في تصعيد غير مسبوق، هدد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ولاية كاليفورنيا بتفعيل "قانون التمرد" عقب إرسال مئات من عناصر مشاة البحرية الأمريكية (المارينز) إلى مدينة لوس أنجلوس، وسط أنباء عن وصول المزيد منهم في الأيام المقبلة. يأتي هذا الانتشار بأوامر مباشرة من الرئيس، الذي دفع أيضا بأربعة آلاف من قوات الحرس الوطني إلى المدينة بهدف السيطرة على الاحتجاجات المتصاعدة. ما الذي يجعل الأمر استثنائياً؟ رغم أن نشر قوات الحرس الوطني — وهي قوة احتياطية — ليس سابقة بحد ذاته، إلا أن الخطير في هذه الحالة هو تجاوزه التنسيق التقليدي مع سلطات الولاية. الأكثر إثارة للجدل أن وحدات المارينز، المكلفة عادة بحماية المنشآت الفيدرالية، تم الدفع بها في سياق مواجهة اضطرابات مدنية، وهو إجراء نادر ويرتبط غالباً بتفعيل "قانون التمرد"، أحد أكثر القوانين الفيدرالية إثارة للجدل.
تصريحات متضاربة صرح الرئيس ترامب أن مدينة لوس أنجلوس كانت "ستحترق بالكامل" لولا تدخله المباشر بنشر القوات.
وأكد نيته تفعيل قانون التمرد حال التأكد من وجود تمرد فعلي في صفوف المتظاهرين.
من جهته، أوضح مسؤولون عسكريون أن قوات المارينز لا تملك صلاحية تنفيذ الاعتقالات، وأن مهامها تقتصر على حماية الممتلكات الفيدرالية والأفراد.
قال برين ماكدونيل، مسؤول رفيع في وزارة الدفاع، إن تكلفة نشر القوات تُقدر بنحو 134 مليون دولار، تشمل السفر والسكن والغذاء.
ردّ حاكم كاليفورنيا، غافين نيوسوم، بحدة قائلاً إن "ما يجري لا علاقة له بالسلامة العامة، بل بإشباع غرور رئيس خطير".
وأضاف: "تخيلوا كم من وحدات السكن والمساعدات الغذائية يمكن تقديمها لقدامى المحاربين بدل استخدام الجنود كبيادق سياسية".
أما السيناتور جاك ريد، كبير الديمقراطيين في لجنة القوات المسلحة بمجلس الشيوخ، فعبّر عن "انزعاجه الشديد" من نشر قوات البحرية، مؤكداً أن الجيش لا يجب أن يُستخدم لإنفاذ القانون داخلياً.
قائد شرطة لوس أنجلوس، جيم ماكدونيل، قال إن الشرطة لم تُبلّغ بوصول المارينز مسبقاً، ما شكل تحدياً لوجستياً وعملياتياً كبيراً.
ما هو "قانون التمرد"؟ قانون التمرد، الذي يعود تاريخه إلى عام 1792 وتم تعديله في القرن التاسع عشر، يمنح الرئيس الأمريكي صلاحية نشر القوات المسلحة داخل البلاد لقمع تمرد أو عنف داخلي أو إنفاذ القانون. ويصفه كثير من الخبراء القانونيين بأنه "فضفاض وخطير" نظراً لإمكانية إساءة استخدامه في غياب تحديثات قانونية واضحة.
ينقسم القانون إلى ثلاثة بنود رئيسية:
البند 251: يسمح للرئيس بالتدخل بطلب من حاكم الولاية أو سلطاتها التشريعية.
البند 252: يمنح الرئيس صلاحية التدخل دون موافقة الولاية في حال تعطيل تنفيذ القوانين الفيدرالية.
البند 253: يسمح بالتدخل لقمع أي تمرد أو عنف أو مؤامرة تحرم سكان الولاية من حقوقهم الدستورية، إذا كانت سلطات الولاية غير قادرة أو غير راغبة في التدخل.
متى تدخل الجيش الأمريكي في شؤون داخلية من قبل؟ 1794 – تمرد الويسكي: استخدم جورج واشنطن الجيش لفرض ضريبة فدرالية.
1861–1877 – الحرب الأهلية وما بعدها: لإنفاذ القوانين وحماية السود من "كو كلوكس كلان".
1894 – إضراب بولمان: قمع إضراب عمال السكك الحديدية لحماية التجارة بين الولايات.
1957 – إلغاء الفصل العنصري: نشر الجيش في ليتل روك بأركنساس لحماية الطلاب السود.
1992 – شغب رودني كينغ: أرسل جورج بوش الأب قوات بعد اضطرابات أعقبت تبرئة عناصر شرطة اتُهموا باستخدام القوة المفرطة.
لماذا الغضب في كاليفورنيا؟ الاحتجاجات في لوس أنجلوس اندلعت رداً على عمليات دهم واسعة نفذتها قوات الهجرة والجمارك الفيدرالية، استهدفت مجتمعات مهاجرة، وخاصة من أصول لاتينية. وشهدت المدينة مواجهات استمرت لساعات بعد تنفيذ مداهمات مسلحة يوم الجمعة الماضي، أسفرت عن اعتقال ما لا يقل عن 44 شخصاً بتهم تتعلق بانتهاك قوانين الهجرة.
رئيسة بلدية لوس أنجلوس، كارين باس، أكدت أن احتجاجات يوم الاثنين كانت في غالبيتها سلمية، رغم اعتقال أكثر من 100 شخص. وأشارت إلى أن العديد من المتظاهرين كانوا يطالبون بوقف حملات الترحيل، ولوّح بعضهم بالأعلام المكسيكية، بينما أقدم آخرون على حرق العلم الأمريكي.