لم يكن المحامي الحقوقي "محمد رمضان عبد الباسط" هو أول من تم اصطياده عبر موقعه على فيس بوك والحكم عليه في ابريل الماضي، في سابقة هي الأولى من نوعها، بالسجن لمدة 10 سنوات، والبقاء بمنزله 5 سنوات أخرى وحرمانه من الدخول علي فيس بوك لمدة 5 سنوات أيضا، ولكن هذا كان مصير 12 شابًا وفتاة اخرين خلال إجازه عيد الفطر، والعديد من النشطاء الذين تراقب الداخلية بأجهزة اشترتها بملايين الدولارات خصوصياتهم دون قانون في شبه الدولة. ويبين تقرير حديث لمعهد WEEDOO البحثي إلي وصول عدد مشتركي موقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك»، في مصر، إلى أكثر من 33 مليون مستخدم، وهو ما يشكل 37% من السكان، وأن عام 2017 شهد زيادة بمقدار 14 مليون مستخدم لتصبح مصر أكثر الدول العربية استخداما لفيس بوك.
كما يشير لاستخدام أكثر من 1.7 مليون مصري لتويتر بنسبة 18% من السكان.
وفوجئ 4 فتيات وشابين التقوا في حديقة الازهر يوم الخميس الماضي بحضور نحو 25 فرد أمن إليهم، ومطالبتهم بالتحرك معهم إلى غرفة الأمن بالقرب من بوابة الحديقة، دون إخبارهم بأسباب الإجراء، ثم تفتيش هواتفهم المحمولة، وصفحاتهم علي فيس بوك، ونقلهم لقسم الشرطة بتهمة تأسيس «اتحاد الجرابيع» وتوزيع منشورات تحض على التظاهر.
ويقول "محمد حنفي"، المحامي بالمفوضية المصرية للحقوق والحريات الذي حضر التحقيقات مع المتهمين أن نيابة جنوبالقاهرة حبست الشباب المعروفين باسم "معتقلو حديقة الأزهر»، 15 يومًا على ذمة التحقيقات بعدما اتهمتهم بحيازة 160 منشورًا مطبوعًا "لإشاعة أخبار كاذبة وتعطيل القانون والدستور".
وجاء اعتقالهم على خلفية تتبع ومراقبة صفحاتهم على فيس بوك، ووجهت النيابة لهم اتهامات ب"التحريض على التظاهر، وتأسيس جماعة باسم "اتحاد الجرابيع" على خلاف القانون، ونشر أخبار كاذبة عبر فيسبوك، وإثارة الشعب ضد اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين مصر والسعودية.
وقالت المفوضية المصرية إن نيابة الانقلاب ستنظر يوم 12 يوليو الجاري تجديد حبس المتهمين الستة: أحمد نصر وسارة مهني، ومها أحمد، وإيناس إبراهيم، ومحمد محفوظ، ونانسي كمال.
وأنكر المتهمون بالتحريات الاتهامات المنسوبة لهم، وقالوا إنهم أصدقاء منذ فترة، وإن سبب تواجدهم بحديقة الأزهر «الفسحة والتنزه»، ونفوا صلتهم بالمضبوطات وأكدوا أنهم لا يعلمون أي شيء عن "اتحاد الجرابيع".
وتقول شقيقة المعتقلة «نانسي كمال» أنها، وهي أم لطفلتين، "زي كتير مننا مش موافقه على بيع الارض والغلاء والافتراء اللي بيحصل .. نزلت مع اللي نزلوا تقول لا والنتيجة أنهم قبضوا عليها وحاطينلها تهم غريبة الشكل الإرهاب والتمويل والتحريض على العنف".
كان عدد من الملصقات التي تحمل اسم «اتحاد الجرابيع» قد انتشرت في مترو الأنفاق مطلع شهر يونيو الماضي، حملت الملصقات عبارات سخرة مثل: «مطمئن على عيالك؟»، «مبسوط في الاستقرار؟»، «لسه معاك فكّة؟».
كما ظهرت صفحة على فيسبوك باسم "اتحاد الجرابيع" في نفس يوم انتشار الملصقات، ونشرت بيانًا تأسيسيًا للحركة.
ورغم أن الاعلامي المقرب من نظام الانقلاب محمد الغيطي قال ان "منفيستو" اتحاد الجرابيع هو تقليد شيوعي قديم، إلا أنه قال أن: "اتحاد الجرابيع اخوان لأنهم يرفعون لافتات لونها "أصفر"، وهو لو شعار رابعة العدوية.
"اركن عربيتك" في التخشيبة!
كانت المفاجأة الثانية هي اعتقال ستة من الشباب فجر الجمعة من منازلهم، عبر تتبع صفحاتهم علي فيس بوك التي دعوا فيها للتظاهر مساء الخميس عقب قرارات رفع اسعار الوقود حوالي 50%، وتتبع ارقام سياراتهم التي التقطتها كاميرات المراقبة، وحبس بعضهم بتهمة التظاهر وتعطيل المرور.
وكان بعض الشباب توقفوا بسيارتهم أعلي كوبري اكتوبر مساء الخميس الماضي، عند منزل حي الزمالك، ورفعوا لافتات احتجاج علي رفع اسعار الوقود، والتقطت صور كاميرات المرور أرقام سيارتهم فتم الوصول لمنازلهم واعتقالهم فجرا ويوجهون تهما عقوبتها السجن 5 سنوات على الأقل.
ومن بين المتهمين طبيب ومهندس وسائق تاكسي، تم التحفظ على سياراتهم، ووجهت لهم النيابة اتهامات التجمهر والاشتراك في صفحة على موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك"، تسمى "اركن عربيتك"، احتجاجاً على موجة الغلاء بسبب قرارات قائد الانقلاب وزيادة أسعار الوقود والسلع الغذائية.
مقر للتحكم في فيس بوك وتوتير من مصر
ورفع المحامي الذي تحركه اجهزة الامن محمد حامد سالم، دعوي أمام محكمة القضاء الإداري، تطالب بغلق موقعي التواصل الاجتماعي فيس بوك وتويتر؛ لاستخدامهما في التحريض على العنف، بحسب زعمه، وهو ما رفضته المحكمة.
ويزعم المحامي "سالم" انه فعل هذا لأن الموقعين "يعدان وسيلة للاستغلال من قبل العناصر المجهولة لإنشاء حسابات مزيفة ووهمية، بغرض نشر الشائعات والتحريض والتخطي".
وتابع: "أيضا تلك المواقع تعمل دون ترخيص، وأصبحت منبرًا للشائعات، لأنه لا توجد رقابة عليها، بغرض التحقق من شخصيات ناشري الشائعات".
والطريف أن هذا المحامي دعا في تصريحات تلفزيونية مؤخرا للضغط علي فيس بوك وتويتر واجبارهم علي فتح مقر لهم في مصر يمكن من خلاله مراقبة من يدخلون عليهم من مصر وإما يتم غلقه لو لم يستجيبوا.
الفيس بوك "مبولة ومستشفى للأمراض العقلية"!
وبسبب بقاء الفيس وتويتر ملجأ اخير لشرفاء المصريين لفضح الانقلاب وجرائمه من خلاله، يهاجم اعلاميون مؤيدون لحكومة الانقلاب مواقع التواصل ويزعمون أنها لا تعبر عن الشعب، منهم عمرو أديب الذي أدعي أن موقع التواصل الاجتماعي و«فيس بوك""مبولة ومستشفى للأمراض العقلية".
وكان يعلق في برنامجه «كل يوم» المذاع عبر فضائية «أون» مساء السبت على عدم تظاهر الشعب المصري ضد القرارات الحكومية الاخيرة برفع أسعار الوقود والسلع، وضد الحكومة على عكس ما يقوله الفيس بوك من وجود غضب شعبي، رغم أنه يعلم أن من تظاهرون تم القبض عليهم ومن منازلهم فجرا ولكنه يطبل للنظام.
أوقفوا القمع
وفي مايو الماضي أطلق نشطاء، حملة توقيعات واسعة على موقع "آفاز" العالمي للحملات بعنوان «اوقفوا القمع» لمطالبة النظام المصري بوقف استهداف «فيسبوك» ورفض قانون تقييد مواقع التواصل الاجتماعي، وللمطالبة بوقف الاعتقالات على خلفية تدوينات الموقع.
وقال المشاركون في الحملة لأعضاء برلمان السيسي: "هناك العديد من الطرق الأخرى التي يمكن من خلالها مواجهة الأخبار الكاذبة والمنشورات التي تروج للإرهاب والعنف عبر هذه المواقع بعيداً عن فرض مراقبة جماعية على أنشطة جميع المصريين على الإنترنت".
وأبلغوهم أنه: "يجري تحويل مصر إلى دولة بوليسية بشكل يفوق الوصف، لذا، نحن بحاجة اليوم، أكثر من أي وقت مضى، إلى رفع الصوت عالياً من أجل إيقاف هذا الجنون قبل أن يشرعه مجلس النواب من خلال قانون جديد".
الداخلية تقر بمراقبة مواقع التواصل
وأقرت داخلية الانقلاب مؤخرا، وللمرة الاولي بالاستعانة بالتقنيات الحديثة لممارسة عمليات مراقبة واختراق حسابات علي فيس بوك والسيطرة عليها أحيانًا.
وجاء الاعتراف في بيان من الصفحة الرسمية للوزارة يؤكد أن "قطاع نظم الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات" تمكن من ضبط (35) قضية تحريض على العنف وقضايا أخرى متنوعة عبر شبكة الإنترنت، ضمن التصدي للجرائم المتعلقة بالتكنولوجيا الحديثة ومتابعة الصفحات التحريضية على مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة ومكافحة جرائم الابتزاز المادي والنصب.
وفي اعترافها النادر، ذكرت الوزارة أنها نجحت "عقب تقنين الإجراءات وبالاستعانة بالتقنيات الحديثة"، من السيطرة على (5) حسابات لقيام القائمين عليها بنشر مشاركات تحريضية لارتكاب أعمال تخريبية ضد المؤسسات والمواطنين على مواقع التواصل الاجتماعي.
كما أعلنت الداخلية، في بيان اصدرته 16 ديسمبر 2016 غلق 163 حسابا عبر مواقع التواصل الاجتماعي بسبب نشرهم "مشاركات تحريضية ضد الدولة"، كما قبضت على 14 شخصا قالت إنهم أنشأوا صفحات وحسابات "محرضة على ارتكاب أعمال تخريبية، ونشروا مشاركات تحريضية لارتكاب أعمال تخريبية ضد المؤسسات والمواطنين".
ومنحت الحكومة البريطانية شركات إنجليزية تراخيص تصدير التقنيات التالية لمصر في الفترة الزمنية من 2015 حتى ابريل 2016 تشمل: معدات اختراق – برمجيات اختراق – برمجيات للتجسس على شبكات الاتصالات.
اجهزة تجسس علي الشعب بالملايين
ورصدت منظمة "مازربورد" Motherboard الأمريكية، في خريطة وضعتها اجهزة المراقبة التي باعتها الشركات البريطانية الي دول قالت إنها تسئ استخدام تكنولوجيا المراقبة القوية منها مصر وتركيا والمملكة العربية السعودية.
وأورد "رامي رؤوف" الباحث في مجال الحريات الرقمية والآمان الرقمي، عبر حسابه على فيس بوك، تفاصيل ما اشترته مصر من هذه الاجهزة عبر البيانات المتاحة من رد الحكومة البريطانية على تساؤلات النشطاء، مشيرا لأنها تتضمن حتى ابريل 2016 تراخيص تصدير "معدات اختراق – برمجيات اختراق – برمجيات للتجسس على شبكات الاتصالات".
ويؤكد "رؤوف" الذي سبق أن كشف مهمة فيروس يسمي "نايل فيش" تسعي من خلاله مجموعة حكومية امنية مصرية للتجسس على النشطاء والحقوقيين وأعضاء منظمات المجتمع المدني، أن هذه الاجهزة التي اشترتها مصر من بريطانيا ودول اخري، تسمح بمراقبة واختراق حسابات كثيرين.
وكانت هيئة مفوضي الدولة، دعوى من "مؤسسة حرية الفكر والتعبير"، طالبت فيها بوقف تنفيذ قرار وزارة الداخلية بإجراء مناقصة لما سمي ب "مشروع رصد المخاطر اﻷمنية لشبكات التواصل الاجتماعي".
وطالب الداخلية في كراسة الشروط والمواصفات لتنفيذ المشروع إمكانيات هائلة في الأنظمة والبرامج تتعلق بجمع المحتويات من شبكات التواصل الاجتماعي وترتيبها وتصنيفها وتسهيل عملية البحث من خلالها عبر أشكال وطرق مختلفة، وإمكانية ربطها بالأنظمة الأمنية الأخرى في الوزارة، وتحديثها والتعامل حتى مع اللغة العربية المكتوبة بحروف لاتينية "Franco Arabic".
وجاء في حيثيات الهيئة لرفض الدعوى أن "الدستور وإن كان قد كفل هذه الحقوق والحريات إلا أنها مشروطة بعدم تجاوز حدود المشروعية أو المساس باﻷمن القومي أو النظام العام".
الدخول علي فيس بوك بفلوس وباسم الام!
وفي ابريل الماضي، دعا نواب في برلمان الانقلاب لحجب مواقع التواصل بدعاوي الامن القومي، وطالب النائب جمال عبد الناصر، بإعداد قانون للحد مما اسماه "تجاوزات موقع الفيس بوك".
وضمن مشاريع القوانين الغريبة التي تناقش في مجلس النواب المصري مشروع للنائب رياض عبد الستار، بفرض رسوم شهرية لا تتجاوز العشرة جنيهات، بهدف الرقابة والسيطرة على هذه المواقع من قِبَل الدولة حتى لا تستخدم في عمليات إرهابية.
كما طرح نواب عبر موقع "اليوم السابع" الحكومي، بدعة جديدة تجعل اسم الأم قد يكون شرطاً في مصر لإنشاء صفحة على فيسبوك، وقالت إن البرلمان يدرس إجراءات جديدة للتضييق على مواقع التواصل.
واقترح النائب إبراهيم عبد العزيز القصاص، عضو لجنة الدفاع والأمن القومي بالبرلمان، أن يكون تسجيل فتح صفحات على "فيس بوك" مثل شراء خطوط المحمول، بحيث يسجل الشخص اسم والدته والرقم القومي قبل إنشاء أي حساب أو صفحة على مواقع التواصل الاجتماعي.
وطالب النائب، وزيري الداخلية والاتصالات، بوضع آلية تحجب استخدام مواقع التواصل الاجتماعي، قائلًا: "لازم اللي يكتب حاجة يجيبوه، لأن المواقع دي ليها خطورة شديدة على الأمن القومي".
ورد المستشار علي عبد العال، رئيس مجلس النواب، واعدا النائب بأنه "سيكون هناك تشريعات تنظم الأمر"، بحسب قوله.