"أنت معارض.. إذًا أنت مستهدف".. شعار مصر تحت حكم العسكر، فما إن ينتقد شخص ما تردي الأوضاع السياسية والمعيشية والاقتصادية في مصر، حتى تتحرك الأذرع الإعلامية للعسكر لتشويه صورته ونهش لحمه وتتحرك الأذرع القانونية لملاحقته قضائيا، وتتحرك الأذرع الأمنية لمنعه من السفر أو فصله من عمله. كان آخر هؤلاء: الفنان "خالد أبو النجا" والذي انتقد في وقت سابق تردي الأوضاع السياسية والحقوقية والاقتصادية تحت حكم السيسي ووصف السيسي بأنه "قائد دولة الظلم"، الأمر الذي دفع بالعديد من وسائل الإعلام لشن هجوم شرس عليه واتهامه بالعمالة، تلا ذلك تقدم طارق محمود، الأمين العام لما يسمى بائتلاف دعم "صندوق تحيا مصر"، ببلاغ إلى النائب العام برقم 13748 لسنة 2015، ضد أبو النجا، يتهمه فيه بإهانة قائد الانقلاب والهجوم على المؤسسة العسكرية والشرطية، والتحريض على الجيش والشرطة وإلصاق التهم بهم، في محاولة منهم لهدم الدولة، وذلك خلال تدوينات عبر موقع "تويتر". وقال محمود، إن أبو النجا يرغب في زعزعة الاستقرار الداخلي للبلاد، وتأليب الشعب على الجيش والشرطة، وذلك بنشر أخبار كاذبة من شأنها إحداث فتنة وانقسام في البلاد، وهي جرائم منصوص عليها بقانون العقوبات والمحاكم العسكرية، مشيرا إلى أن أبو النجا ارتكب جريمة تهديد الأمن والسلم الاجتماعيين والتحريض على الجيش، وهي الجريمة المؤثمة قانونًا بنص المادة 171 من قانون العقوبات والمادة 176 من ذات القانون. وطالب محمود بالتحقيق الفورى والعاجل فيما تضمنه هذا البلاغ، وإصدار أمر بضبط وإحضار المقدم ضده البلاغ، ووضع اسمه على قوائم الممنوعين من السفر، واتخاذ اللازم تجاه المقدم ضده البلاغ لارتكابه جرائم التحريض على مؤسسات الدولة وقلب نظام الحكم، والمجرمة قانونا بنصوص المواد 171 و176 و40 من قانون العقوبات وإحالته للمحاكمة الجنائية. الأمر لم يتوقف عند "أبو النجا"، بل تعداه ليشمل الكاتب والمفكر فهمي هويدي، والذي تعرض لحملة تشويه واسعة خلال الأيام الماضية على خلفية وصفه لما يعرف بمشروع قناة السويس الجديدة بأنه "تفريعة قناة السويس"، بل وتهديده بالاغتيال حال تجاوز الخطوط الحمراء في انتقاد السيسي والأوضاع في البلاد. وقال هويدي -في تصريحات صحفية-: "أعمل منذ 55 سنة، وتعرضت لكل أساليب الحرب تهديدي وإقصائي، الشيء الوحيد الذي لم يحدث حتى الآن هو القيام باغتيالي"، مضيفا "تعرضت للقمع منذ عهد جمال عبد الناصر مرورا بأنور السادات، وحسني مبارك إلى عبد الفتاح السيسي، إذ ما زلت أتلقى تهديدات وتلميحات بأني أتجاوز الخطوط الحمراء". واستطرد: "كل ما أقوم به هو الدفاع عن كلمة الحق إلا أن هذا كفيل بأن يجعل منابر إعلامية تصنفني تارة في خانة الإخوان، وتارة أخرى خائن، مجرد إبداء الرأي يعني التصنيف ضمن فصيل معين، مما يعتبر اغتيالا معنويا للمثقف، وهذا ما تتفنن فيه بعض المنابر الإعلامية ذات الصوت العالي"، مشيرا إلى أنه من المضايقات التي يتعرض لها منعه من الظهور في التليفزيون والإذاعة المصريين، حيث لم يعد له سوى هوامش ضيقة لنشر مقالاته. وتابع هويدي: "أنشر في حدود ما أستطيع، أصبحت هناك حساسية شديدة تجاه كل ما هو نقد، كما أن السلطة مهيمنة على الإعلام، والنتيجة هي غياب المثقف في الرأي العام، فلا يصل صوته للمجتمع". وانتقالا من الفن والصحافة إلى الدعوة، تعرض عدد من المشايخ والعلماء لحملة إعلامية شرسة مصحوبة بقرارات تعسفية من أوقاف العسكر ومنع من السفر على خلفية الدعاء على الظالمين أو كتابة تدوينات تحمل آيات تذكر بمصير الظالمين وتواسي المظلومين، كما حدث مع الشيخ محمد جبريل والعالمين الكبيرين أحمد عيسي المعصراوي وأحمد عامر. وشمل الاستهداف أيضا العديد من أساتذة الجامعات ممن عبروا عن آراء لا تروق للعسكر وأذرعهم الإعلامية والأمنية والقضائية، حتى وصل الأمر إلى حد الحكم بالإعدام كما حدث مع الدكتور عماد شاهين أستاذ العلوم السياسية في عدد من الجامعات المصرية والأمريكية، والفصل من العمل كما حدث مع الدكتور محمد الجوادي والدكتور محمد محسوب، والإحالة للتحقيق كما حدث مع الدكتور سيف عبد الفتاح.