من التليفزيون ثم شاشة السينما وخروج الفضائيات إلى الوجود والمصريون يستقون معلوماتهم من الدراما كمصدر أول ثم من الكتب، إن وجدوا الوقت للقراءة، ولا أدل على ذلك من فيلم "صلاح الدين" الذي أنتجته عصابة انقلاب يوليو 1952، وفيلم "رد قلبي" والثوابت المغلوطة التي تركها هذا وذاك ترسخ في الأذهان. خرج برومو مسلسل "الملك" ليحاكي مغالطات فيلم "صلاح الدين" وتتم الإشارة ضمنا إلى الحالة التي تعيشها مصر الآن تحت الانقلاب العسكري، وليقول بطل العمل عبارة "لازم العالم كله يعرف قيمة مصر"، وهى ذات العبارة اللصيقة في فم السفاح عبد الفتاح السيسي، والتي يرددها دوما "بكرة مصر تبقى أم الدنيا وهتبقى قد الدنيا"! التطبيل للسيسي الابتذال في كتابة النص والإخراج وظهور طاقم العمل بملابس لا تمت للحقبة الفرعونية بصلة أثار عاصفة سخرية وتهكم على السوشيال ميديا، وتبارت صفحات الكوميكس في السخرية من مشاهد البرومو، الهجوم جعل "مونيا فتح الباب" ستايلست المسلسل ترد بالقول أنهم "يصنعون عملا دراميا لا تاريخيا" ! واتضح من عبارات كثيرة جاءت على لسان الممثل عمرو يوسف أنها تطابق العته والسذاجة التي ينطق بها السفاح السيسي، يقول الناشط وليد فكري:"في فيلم الناصر صلاح الدين.. صلاح الدين طالع بيقول "خادم العرب" وبيقابل ريتشارد وريتشارد طالع راجل كهل وقور وفيليب أغسطس طالع عربيد وفاسد.. ووالي عكا خاين والهوسبيتاليين قائدتهم واحدة ست حلوة.. ورينو متجوز واحدة اسمها فيرجينيا…". في فيلم صلاح الدين على سبيل المثال ظهرت شخصية "عيسى العوام" والذي لعب دوره صلاح ذو الفقار الذي ترك الخدمة في الجيش واحترف التمثيل، و"العوام" كان مسلما وليس مسيحيا كما رسم شخصيته المخرج الراحل يوسف شاهين في الفيلم، ومات "العوام" غرقا وهو يوصل رسائل صلاح الدين للحامية المحاصرة في عكا، ولم يقابل فارسة صليبية ويقع في غرامها ويتزوجها كما جاء في نسخة عبد الناصر. كما أنه في فيلم "صلاح الدين" تم التركيز بشدة على عروبة "صلاح الدين"، وأنه منقذ العروبة مع أن "صلاح الدين" رحمه الله كان كرديا ولايمت للعرب، يقول الناشط محمود سعد: "محدش ممكن يكلف نفسه يبحث على معلومه ولا يقرأ ودى مشكلة بتعانى منها أجيالنا من زمان للأسف". وتقول رانيا منصور: "لفت نظري احتفالية فرعونية عظيمة وهى موكب المومياوات الملكية بعدها بحوالى 10 أيام نطس فى مسلسل فرعونى هزلى مهزأ.. سخرية القدر". ويقول الناشط هاني بيتر: " الخلاصه احنا محتاجين سنين ضوئية عشان نعمل حاجة تاريخية المصريين القدماء ببساطة لأن الناس دي كانو معدينا أصلا دلوقتي في الفنون و الأزياء و الذوق و مجرد محاولة تقليد عيشتهم في شكل عمل فني هي مكلفه جدا ومحتاج تيم جرافكس مش موجود في مصر و شوال فلوس". ويقول محمود مساعد: "الفكرة إن ليهم تارجيت من المسلسل ولقوا إنهم هيحققوه كدة، مش في دماغهم مسلسل فرعوني يوثق أو حتى يحكي فترة مهمة مهمشة في التاريخ، بالنسبة لسباق رمضان فده شربات الفسيخ". وتقول "بنت الأهلي":"دقن وعيون خضراء روچ بينك وعباية سودا ولغة عربية عامية في مسلسل تاريخي فرعوني دي كده لعنة الفراعنة هتصيبنا فعلا أو أحمس نفسه هيطلع يشتمكم ده أحمس لو إخوان مش هتعملو فيه كده أو ممكن يكون طلع إخوان فعلا وطلع علي تركيا عشان كدة بقيت قيامة عثمان في الغيط". ويقول الناشط عبد الرحمن عوف: "عاملين مسلسل فرعوني جديد.. جايبين عمرو يوسف أبو عيون زرقا ومرضيش حتي يحلق دقنه عشان الفراعنة مكانوش بيربوا دقنهم وريم مصطفي شقرا و ضاربة شعرها أكسجين ولابسه ملاية صعيدي وكدة المفروض نصدق إنهم فراعنة.. ". ويشير الباحث أحمد فؤاد أنور إلى أن "الحقيقة اللي اختار عمرو ووافق إنه يفضل بلحيته وهو بيعمل دور الملك المناضل القادم من قلب الصعيد في رواية #كفاح_طيبة للعالمي محفوظ.. مش بس أساء الاختيار ولم ينقّب في المراجع ولم يستعن بمتخصص "ده حتى ما قراش الرواية". التطبيل لعبدالناصر خلال حوار أجراه الفنان أحمد مظهر بطل فيلم "الناصر صلاح الدين" مع مجلة "المجلة" السعودية عام 1980، ذكر أنه لا يحب الفيلم، وأضاف أنه يكره المخرج يوسف شاهين أيضا بسبب المبالغة في تناول الفيلم لشخصية القائد الإسلامي صلاح الدين الأيوبي. وأضاف: "شعرت بأن الفيلم يُسقط نفسيا على شخص جمال عبد الناصر، وأنه مطبوخ. وأنا مجرد أداة في يد المخرج".، أما كواليس الفيلم، فقد ذكر مظهر أنها كانت سخيفة، وكانت هناك مبالغة في إظهار عظمة صلاح الدين، وبأنه شعر أنه "يُطبِّل" لعبد الناصر رغم أنه يكره التطبيل، وعن سبب قبوله لدور البطولة في فيلم "الناصر صلاح الدين"، ذكر أنه لم يكن يدرك بُعده السياسي إلا بعد الانتهاء من الفيلم وعرضه. تركيز الفيلم بشكل مبالغ فيه حول تجميع العرب ووحدتهم تحت لواء قائد واحد جعل الشكوك تحوم كثيراً حول الإسقاط السياسي في الفيلم الذي أُنتج – على ما يبدو – للتسويق للقومية العربية. وشارك الجيش المصري في تصوير الفيلم بأكثر من 20 ألف جندي قاموا بتمثيل مشاهد المعارك داخل الفيلم، وبالنظر الدقيق إلى السياق السياسي المصري أثناء عرض الفيلم، فنرى أن الفيلم أُصدر خصيصا للربط بين صلاح الدين وجمال عبد الناصر، خاصة عبر إلحاق لقب "الناصر" باسم الفيلم، علما بأن كتب التاريخ الإسلامي لم تصف القائد الكردي ب "الناصر".