الإمارات تواصل سجلها الأسود بانتهاكات غير مسبوقة للحقوق والحريات.. وأصدرت اليوم المحكمة العليا في الإمارات أحكامًا بالسجن المؤبد بحق 11 شخصًا من أصل 41 متهماً بتشكيل خلية عرفت ب"مجموعة شباب المنارة" تزعم السلطات بأنهم خططوا لتنفيذ "أعمال إرهابية" في البلاد. كما أصدرت المحكمة أحكامًا بالسجن لمدد تتراوح بين 3 أعوام و15 عامًا بحق أفراد آخرين من المجموعة نفسها، وبرّأت 7 من تهم الانقضاض على السلطة في الدولة لإقامة دولة خلافة مزعومة. وتضم قائمة المتهمين: 39 متهما إماراتيا.. 1 سوري.. 1 قمري، إضافة إلى 3 هاربين، وآخر مريض بالصرع
"حقل الرعب"
ورغم تصدر الامارات لتصنيفات الرفاهة الدولية وتقدمها في مؤشر السعادة العالمي ، ما زالت انتهاكات حقوق الانسان المتنوعة تحيل الدولة ومواطنيها ومقيميها إلى بقعة من العذاب والانتهاكات والقمع المتواصل ضد أبسط حقوق الإنسان.
وتحولت الإمارات في مجال حرية الرأي والفكر إلى حقل من الرعب.
وتستغل الامارات قوتها الاقتصادية وصفقاتها التجارية والتسليحية في تقويض أية ادانات أو مواقف مضادة لانتهاكاتها الحقوقية.
وتشهد السجون الاماراتية المزيد من حالات التعذيب للسجناء والمعتقلين ، ،وفق ما أكده نشطاء اماراتيون.
وتضم سجون دولة الإمارات 204 من السجناء السياسيين من مختلف الجنسيات، فإلى جانب مواطني الإمارات هناك معتقلون سوريون ومصريون وليبيون.
وفي هذا الصدد أكد الناشط الإماراتي حمد الشامسي "أن جنسيات المعتقلين السياسيين في الدولة تتوزع على 13 جنسية، منهم 108 إماراتيين و28 مصريًا، و30 ليبيًّا و11 يمنيًّا و3 قطريين، و3 فلسطينيين، و3 سوريين، و5 تونسيين، و6 جزائريين، ولبناني واحد، وواحد أردني، وواحد بحريني، وآخر موريتاني".
ومن بين المعتقلين الإماراتيين هناك 79 من أعضاء جمعية الإصلاح، وهناك عدد آخر من السلفيين.
استهداف الحقوقيين
ولم توفر السلطات الاماراتية الضمانات القانونية للمدافعين عن حقوق الإنسان، بل صاروا الهدف الأول للقمع من أجل اسكات أية أصوات مناوئة للنظام القمعي المتسلط، حيث سحبت الجنسية من 10 من الناشطين والحقوقيين.
وروى الناشط الإماراتي البارز أحمد منصور الذي الممنوع من السفر، وهو سجين رأي سابق قصته من القمع في الإمارات. وتحدث عن كيف أن الحكومة تستهدفه لعمله في مجال حقوق الإنسان لسنوات عديدة.
وقال أحمد منصور، في عام 2009، أغلقت الحكومة منتدى على شبكة الإنترنت تم إنشاؤها لتشجيع النقاش الحر للأفكار. وفي عام 2011، بعد أن شارك في توقيع التماس إلى الحكومة لإدخال إصلاحات برلمانية، ركض جهاز أمن الدولة إلى حملة تشويه ضده وألقى القبض عليه في نهاية المطاف. عفا الرئيس عنه بعد أن أمضى ثمانية أشهر في السجن، على الرغم من أن الحكومة احتجزت جواز سفره بعد إطلاق سراحه ولا يزال تحت حظر السفر.
وفي عام 2012، أفاد منصور تعرضه للاعتداء مرتين في أسبوع واحد في الجامعة حيث كان يدرس، وبالإضافة إلى هذه الحوادث، ذكر اختفاء وجود المال في حسابه المصرفي، بعد أن سرقت سيارته من خارج النيابة العامة، وبعدها استهدفت حساباته على وسائل الاعلام الاجتماعية وتم مراقبتها. وفي منتصف مارس الجاري سحبت الإمارات العربية المتحدة الجنسية للأطفال من مدافع آخر عن حقوق الإنسان، بجانب فرض عقوبات على أسر المعتقلين، وهو ما يخالف القواعد الحقوقية والعهود الدولية التي تؤكد على أن العقوبة شخصية لا يتحملها غير المدانين.
وفي 18 اغسطس 2013 اعتقال الأكاديمي البارز ناصر بن غيث في مكان مجهول وفي ظروف اعتقال قاسية، وكانت منظمة العفو الدولية قد نشرت بياناً وضحت فيه أن اعتقال بن غيث جاء بعد قيامه بنشر تغريدات عبر حسابه الشخصي على "تويتر" يتحدث فيها عن حالات العنف في مصر في ذكرى مذحبة رابعة والتي نفذتها السلطات المصرية.
وذكرت المنظمة أيضًا أن بن غيث تعرض للاعتقال سابقًا في عام 2011 بعد إدانته بالتعدي على كبار رموز الدولة عبر إحدى المنتديات على الانترنت، لكن تم الإفراج عنه لاحقاً إثر حصوله على عقو من الدولة إثر التدخلات الدولية الكبيرة للاعتراض على اعتقاله.
القانون وسيلة القمع
وتستخدم السلطات الاماراتية القوانين لقمع حرية الرأي والتعبير، إذ تتيح مجموعة من القوانين للدولة، مثل قانون مكافحة الكراهية، ممارسة حملة اعتقالات تعسفية ضد أي ناشط بسبب عدم تحديد النصوص بشكل دقيق وعدم تعريف الكراهية أو العنصرية بشكل يتيح للمواطن تجنب هذه الأفعال.
كما وقعت الامارات عشرات الاتفاقات مع مجموعة من الدول على تسليم المطلوبين لها كما حدث مؤخرًا مع تايلاند، وهو مايستوجب فرض عقوبات دولية في حال أثبتت التقارير الخاصة بانتهاك حقوق الإنسان.
وخضع المعتقلون لمحاكمات معيبة وقائمة على أدلة منتزعة تحت التعذيب وسوء المعاملة.
بجانب مئات النشطاء الذين حوكموا بموجب قوانين تقييدية؛ بما في ذلك مجموعة النشطاء المعروفون باسم (الإمارات 94).
الإخفاء القسري والتعذيب
ويروي أحمد الشيبة النعيمي، الكاتب والناشط الإماراتي الذي يعيش في المنفى بعيدًا عن الدولة، والمحكوم عليه غيابيًّا بالسجن 15 عاماً بسبب دعمه لعريضة الإصلاح عام 2011، أن شقيقه الذي كان أحد الموقعين على العريضة تعرض للضرب والتعذيب خلال اعتقاله في مكان غير معلوم، ووجدت عائلته صعوبة بالغة للتعرف عليه بعد أن تمكنوا من مشاهدته عقب عام من اعتقاله، وأن ابن شقيقه قد تعرض للاعتقال بسبب تغريدات له عبر مواقع التواصل الاجتماعي..
ولم يرحم الأمن الاماراتي الأجانب من للتعذيب وسوء المعاملة المهينة في سجون أبوظبي السرية، حيث اشتكى العشرات من المواطنين البريطانيين أنهم تعرضوا للتعذيب أو سوء المعاملة على أيدي الشرطة ومسؤولي الأمن بعد اعتقالهم في دولة الإمارات العربية المتحدة، وقد أظهرت الأرقام أنه على مدى السنوات الخمس الماضية(2011) هناك 37 حالة تتعلق بالتعذيب وسوء المعاملة وفق ما كشفه مسؤولون في وزارة الخارجية البريطانية منذ عام 2011...
ووفق تقارير واردة من داخل الامارات، يخضع المعتقلون الأجانب في الإمارات للصدمات الكهربائية والضرب وغيرها من الانتهاكات. وقالت مصادر موثوقة رفضت الكشف عن هويتها - شملت الانتهاكات ضربهم بالعصي، وأحيانا في مكان يسمى "حلبة الملاكمة" وأحيانا يتم تعليقهم بسلاسل.
وتشمل تقنيات التعذيب أيضا قلع الأظافر، ورمي الحشرات على السجناء، وغمرهم بالماء البارد أمام مروحة، والحرمان من النوم لمدة تصل إلى 20 يوما، و الاغتصاب والتحرش الجنسي، والاعتداء الجنسي.
ورغم تلك الانتهاكات المتواصلة، ترفض الإمارات السماح لمراقبي حقوق الإنسان بتفقد السجون والتحقق من بلاغات التعذيب. وفي الوقت نفسه، ترفض السلطات الإماراتية دخول منظمة العفو الدولية وغيرها من منظمات حقوق الإنسان ما يظهر العداء الرسمي لحقوق الإنسان في الإمارات.
رجال الأعمال الليبيون.. عام من الإخفاء القسري
وفي أغسطس 2014 خطف جهاز أمن الدولة في أبوظبي 10 رجال أعمال ليبيين من بينهم أمريكيان وكنديان من أصول ليبية، وظلوا في الاختفاء القسري أكثر من عام دون أن تعرف عائلاتهم عنهم شيئا وفي المقابل ظلت السلطات الأمنية تنكر أي معلومات عنهم.
وكانت منظمة العفو الدولية ولجنة مراقبة حقوق الإنسان أجرت تحقيقات وصفت فيها سلوك جهاز أمن الدولة في اعتقال الليبيين بأنه اختطاف قسري ومشابه لمئات الحالات الأخرى التي يمارسها الجهاز ضد الناشطين السلميين كأسلوب وحشي ثابت، لجمع المعلومات باستخدام الاعتقال والاحتجاز والتعذيب ثم ترحيلهم فور تلاشي آثار التعذيب الوحشي.
وبعد بضعة شهور أفرجت السلطات الأمنية عن أربعة منهم وبقي 6 منهم حتى الآن في السجون السرية. وقد أكد المفرج عنهم تعرضهم للتعذيب الشديد وأنه تم احتجازهم كرهائن سياسيين لجمع معلومات عن ليبيا لصالح جهاز أمن الدولة، وقد تم اعتقالهم في سجن سري في قاعدة الظفرة الجوية معزولين عن العالم.
وإلى جانب منعهم من التواصل مع المحامين وعائلاتهم تعرضوا لتعذيب وحشي ممنهج، ومنعت أبوظبي السلطات الكندية والأمريكية من رؤية مواطنيهم المعتقلين.
وتحركت عائلات الضحايا المعتقلين وسلمت الأممالمتحدة شكوى عاجلة حول خضوع ذويهم للتعذيب الشديد في سجون أبوظبي السرية. ومن جانبها أجرت الأممالمتحدة تحقيقات حول بلاغات التعذيب في يوليو 2015 ما لبثت أن اكتشف هول حجم التعذيب الذي تعرض له المعتقلون: الضرب المستمر، حلبة الملاكمة بالكم، تسليط حشرات تأكل أجساد المعتقلين، التجمد، الإيهام بالغرق، الصعق بالكهرباء.
وبعد اكتشاف هذه الفضيحة الإنسانية سارع جهاز الأمن لتقديم المعتقلين لمحاكمات باعترافات مفبركة وملفقة ونزع اعترافات تحت التعذيب الشديد.
وعليه، فقد أكدت الأممالمتحدة أن القضاء الإماراتي ليس له ولاية قانونية أو أحقية بمقاضاة المعتقلين الليبيين، وعلى ضوء ذلك قررت الأممالمتحدة أن اعتقالهم هو اعتقال تعسفي، مؤكدة تعرض المعتقلين للتعذيب واستحالة أن يحظوا بمحاكمة عادلة في الدولة، ومن ثم طالبت الأممالمتحدة دولة الإمارات بالإفراج فورا عنهم ودفع تعويضات لهم.
وبذلك يكون جهاز أمن الدولة الاماراتي قد عبث بالقضاء الإماراتي ووجهه حيث يريد. إذ يقوم الجهاز بالاعتقال التعسفي والاختطاف القسري لبضعة شهور ثم الحصول على اعترافات تحت التعذيب ثم إلى محكمة أمن الدولة بدون محامين وبدرجة تقاض واحدة.!!!
وبذلك تنتهك السلطات الاماراتية نصوص المواد القانونية والدولية إنتهاكاً صريحاً والتي تجرم الإختفاء القسري والتعذيب وتدينه وتضع الدولة تحت طائلة القانون!.