نشرت صحيفة "الجارديان" تقريرا سخرت خلاله من تعامل سلطات الانقلاب مع حادث جنوح سفينة شحن عملاقة في قناة السويس ما تسبب في تعطيل حركة الملاحة، مؤكدة أن قلة من المراقبين يتوقعون الشفافية حول موعد إعادة فتح الممر المائي التاريخي. وقال التقرير الذي ترجمته "الحرية والعدالة"، إنه مع جنوح سفينة حاويات ضخمة في أحد أكثر الطرق حيوية في العالم، كانت استجابة حكومة السيسي الأولية هي الصمت المميز، حتى مع بدء ظهور تقارير عن المشكلة علنا بعد أكثر من 12 ساعة. وأوضح التقرير أن قناة السويس، بالنسبة لمصر، هي أكثر من مجرد طريق تجاري، فهي مصدر فخر وطني ومصدر حيوي للعملة الأجنبية، لكن الحماسة التي تحيط بالممر المائي إلى جانب السيطرة على المعلومات بقبضة حديدية تعني أن قلة من المراقبين يتوقعون الشفافية حول ظروف التأريض أو الجدول الزمني لإنقاذ السفينة من سلطات الانقلاب، والتي قد يستغرق بعضها أياما أو حتى أسابيع. وقال تيموثي إي كلداس من معهد التحرير لسياسة الشرق الأوسط: "إن قناة السويس لها بالتأكيد مكانة خاصة في تاريخ مصر القومي، إنها ممر مائي استراتيجي رفع تاريخيا من أهمية مصر. بدأ البناء على القناة التي يبلغ طولها 120 ميلاً (193 كيلومترا) في عام 1859، قبل أن ي أممها جمال عبد الناصر في عام 1956، مما كان مؤلما للسيطرة من شركة بريطانية فرنسية. "كان هذا نقطة تحول من حيث أن مصر قد رسّت استقلالها. وقد ساعد ذلك في ترسيخ عبد الناصر كقائد". وأشار التقرير إلى أن عبد الفتاح السيسي استغل نفس المنوال من الفخر الوطني بعد الاستيلاء على السلطة في انقلاب عسكري في عام 2013، معلنا بعد عام أن الأعمال الهندسية لتوسيع وتعميق امتداد القناة 37 كيلومترا يتم الانتهاء منها في غضون عام واحد بدلا من ثلاثة، وتم تمويل المشروع بقيمة 8.2 مليار دولار من خلال سندات صادرة عن الدولة، اشتراها الجمهور بشغف وقال إن الممر المائي الموسع سيكون "شريانا للازدهار"، ووصفت سلطات الانقلاب إعادة إطلاق القناة في عام 2015 بأنها "معجزة وهدية مصر للعالم". ومع ذلك، لا تزال سفينة الشحن العملاقة "إيفرجرين" عالقة في حارة واحدة، الجزء القديم من القناة، وكان المسؤولون في حكومة السيسي مترددين في إعطاء أي شيء سوى صورة متفائلة عن الجهود الرامية إلى إعادة تعويم السفينة، بما في ذلك شريط فيديو نشرته هيئة قناة السويس تم تصويره في موسيقى مسرحية، بهدف الإيحاء بأن السلطات تسيطر على الأزمة، وقد ثبت عدم صحة التصريحات الأولية التي أدلى بها الفريق أسامة ربيع، رئيس هيئة القناة ، بأن المشكلة ستحل في غضون أيام، وأن تقارير أخرى تفيد بأن السفينة قد أعيد تعويمها جزئيا أو نقلت. وقال الكابتن رانجان شودري، الذي أبحر في قناة السويس بشكل متكرر خلال حياته البحرية التي استمرت 35 عاما، إن مرشدي القناة الذين كلفتهم الهيئة بتوجيه السفن العابرة والمساعدة في الملاحة الصعبة على الممر المائي، ساهموا في المشاكل. وقال في إشارة إلى نظام التتبع المستخدم على متن السفن: "يقوم مرشدو القناة بتشغيل الموسيقى داخل الجسر، وهناك نقص في الدعم المقدم من وكالة الطيران الأمريكية ". "يتصلون به مع جهاز كمبيوتر، ولكنهم يفرطون جدا في الثقة عندما يتعلق الأمر بالتنقل عن طريق البصر، في كل مرة يأكلون الطعام، يدخنون، يتحدثون كثيرا ويطلبون الرشاوى التي تبقيهم مشغولين جدا، الملاحة فن، وإذا فقدت التركيز لثانية أثناء التنقل في قناة ضيقة، ينبغي التحقيق فيها". وأضاف "إننا ندعو قناة السويس بلد مارلبورو"، "إذا قمنا بتزويدهم بشحنة كبيرة من سجائر مارلبورو، فإنهم يكونوا سعداء، لم يقم كل قبطان بواجبه قبل المرور عبر قناة السويس". وكان شودري متشككا بنفس القدر بشأن الجهود المبذولة لدراسة الحادث، وأضاف أن "التحقيق لن يكون شفافا وسيستغرق وقتا طويلا بسبب البيروقراطية"، والأهم من ذلك أن هيئة قناة السويس لا تتحمل المسؤولية، فقبطان السفينة هو الشخص المسؤول الرئيسي، وهو ثغرة مقارنة بقناة بنما". وقال كالداس إن الشفافية ستساعد على تهدئة التوترات حول الحادث، بالنسبة لمصر وشركائها الدوليين، وقال "من الضروري أن تكون حكومة السيسي شفافة في المضي قدما بشأن هذه الأزمة للحفاظ على مصداقيتها"، مضيفا "إستراتيجية الاتصال الحالية هذه لا تخدم مصالح حكومة السيسي".