سلطت محطة "سي إن بي سي" الإخبارية الأمريكية الضوء على التراجع الحادّ في أسعار النفط العالمية، قائلة: إنها شهدت انخفاضًا بمعدل يزيد عن الثلث منذ شهر يونيو الماضي، ولا يمكن لأحد التنبؤ بمستوى الانخفاض الذي يمكن أن تصل إليه خلال الفترات المقبلة. وقالت المحطة، في تقرير لها نشرته، اليوم السبت، على موقعها الإلكتروني: إن هبوط أسعار النفط قد كبّد بالفعل الاقتصاديات العالمية التي تعتمد بصورة كبيرة على الإنتاج النفطي مليارات الدولارات، جنبًا إلى جنب مع الشركات والمستهلكين الذين يستخدمون النفط لسبب أو لآخر. وذكرت أن أحدث الأدلة على ذلك هو البيانات الصادرة أمس الجمعة والتي أوضحت أن واردات الولاياتالمتحدةالأمريكية من النفط- والتي تُقاس بالدولار- قد شهدت انخفاضًا في أكتوبر إلى أدنى مستوياتها منذ نوفمبر من العام 2009، متأثرة في ذلك بالطفرة في إنتاج الطاقة المحلي، تراجع الطلب نتيجة تحسن الكفاءة والهبوط الذي تشهد أسعار النفط. ونسبت الشبكة ل أندرو كينينجهام الخبير الاقتصادي في مؤسسة " كابيتال إيكونوميكس" قوله: إن كل انخفاض بنسبة 10 دولارات في سعر الخام القياسي العالمي يعادل حوالي 330 مليار دولار- أو ما نسبته 0.4% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي. ومن ثم، فإنه إذا ما استمرّت أسعار النفط في التراجع العام المقبل، سوف ينتقل ما نسبته 1.2% تقريبًا من الناتج المحلي الإجمالي العالمي من منتجي النفط إلى المستهلكين. وفي الوقت ذاته، يشعر مورّدو النفط الأجانب للولايات المتحدةالأمريكية بتأثيرات تراجع الطلب في الوقت الذي أسهمت فيه الطفرة في الإنتاج المحلي في خفض الواردات الأمريكية. ويشار إلى أنه منذ أن وصلت إلى أعلى مستوياتها في أغسطس من العام 2006، انخفضت واردات النفط الأمريكية بنسبة 40% في الوقت الذي عززت فيه الطفرة في الإنتاج الإمدادات المحلية، كما أدّت مبيعات عشرات الملايين من السيارات الجديدة التي تدار بالوقود في تقليص الطلب على الجازولين. وفي الوقت ذاته، فإن ثمة دول أخرى موردة للنفط للولايات المتحدة قد تأثرت على نحو أكبر من دول أخرى، فعلى الرغم من اعتمادها الطويل على النفط القادم من الشرق الأوسط، بلغت واردات واشنطن من النفط من الدول غير الأعضاء في منظمة الدول المنتجة للنفط ( أوبك) ضعف مثيلتها من الدول الأعضاء في المنظمة في سبتمبر الماضي، حيث جاء الجانب الأكبر من تلك الواردات من كندا التي ساعدت طفرة الإنتاج فيها على وجود وفرة في الخام، ما انعكس على الأسعار. وقاد التراجع في أسعار النفط العالمية إلى تكبد منتجي النفط الكنديين مليارات الدولارات. وقبل موجة الانخفاض في الأسعار، كانت قيمة الجمارك السنوية على شحنات النفط الكندية تُقدر بحوالي 85 مليار دولار خلال التسعة شهور الأولى من العام الجاري، وفقا للبيانات التجارية الصادرة عن مكتب الإحصاءات الامريكي. وقدرت البيانات الخسائر التي من المتوقع أن تتكبدها كندا في مبيعات النفط بسبب هبوط الأسعار ب 30 مليار دولار في العام المقبل. المملكة العربية السعودية، أكبر مصدر للنفط في العالم، ليست هي الأخرى بمأمن من تداعيات أسعار النفط المنخفضة. فإذا ما بقيت الأسعار في العام المقبل عند مستويات أقل من الحالية، سوف تبلغ الأسعار المنخفضة للصادرات الأمريكية وحدها ما نسبته حوالي 2.5% من الناتج المحلي الإجمالي للمملكة، ويعتمد هذا على طول المدة التي ستبقى فيها أسعار النفط على هذا التوجه. فالسعودية قد احتفظت بحوالي 750 مليار دولار من الاحتياطي الأجنبي، وفقا ل Economist Intelligence Unit. زراع المعلومات الخاصة بالأعمال والتابعة لمجموعة " إيكونوميست". وعلى الجانب الآخر، تمتلك كل من الكويت والإمارات، وهما من بين الدول الأعضاء في أوبك، احتياطي يقدر بنحو 100 مليار دولار فيما بينهما، بحسب Economist Intelligence Unit.. ولكن تلك الحكومات تعتمد بصورة كبيرة على إيرادات النفط في تمويل الدعم الخاص باستثمارات البنية التحتية بمستويات تزيد بكثير عن الإيرادت المتحققة من القطاع النفطي عند 70 دولار للبرميل، ومن ثم فإن طول فترة انخفاض الأسعار سوف ينعكس عليها حتما بالسلب. وعلاوة على ذلك، فإن ثمة دول أخرى منتجة للنفط تمتلك احتياطيات نفطية أقل بكثير كي تساعدعا على تعويض خسارتها من الهبوط الحاد في الأسعار وهما روسيا وفنزويلا، حيث هوت العملة الروسية – الروبل- بمعدل الثلث هذا العام، بينما انخفضت العملة الفنزويلية- البوليفار- بنحو الثلثين خلال الفترة ذاتها. قرر أعضاء منظمة "أوبك" في اجتماع تاريخي في فيينا في السابع والعشرين من الشهر الماضي، الإبقاء على سقف الإنتاج اليومي عند 30 مليون برميل، بعد أن عطلت دول الخليج النفطية وعلى رأسها المملكة العربية السعودية دعوات من أعضاء آخرين أقل غنى في "أوبك" لخفض الإنتاج ووقف هبوط أسعار النفط الذي بلغ أكثر من الثلث منذ يونيو الماضي. وأدى قرار "أوبك" عدم خفض الإنتاج إلى هبوط حاد لأسعار النفط وأثار عاصفة في الأسواق المالية مع تراجع سعر صرف عملات البلدان المنتجة للخام الأسود وأسهم الشركات النفطية.