أكد الرئيس محمد مرسي أنه لا يملك التدخل في عمل الجمعية التأسيسية للدستور، مشيرا إلى أنه يتابع عملها، وأنها تضم ممثلين للأقباط والمرأة وكل أطياف المجتمع المصري. وشدد الرئيس مرسي على أن الجميع متفق على الإبقاء على المادة الثانية في الدستور، لافتا إلى أن الدستور السابق كان به أشياء كثيرة جيدة ولكنها لم تكن تطبق. جاء ذلك خلال لقاء الرئيس مرسي مع أبناء الجالية المصرية بالولاياتالأمريكيةالمتحدة، مساء أمس بتوقيت نيويورك، في ختام زيارته للولايات المتحدة، حيث شارك فى اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة. وفي الوقت نفسه شدد الرئيس على أن القوات المسلحة قامت بدورها وكانت حامية للثورة ورفضت ضرب الثوار أثناء أحداث الثورة، وأدارت الفترة الانتقالية في وقت شهد خلافات كبيرة فيما بين القوي السياسية، كما التزم رجال القوات المسلحة بوعدهم بتسليم السلطة فور إتمام انتخابات رئاسة الجمهورية وهو ما تم بالفعل. وأشار الرئيس مرسي في هذا الخصوص إلى رسالة المشير حسين طنطاوي، الرئيس السابق للمجلس العسكري، إلى مجلس الشعب في أولى جلساته والتي قال فيها: نسلم السلطة، اليوم، لمجلس شعب منتخب ونرقب اليوم الذي نسلم فيه السلطة لرئيس منتخب، ولذلك عندما اتخذت قرارت 12 أغسطس لم تكن ضد القوات المسلحة، ولكن من أجل تحقيق أهداف الثورة بتسليم كافة السلطات إلى رئيس مدني. وردا علي سؤال حول معتقلي الثورة أوضح الرئيس أنه لا صحة لما يتردد عن أن عددهم يزيد عن 11 ألف معتقل، حيث اتضح أنهم نحو ألفين، وتم إخراج ألف منهم بعد دراسة وضعهم من قبل اللجنة المشكلة لبحث مواقفهم .. وبالنسبة لضباط 8 أبريل فقد خرج 4 منهم وباق عدد يتم عمل تدريبات لهم وفقا لمعايير الانضباط الموجودة داخل القوات المسلحة في أقرب فرصة، وأقرب مما تتخيلون. أما بالنسبة لأحداث ماسبيرو فقد تم الإفراج عن بعضهم، والمحبوسين الآن لأسباب تتعلق بالأمن العام، ولا أقبل أن يكون في مصر مظلوم واحد، وأنا أتبنى بشكل عام موقف أي مصري له مظلمة في الداخل والخارج. وخاطب الرئيس أبناء الجالية المصرية في الخارج قائلا لهم: "دوركم أن تعيشوا في الوطن .. وأنا سعيد بأنكم متابعون لأحداث الوطن وهمومه، وإذا لم تستطع أن تعيش فيه فعش له .. ومصر بحاجة إليكم وإلي آرائكم، ولكن أعطوا الأمور قدرها، وأيضا أقول في الداخل للجميع الحق في أن يعترض على ما يشاء، ولكن دون أن يعطل العمل". وأعرب الرئيس محمد مرسي عن رفضه لما يقال عن طمأنة المسيحيين، وقال: "ذلك شيء لا أستوعبه؛ لأننا كلنا من أهل الوطن، وعندما قالوا لي كلمة الأقلية عن الأقباط في مبادرة كلينتون رفضت ذلك، والاضطهاد ليس له وجود حقيقي على أرض الوطن". وضرب مثلا للمشاركين في اللقاء يوضح افتعال الأزمات، من خلال موقف شخصي واجهه منذ حوالى خمس سنوات، عندما قرأ علي مدونة أمريكية عن اضطهاد للأقباط في إحدى قرى الشرقية، وذهب بنفسه للتأكد من الواقعة بصفته نائب هذه المنطقة في البرلمان، ووجد القصة غير حقيقية بالمرة. وقال مرسي: إن الاختلاف بين الناس أمر وارد حتى بين أبناء الديانة الواحدة، ومصر من أقل الدول التي بها مشاكل في هذا الصدد، "وأشهد الله أن من أفضل من عملت معهم في الجامعة زملاء مسيحيون..وإذا كان هناك تجاوزات من شباب أو كبار فهي عامل إنساني طبيعي، وأؤكد لكم أن ما يحدث في مصر لا يقارن بما يحدث في أوربا وآسيا وإفريقيا، وليس لدينا مشكلة حقيقة سوى أن ننتج، وإذا عملنا بجد لن نجد متسعا للمشاكل". وأضاف: "وأنا مسلم وأقول لكم: إنني إذا أخطأت مع أي منكم فأنا أخالف بذلك الدين الإسلامي، وربنا بذاته منح الناس حرية الإيمان به أو الكفر به، فهل أحظر ذلك في ظل إباحة المولى عز وجل له .. وهذه الحواجز وضعت بين الناس من قبل النظام السابق بلغة المستعمر القديم فرق تسد، وضرب المثل بحادث كنيسة القديسين الذي اتضح أنه كان مدبرا .. وأقول اطمئنوا ولا أقول لكم كلاما فقط ولكن ستجدوا أفعالا". وأضاف أن مصر تنتقل بشعبها وبمواطنيها في الداخل والخارج إلى مرحلة جديدة برؤية جديدة وخطة جديدة، وربما نأخذ وقتا لننجح في إنجاز ذلك على أرض الواقع؛ لأن التجريف على مدار السنوات الماضية كان كبيرا، مشيرا إلى أن هناك سبعة ملايين شاب عاطل، وخمسة ملايين أم معيلة، وثمانية ملايين معاق، وسبعة عشر مليونا يعملون في صناعات استهلاكية وليست إنتاجية، نريد أن نحمي وظائفهم .. مضيفا أن جسد مصر أنهك؛ بسبب فساد من كانوا يديرون الأمور .. ولدينا إمكانيات بشرية كبيرة أهدرت. ورفض الادعاء بأن المرأة المصرية مضطهدة، موضحا أن المرأة في مصر قد اقتحمت كل المجالات، وأصبحت من أهم الكفاءات. وحث مرسي الجميع على انتهاز الفرصة الحالية التى أوجدتها الثورة، والتي لا تأتي للشعوب إلا مرات قليلة؛ لأنها إن ضاعت فلن نلوم إلا أنفسنا. وفيما يتعلق بالشيخ عمر عبد الرحمن المسجون فى الولاياتالمتحدةالأمريكية، قال الرئيس مرسي: إن هناك حكما من قضاء أمريكي وفقا للقوانين والدستور الأمريكي، وما أريده أن يكون التدخل في هذه الحالة إنسانيا، وليس تدخلا فى حكم المحكمة، وأن تتمكن أسرته من زيارته، ويكون له مرافق، وأن يقضى باقي عقوبته في مصر في إطار تبادل سجناء بين مصر والولاياتالمتحدة... مشيرا إلى أن أحداث السفارة الأمريكية بالقاهرة أجلت هذه الجهود. وفيما يتعلق بما أثاره بعض أفراد الجالية المصرية، من أن هناك أشخاصا لا يزالون معتقلين فى السجون المصرية، نفى الرئيس مرسي ذلك، وقال: إنه إذا ما كان لدى أحد أسماء محددة فليبعث بها للتحقيق فيها على يد الجهات المختصة. ودعا الرئيس مرسي المصريين في الخارج إلى أن يساهموا بآرائهم وخبراتهم لمساعدة الحكومة، وأن يستثمروا أموالهم في مصر، فى ظل توافر كافة الضمانات والتيسيرات لهم، وأن يضعوا فوائض أموالهم ومدخراتهم فى البنوك المصرية. وقال الرئيس مرسي: إنه سيتم الإعلان عن إنشاء صندوق لدعم الاقتصاد المصري في مجالات محددة، منها التعليم والصحة والمعاقين، وأضاف أن هناك ثمانية ملايين مصري في الخارج منهم ثلاثة ملايين عائل، إذا تبرع كل واحد منهم بألف دولار سيكون الإجمالي ثلاثة مليارات دولار، لافتا إلى أن استقرار الوطن سيعود بالفائدة، وسيعود بالنفع على المصريين بالخارج، وسيدعم وضعهم فى البلدان التى يعيشون فيها. وأشاد الرئيس مرسي بحرص المصريين فى الخارج على المشاركة فى الانتخابات، واعدا بأن يزيد من دائرة مشاركة المصريين فى الخارج فى التصويت والإشراف والمراقبة. وفيما يتعلق بالقصاص لشهداء الثورة، أعلن الرئيس مرسي أنه سيتم تغيير رئيس لجنة رعاية مصابي الثورة. وقال إن هناك لجنة قانونية تعمل ليل ونهار، وتم مد عملها الذي كان مقررا له لمدة شهرين، حتى 31 ديسمبر القادم، ولن نهدأ قبل إجلاء الحقيقة. وقال مرسي: إنه رغم أن سلطة التشريع فى يده الآن، إلا أنه لم يستخدمها سوى في السماح لطلاب الثانوية الراسبين فى الإعادة، وفقا للنظام القديم أو الحديث للثانوية العامة، ولمنح طلاب الابتدائي الحق فى التأمين الصحي، وإلغاء الحبس الاحتياطي للصحفيين. وحول جهود محاربة الفساد قال الرئيس مرسي: إن الفترة الماضية شهدت العديد من الإجراءات لمحاربة الفساد، وتم تغيير ثلاثة من رؤساء الأجهزة الرقابية، منهم رئيس جهاز الرقابة الإدارية ومدير المخابرات. وأضاف أن الإضرابات التى تشهدها مصر محدودة للغاية، بالمقارنة بعدد العاملين والإهمال الذي أصابهم خلال السنوات الماضية. وحذر الرئيس مرسي من أن أعداء مصر كثيرون، ويفرحون في اختلافنا دون أن يفرقوا بين مسلم ومسيحي. وقال الرئيس: إننا لا نرصد المشكلات فقط، وإنما نتحرك لحلها، ونعمل على أن تتحول المعرفة إلى عمل، والاستفادة من كل الخبرات، ولدينا عدد من المستشارين لديهم خبرة كبيرة. وأضاف أن الأخلاق والتربية هما حجر الزاوية لتقدم الشعوب، ووزارة الأوقاف لديها خطة لترشيد عمل المساجد، وأن الأزهر بصدد إنشاء قناة تليفزيونية خاصة به. وحول مشروعات الطاقة قال الرئيس: إن لدينا إمكانيات كبيرة لتوليد الطاقة من الرياح والشمس والأمواج، وهناك محطتان للكهرباء سيتم افتتاحهما قريبا، ونعرض على الجانب الإيطالي إنشاء ثلاث محطات لتوليد الطاقة من الرياح. وأضاف أن لدينا خططا قصيرة ومتوسطة وطويلة المدى يتم تنفيذها، مشيرا إلى أن هناك مشروعا لمد خط سكة حديد متقدم من الإسكندرية إلى أسوان وحتى السودان، يتكلف عشرة مليارات دولار، ويقوم الجانب الإيطالي بإعداد دراسة الجدوى الخاصة به حاليا، وستعلن مناقصة عالمية خلال أسابيع لإنشاء هذا الخط. وحول الوضع في سيناء قال الرئيس: إن سيناء أرض مصرية، ولا معنى لأي مخاوف من أهل غزة أن يقتطعوا قطعة من سيناء كما يردد البعض، وسيناء مسئوليتنا نحن فقط، وهي أرضنا ونحن فقط مسئولون عن أمنها .. ولكن علينا مسئولية جيرة وأخوة وعروبة نحو الفلسطينيين، وذلك واجب علينا، وأنا أقول للعالم كله إنني أفتح المعابر لمرور الغذاء والدواء والطلاب، ومن يعترض يقول لي ماذا يفعل أهل غزة مع الحصار ونحن نهدم الأنفاق. وبالنسبة لسوريا رفض الرئيس أي تدخل عسكري هناك؛ لأنه سيؤدي لمشاكل أكثر لأن سوريا تختلف عن ليبيا، مشيرا إلى أن الحل هو أن نزيد من الضغط المستمر حتى يزول النظام الموجود هناك. وبالنسبة للنوبة قال الرئيس: إنني على اتصال بأهل النوبة وممثليهم بالقاهرة وقد زرتها، والأسبوع الماضي تم تسليم 1740 وحدة سكنية لأبناء النوبة وهي جزء من مصر، ونحن نهتم به ونتابع مشاكلهم. وحول قضية جامعة النيل قال: إننا نلتزم بالحكم القضائي في هذا الخصوص، وأنا في نفس الوقت أهتم بكل طالب من أبنائنا في هذه الجامعة.