أصبح خطاب قائد الانقلاب العسكري عبد الفتاح السيسي، الذي يخرج به على المصريين شبه يوميا، بمثابة التعويذة التي يشل بها السيسي عقل الشعب المصري ويزلزل بها إيمانهم بحق الحياة، في ظل تكراره لعبارات "الجوع والفقر" التي يرددها على مسامعهم، وحفظها الناس عن ظهر قلب، حتى زهدوا فيما تبقى لديهم من الدنيا. لم يزد عبد الفتاح السيسي خلال خطابه اليوم الاثنين، عما قاله في خطابه قبل الأخير السبت الماضي، وجميع خطاباته السابقة، من التصريح بخطورة أهل الشر والزيادة السكانية في تبرير فشله، والتبشير بالجوع والفقر وضرورة تحمل المصائب في ظل حكمه من أجل بناء مستقبل المصريين الوهمي.
إرهاب وزيادة السكان
يقول السيسي إن الإرهاب والزيادة السكانية أكبر خطرين يواجهان مصر، وهي العبارة التي لا تنفك من على لسان السيسي، حتى أن أحد الإحصاءات التي حللت خطاب السيسي أكدت أن السيسي يذكر كلمة الإرهاب في خطاباته الرسمية أكثر من 30 مرة في متوسط خطاباتها التي يخرج بها، الأمر الذي فسره محللون في الشأن السياسي بأن السيسي أصبح يفتقر لأي قدرة على الإبداع للخروج من النغمة المعروفة بالحديث عن الإرهاب، والتي من شأنها أضرت بالاقتصاد المصري والسياحة، خاصة في ظل خوف المستثمرين من حديث النظام عن الإرهاب، وتأثيره على الاستثمار.
وتابع في كلمته بمؤتمر الشباب، الذي تستضيفه محافظة الإسكندرية، اليوم الاثنين: "الزيادة السكانية هى تحدي التحدي، ورب الأسرة يجب أن يُدرك هل يستطيع الإنفاق على الأولاد، أم لا؟".
وطالب خلال جلسة بعنوان "رؤية مصر 2030"، بتوحيد الجهود من جميع الفئات، لتنظيم هذا الغول الذي يبتلع النمو- في إشارة إلى الزيادة السكانية- مؤكدًا أن "عملية الإنجاب حسب قدراتنا، أمر على مستوى الأهمية".
ولعل مصطلح "الزيادة السكانية" التي يبرر بها السيسي فشله وحملات تجويعه للمصريين، من أكثر العبارات استخداما على لسان السيسي، الأمر الذي اعتبره المتابعون بمثابة "الشماعة" التي يعلق عليها السيسي فشله بعد شماعة الإرهاب.
وأكد متابعون على مواقع التواصل الاجتماعي أن حديث السيسي عن الزيادة السكانية أصبح مملا ورتيبا، حتى أنه أصبح كالتعويذة التي يكتبها السيسي في كل خطاباته، موضحين أن الزيادة السكانية التي يتحدث عنها السيسي هي زيادة غير استثنائية وموجودة بالعالم كله، كما أن مصر في إحصاءات المركزي للتعبئة والإحصاء لم تشكل زيادتها السكانية خلال الأعوام الأخيرة نسب كبيرة عن التي كانت تسير عليها، وبالتالي حديث السيسي أصبح مستفزا طالما أصر على تعليق فشله عليها.
ويستغل السيسي الحديث عن الزيادة السكانية بشكل يتفق مع حاجته، فتارة يتباهى بها في كيد أعداءه من الدول التي لا زيد عدد سكانه عن مليون نسمة مثل قطر، وتارة يعلق عليها شماعة فشله، وكان خطابه في افتتاح قاعدة محمد نجيب حينما قال "انتو عارفين المائة مليون في مصر بيفطروا ويتغدوا ويتعشوا بكام"، الأمر الذي أثار سخرية نشطاء مواقع التواصل.
الفقر والشحاتة والجوع
كما يستعين السيسي بألفاظ اعتاد عليها في حديثه مع المصريين عن المستقبل، وهي ثلاثة ألفاظ يستخدمها السيسي في كل خطاباته بمعدل كبير وهي "فقر – جوع – هانشحت".
ولعل أخر خطاباته اليوم الاثنين لم تخلو من هذه الألفاظ، حينما قال السيسي "إن هناك خيارين للخروج من الأوضاع الاقتصادية الصعبة، التي تمر بها مصر إما نكافح أو نشحت".
وأضاف السيسي، خلال كلمته في مؤتمر الشباب بالإسكندرية: "يا نكافح يا إما نقول مفيش فايدة ونركن، يا إما نمد إيدينا ونشحّت، ومفيش حد بيشحّت".
وأشار السيسي، إلى أنه يدرك الأوضاع الصعبة في التعليم، لكن يرجع ذلك إلى أن "قدرة مصر الاقتصادية ليست جيدّة"، متابعاً: "عندنا 18 مليون طالب، لو هنصرف على كل طالب في السنة 10 آلاف جنيه، يبقى عايزين 180 مليار، وموازنة وزارة التعليم نصفهم تقريبا، يعني 70 مليونا".
ووجّه حديثه للحضور: "متزعلوش من كلامي، ولا تتألموا، ولا تزعل على حالك وحال بلدك، إحنا مُصممين نَعبر. إحنا هنا عشان أشكي لكم حالي، وتشكو لي حالكم".
ولم يختلف حديث السيسي في الكلام عن الفقر عما يؤكده في خطاباته السابقة، والتي كان من بينها حديثه المشهور "احنا فقرا اوي"، ليتضح حديث السيسي مسبقا عند المصريين في كل مناسبة يخرج فيها للحديث معهم، فلا يحتاج أحدهم للبحث عن أبرز النقاط التي تحدث عنها بعد أن أصبحت معروفة وهي "الفقر - الجوع –الإرهاب- أهل الشر- الزيادة السكانية".