لعل ما يؤكد عجز نظام الدكتاتور عبدالفتاح السيسي، زعيم الانقلاب العسكري في مصر، ويثبت عدم صلاحيته للبقاء وحكم المصريين، هو تهربه من المسئولية ومحاولته ردم فضائحه وفشله بإلصاق ذلك بجماعة الإخوان المسلمين التي تحولت إلى شماعة يعلق عليها النظام فشله باستمرار. ففي محاولة يائسة من القفز من مركب حوادث السكك الحديد الغارقة بدماء المصريين، قال وزير النقل كامل الوزير، الإثنين 26 أبريل 2021م، إن بعض أسباب الحوادث التي يتعرض لها قطاع السكك الحديدية، يرجع لوجود "عناصر متطرفة"، لا تريد لمصر الأمن والأمان والسلام. جاء ذلك خلال كلمته، أمام الجلسة العامة للبرلمان للحديث عن الحوادث التي شهدها قطاع السكة الحديد خلال الفترة الماضية، وخطة تطوير السكك الحديدية. وتعقيبا على مداخلات نواب حول وجود أفراد من جماعة الإخوان في الوزارة، زعم "كامل": بخصوص وجود موظفين متطرفين وإخوان في الوزارة، فهي معلومات صحيحة ومعروفة، وحاولت الوزارة بشتى الطرق التخلص من موظفين أجمعت الجهات الأمنية أنهم ينتمون لجماعة الإخوان المسلمين. وتمادى الوزير المقرب من السيسي في تحليله لأسباب فشله في وقف حوادث القطارات، "هناك صبية مدفوعون يقومون بفك المسامير وإلقاء الحجارة على القضبان، وينتهي الأمر إلى انقلاب القطارات، ويصورونها بالموبايل" مضيفا أنهم "لا يريدون السلامة وهؤلاء ليسوا أطفالا أبرياء"، متسائلا عمن يحركهم، وقال هناك من ينام تحت القطار ويصور الأمر بالهواتف، على حد قوله. وأشار "الوزير" إلى أن الوزارة تبذل جهدا لمواجهة ما وصفها ب "العناصر الإثارية" من خلال توجيه العاملين بالقطاع بعدم الامتثال إلى هؤلاء العناصر، الذين يستهدفون تعطيل العمل والإنتاج وعدم تطوير خطوط السكك الحديدية. وطلب "الوزير" من نواب البرلمان تعديل قانون الخدمة المدنية لفصل العاملين ممن تثبت علاقتهم بالعناصر المتطرفة وجماعة الإخوان، أو تعاطي المخدرات. كما طالب بإجراء الكشف الطبي الدوري على المخدرات بين قائدي القطارات، بالتنسيق مع صندوق مكافحة الإدمان والمخدرات. ولفت إلى ضرورة دراسة الحكومة تغليظ عقوبة تعاطي المخدرات لتصل للفصل النهائي. التبرؤ من الخصخصة ونفى الوزير وجود خطة لخصخصة السكة الحديد زاعما أن المشاركة أو التعاون والتنسيق مع شركات القطاع الخاص أو الاستعانة بالشركات العالمية الهدف منه الاستفادة من خبراتها في الإدارة والتشغيل والتطوير، ولكن ليست خصخصة. وتأتي تصريحات كامل الوزير وكأنها مخدرات يوزعها على نواب العسكر الذين جرى اختيارهم من جانب أجهزة السيسي الأمنية ليبصموا على كل قرارات الحكومة؛ فهم منزوعو الإرادة معدومو الوعي، يستمعون لتبريرات الوزير الفاشل كأنها حكايات أطفال لا تخرج من مسئول، بل تدينه وتحيله الى المحاكمة من المفتترض إن كان هناك بالفعل دولة. حديث الوزير عن العيال والعفاريت الذين ينتمون لمتطرفين وأنهم ليسوا أطفالا أبرياء، بمقدورهم قلب القطارات وإيقاع الحوادث التي تأكل مقدرات مصر، تلك الكلمات لا تسمع ولا حتى في بلاد واق الواق؛ تعنى أن الوزير الجنرال يتهرب من تحمل المسئولية ليحملها لكائنات وهمية لا وجود لها إلا في خياله المريض، الوزير يتحمل المسئولية السياسية والفنية عن هذه الحوادث التي لا تتوقف يوميا، ومن قبله رئيسه وقائد الانقلاب العسكري عبد الفتاح السيسي، الذي ضن على قطاع السكك الحديد بمبلغ 10 مليار جنيه لكهربة الخطوط والإشارات لمنع الحوادث، مفضلا وضعهم في البنوك واستثمارهم وتحصيل فوائدهم أفضل من وضعهم في السكة الحديد، طالبا من المسئولين تحميل التكلفة عن التطوير للمواطن برفع الأسعار، قائلا "وأنا كمان غلبان مش قادر أدفع"، وكأنه يدفع من جيبه الخاص أو جيب أبيه وأمه، متجاهلا أن 80 من إيرادات الدولة والموازنة العامة بها هي أموال الضرائب التي يدفعها الشعب، وأن المرتب الذي يتقاضاه السيسي وجميع المسئولين بحكومته هي من جيوب المواطنين الذين يلقون حتفهم كل يوم في حوادث الطرق والقطارات! استمرار الكوارث وأشارت تبريرات كامل الوزير إلى استمرار هذه الكوارث؛ فمادامت الشماعة موجودة فالحوادث ستستمر ويستمر معها تعليق الفشل على هذه الشماعة الجاهزة "الإخوان". وهو ما يعني التستر على فشل الوزير والمسئولين في وزارة النقل ومعظمهم لواءات يتقاضون مرتبات ضخمة ومكافآت هائلة على فشلهم المتواصل. والبرهان على فشلهم أنهم يتأهبون لاستقدام خبراء أجانب لإدارة الوزارة الملأى باللواءات والجنرالات! وتشهد مصر بصورة متكررة حوادث قطارات مأسوية، بسبب فوضى تعم الطرقات أو العربات القديمة أو حال الطرق والسكك الحديد التي لا تخضع لصيانة جيدة ولمراقبة كافية. وعادة ما تنسب حوادث القطارات لمشاكل تتعلق بالبنى التحتية والصيانة. وأكثر الحوادث حصدا للأرواح في مصر، وقع في العام 2002 (قطار الصعيد) عندما لقي 361 شخصا حتفهم بعدما اندلعت النيران في قطار مزدحم في جنوبالقاهرة، ويشكك كثيرون في هذا الرقم مؤكدين أن رقم الضحايا كان أكبر من ذلك بكثير. وفي مايو 2018، أعلن الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء في بيان أن السبب الرئيس لحوادث تصادم القطارات هو العنصر البشري؛ إذ بلغت نسبته 78.9%، تليه عيوب في المركبات وحالة الطرقات. وشهدت الفترة الأخيرة عدة حوادث قطارات في سوهاج والقليوبية والشرقية ثم في السويس والجيزة، دون أن يحاسب الوزير، الذي يتشدق بأنه محارب ولن ينسحب مطالبا المصريين بتحمله والصبر على عملية التطوير، التي لا تاتي ولا يبدو لها نهاية في الأفق المنظور.