ترى صحيفة "نيويورك تايمز"، كبرى الصحف الأمريكية وأوسعها انتشارا، أن بلاغ وزارة الداخلية بحكومة الانقلاب ضد وكالة "رويترز" للأنباء، واتهامها بالكذب بشأن تقرير حول الباحث الإيطالي جوليو ريجيني، يدق جرس إنذار جديد حول التضييق على حرية الصحافة والإعلام في البلد العربي الكبير الواقع شمالي شرقي إفريقيا. وكانت وكالة "رويترز" للأنباء قد نشرت تقريرا خبريا عن مصادر أمنية واستخباراتية، قالت فيه "إن قوات الأمن المصرية قد ألقت القبض على ريجيني مساء الخامس والعشرين من يناير الماضي، واقتادته إلى قسم الأزبكية، ثم إلى مقر تابع لجهاز الأمن الوطني بلاظوغلي، حيث ظهرت جثته بعد ذلك وبها آثار تعذيب يوم 3 فبراير الماضي"، وهو ما دفع الشؤون القانونية بوزارة الداخلية بحكومة الانقلاب إلى تقديم بلاغ رسمي ضد الوكالة، اتهمتها فيه بالكذب. وأشار تقرير نيويورك تايمز إلى أن بلاغ الداخلية المصرية ضد رويترز يعد الإجراء القانوني الأبرز ضد مؤسسة إعلامية أجنبية، منذ محاكمة صحفيي شبكة الجزيرة الإنجليزية الثلاثة والمملوكة لدولة قطر. وبحسب الصحيفة الأمريكية، فإن التوتر السياسي بين القاهرة والدوحة انعكس على قضية صحفيي الجزيرة، إلا أن مقاضاة رويترز جاءت لأن تقريرها لامس موضوعا بالغ الحساسية بالنسبة للنظام المصري. وتؤكد الصحيفة الأمريكية أن قضية ريجيني قد أصابت الحكومة المصرية بصدمة بعد أن كثفت الضوء عالميا على ممارسات الأجهزة الأمنية في مصر، وما ترتب على ذلك من توترات أحدثت هزة عنيفة في العلاقات مع روما، الشريك التجاري الكبير للقاهرة. وبحسب التقرير، فإن الداخلية المصرية اتهمت "مايكل.ي"، مدير مكتب رويترز بالقاهرة، بنشر أخبار مغلوطة هدفها تكدير السلم العام، ونشر الشائعات، وتشويه سمعة مصر. ديفيد كرندويل، الناطق باسم "رويترز"، دافع عن موقف الوكالة الأكبر عالميا، في بيان أمس السبت، مؤكدا أن المقالة التي نشرتها الوكالة "لم تحددد المسؤول عن وفاة ريجيني، وهو ما يجيء متوافقا تماما مع التزام «رويترز» بمعايير الصحافة المستقلة والدقيقة." ونوه التقرير إلى أن السلطات الإيطالية قد استدعت، خلال أبريل الجاري، سفيرها لدى مصر، وهو ما وصفته نيويورك تايمز ب«أقوى علامة احتجاج رسمية على مقتل ريجيني»، وبررت روما خطوتها بأنها تأتي ردا على غياب التعاون الكامل من الجانب المصري في تحقيقات القضية. ويشير تقرير نيويورك تايمز إلى أن معظم الخبراء وجماعات حقوق الإنسان يعتقدون أن مقتل ريجيني يحمل بصمات أجهزة الأمن المصرية، التي تواجه اتهامات باعتقال وقتل مئات المعارضين، وهو ما تنفيه القاهرة جملة وتفصيلا. كما يلفت التقرير إلى أن مقتل ريجيني تسبب في وصول العلاقات المصرية الإيطالية إلى أسوأ حالاتها، مشيرا إلى أن السلطات الإيطالية ترفض مختلف الروايات التي ذكرها المحققون المصريون حول ملابسات مقتل الباحث الإيطالي، ومن بينها أنه قتل في حادث مروري أو نتيجة خلافات شخصية، أو على أيدي عصابة إجرامية تخصصت في سرقة الأجانب بالإكراه.