لا تزال صرخة أسر الصحفيين المعتقلين فى سجون عبدالفتاح السيسي تتردد فى جنبات نقابة الصحفيين فى إصرار بطولي على أن يبلغ صداها أفاقا بعيدة تفتح الباب أمام الإفراج عن كافة المحتجزين خلف أسوار الانقلاب العسكري، فى أوضاع غير إنسانية داخل مقابر خصصت لقتل الأحرار بتهمة البحث عن الحقيقة والنضال من أجل حرية الوطن. وفى ظل بلادة مجلس النقابة الذى يحتفل بالعيد الماسي على أنغام الموسيقي العربية وتحت لافتات تمجد القاتل، فى الوقت الذى تكتظ فيه زنازين العسكر بالعشرات من أبناء صاحبة الجلالة فى ظروف بائسة وحرمان من أبسط مقومات الحياة، قرر أهالي المعتقلين الدخول فى اعتصام مفتوح على عتبات المبني القابع فى عبدالخالق ثروت، للمطالبة بالإفراج عن ذويهم بعدما تقطعت بهم السبل وتأكدوا أنه لا حياة لمن تنادي. حياة الأحرار فى سجون السيسي تحولت إلى أرقام جسدت معاناة يكابدها أهل المعتقل فى الخارج كما يعاني هو من ويلاتها خلف الأسوار، وما بين 918 و170 و474 يوما مرت داخل مقابر الانقلاب رهن الحبس الاحتياطي أو قيد الأحكام الجائرة على وقع اتهامات ملفقة، يكفي التجول بأريحية بين الخيام الصغيرة فى مدخل نقابة الصحفيين لتدرك المعاناة فى حسرة الأباء والحرمان فى عيون الأطفال وخليط من الصبر والوجع فى صدور الزوجات، دون أن يتسرب اليأس إلى النفوس أو ينكسر الصمود الذى بات أحد المكونات الجينية فى بيوت الأحرار. ورفع أهالي الصحفيين المحبوسين صور ذويهم مطالبين دولة العسكر بسرعة الإفراج عنهم، ولافتات منها: "الصحافة مش جريمة"، "أفرجوا عن أبنائنا"، "أن تكون صحفيا ليست جريمة"، مصحوبة بصور أحمد سبيع وشوكان ومحمد البطاوي وحسن القباني مسعد البربري وإبراهيم الدراوي وهاني صلاح الدين وهشام جعفر وعمر عبدالمقصود ومحمود مصطفي سعد، وغيرهم ممن يعرفهم جيدا نقيب الصحفيين ومجلس إدارته المتواطئ إلا من قليل. بحت الأصوات وتوالت الشكاوي وتواترت الوعود ، وتعدد الأسماء وتشابهت دوافع الاعتقال وانصبت اللعنات على الجنرال الدموي وبقيت المعاناة، وباتت صرخة ذوي المعتقلين من داخل الاعتصام المفتوح بنقابة الصحفيين قبلة للباحث عن الحرية فى دولة العسكر التى أراقت الدم وباعت الأرض وعاثت فى الوطن فسادا، وشرارة لانتفاضة وشيكة تلوح فى الأفق المنظور لا للإفراج عن المعتقلين فحسب وإنما للإطاحة بالحكم العسكري إلى مزبلة التاريخ وإنقاذ الدولة من براثن الفاشية ومحاكمة كل من تورط فى انهيار مصر.