهم؟ مرحبًا ب"همِّ" الصالحين ودعائهم، إنه ليبشر بالخير، فاستبشر خيرًا أو حينما تشاهد التلفاز وعم محمد نجارك يعمل بجانبك، والذى ليس له انتماء إلا لما يقوله قلبه، فتراه يقول لك، "ما أشد صبر هذا الرجل (الرئيس) على هؤلاء، يا هانم لازم يلمهم كوولهم صدقينى" فابتسم واستبشر خيرًا وافقته أو لم توافقه. انظر إلى من أمامك على الناحية الأخرى، يده فى يد من؟ ماذا يقول؟ ما هتافاته؟ ماذا يفعل؟ واستبشر خيرًا أنك على الناحية الأخرى، وهى دعوة واضحة لا أخشى فيها إلا الله للمعارضين الشرفاء.. أخوة الميدان إلى الانضمام إلى صفوف إخوتهم، فهذا ليس بمكانك، لا تدع خوفًا من المجهول ينسيك حقائق فى يدك، سأخرج معك غدًا لو كانت مخاوفك حقيقة، حينما تجد هذه الهجمة الإعلامية الشرسة غير المبررة، والتى فاقت فترة النظام البائد تضليلا، قنوات تحتاج من فترة لأخرى أن تأخذ قسطًا من الراحة منها لتشاهد فلمًا للكرتون، فاعلم أن شيئا من الإرباك قد أصابهم، أن قلقا ما على مصيرهم قد أرّق مضاجعهم، وأن هناك من يعتبر المرحلة فرصته الأخيرة للنجاة من الثورة، فاستبشر خيرًا، إذا فتحت إذاعة القرءان فى صباح مصرى أصيل، لتجد خواطر الشعراوى تنقل لك رسالة قرآنية رائعة، فعش مع قرآنك، أنه والله كأنه ينزل علينا الآن فاستبشر خيرًا، حينما تعلم أن ربك هو الذى سيختار من سيكتب اسمه على أوراق مشرقة من أعظم لحظات التاريخ رغم محاولاتك المضنية للاتحاد والتجمع،. فاستبشر خيرًا وحينما تعلم أن التاريخ نفسه يسطر ما يحدث ولا يتأثر بإعلام ولا مضللين، فاستبشر خيرًا حينما ترى الوجوه التى هبّت وانتفضت لتحمى ثورتها، انظر فيها جيدًا واستبشر خيرًا، كتبت مقالتى يوم السبت، أمس فى صباحه الباكر، أثق بإذن الله أنه يوم آخر من الأيام الخالدة وأنا لم أرى نهايته بعد، والآن وقد رأيت أنت، فاستبشر خيرًا ولا تنسَ أن تسمع "فلان الفلانى" فتبتسم، وتستبشر خيرًا. ------------------- نهى سلامة www.nohasalama.com