"لو بقيت الأندلس حتى اليوم لوجد لها أراذل العرب صفقة قرن…"، فالأندلس قد بيعت تماما في الماضي والحاضر، ولن يطالب بها أحد الطغاة العرب في المستقبل، بذريعة أنها في الأصل للغرب المسيحي، واليوم يقف إعلام ومثقفو الطغاة في صف مَن فقدوا صوابهم عندما قررت تركيا إلغاء قرار قديم بموجبه تم عودة متحف "آيا صوفيا" لكينونته كمسجد للمسلمين. لم ينس الرئيس التركي رجب أردوغان، العهد الذي قطعه على نفسه يوم أن تولى بلدية اسطنبول أنه سيعيد إليها وجهها الإسلامي، الذي رسمه الفاتح، كما سعى لفك أغلال العلمانية التي فُرضت على بلاده، وكل من زارها يدرك ما تحقق من أهداف توجت بفتح مسجد آيا صوفيا، فهل تكون صدمة الغرب القادمة في العودة إلى الكتابة بالحروف العثمانية بدلا من اللاتينية؟ "أيا خوفيا"..! كل المسلمين في فرح من عودة الصلاة في مسجد "أيا صوفيا"، ماعدا جماعة "أيا خوفيا"، وهم الخائفون من عودة أي شيء يعيد للإسلام مجده، يقول الكاتب والمحلل السياسي التركي حمزة تكين: "جزء كبير جدا من (المسلمين) سيعترضون اعتراضا شديدا جدا يوم أن تحرر الأمة المسجد الأقصى من دنس الصهاينة وذلك بحجج زعرعة أمن منطقة الشرق الأوسط والاعتداء على دولة ذات سيادة وبث روح الفتنة بين أبناء الأديان وعندنا آلاف المساجد ما حاجتنا بمجرد مسجد واحد إضافي وهز صورة الإسلام بالعالم". ومعبراً عن موقف السفاح عبد الفتاح السيسي، زعم الوكيل السابق للأزهر، عباس شومان، أن إعادة آيا صوفيا مسجدا يتعارض مع تعاليم الإسلام، زاعما أن "هذا المبدأ مرفوض في الفكر الأزهري، ويجب احترام دور العبادة لكل أتباع الديانات". وزعم شومان في تصريحات صحفية أن "الإسلام يحترم دور العبادة لمختلف الديانات، ولا يجوز تحويل الكنيسة لمسجد، مثلما لا يجوز تحويل المسجد لكنيسة، هذا المبدأ مرفوض في الفكر الأزهري، ويجب احترام دور العبادة لكل أتباع الديانات". وتابع مدعيا أن "ما يخص الإسلام فهو إسلامي، وما يخص المسيحية فهو مسيحي، وما يخص اليهودية فهو يهودي، وهذا التصرف مستفز وتصرف غير متفق مع تعاليم الإسلام التي عرفناها وطبقها سلفنا الصالح، والذي عرف عنهم حرصهم على مقدسات الآخرين ورعايتها وعدم المساس بها". مفتي الألعاب..! ومن جماعة "آيا خوفيا" مستشار مفتي العسكر، والذي زعم أن قرار أردوغان، تحويل معلم آيا صوفيا التاريخي في إسطنبول إلى مسجد "لعبة سياسية خطيرة". مدعياً في حديثه لوكالة "تاس" الروسية، أن تحويل آيا صوفيا إلى مسجد إجراء يجب النظر به في سياق الهدف السياسي الذي حدده أردوغان، وقال إن: "توقيت وملابسات هذا الحدث تشير إلى أن هذا القرار يحمل فقط طابعا سياسيا ويمكن اعتباره محاولة من قبل الرئيس التركي لعرض نفسه بطلا يزعم أنه يحمي المقدسات الإسلامية ويحي عظمتها"، على حد قوله! وأشار مستشار مفتي العسكر إلى أن الكثيرين يتحدثون الآن حول الجوانب التاريخية والقانونية للخطوة التي اتخذها أردوغان، لكن كل ذلك يمثل جدالا تاريخيا غير مجدٍ لأنه يصرف الاهتمام عن "السياق الحقيقي لهذه اللعبة السياسية الخطيرة". من جهته يرد الكاتب والمحلل السياسي التركي حمزة تكين: "الخونة كثر جدا.. مجرد إعادة آيا صوفيا إلى مسجد أقمتم الدنيا ولم تقعدونا شتما وتخوينا وسبابا ولعنا، فكيف إن حرك جيشا لتحرير المسجد الأقصى من المحتلين أسيادكم الصهاينة؟!". وتابع: "أردوغان كان يرسل رسالة للمسلمين جميعا أن أمتنا يوم فتحت القسطنطينية وأصبح آيا صوفيا مسجدا بعد أن باعه الرهبان البيزنطيون، استطاعت أن تحمي المسجد الأقصى من الحملات الصليبية الإرهابية، ويوم أن ضاع آيا صوفيا من الأمة وخفت صوت التكبير فيه ازداد الحصار والاحتلال على المسجد الأقصى". وختم تكين بالقول: "واليوم عندما عاد آيا صوفيا حرا فهي بشارة معنوية أن الأمة وصلت لمرحلة جديدة من القوة (رغم كل الخونة الذين يدعون الانتماء إليها) التي ستوصلنا في نهاية المطاف (وقريبا) لإعادة الحرية للمسجد الأقصى.ولكن هل من فهيم يفهم؟!". فليكن مباركاً وهاجم إعلام السفيه السيسي القرار ووصف أردوغان ب"عدو الفن"، وكانت الحكومة اليونانية ادعت أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، باتخاذه قرارار بإعادة آيا صوفيا مسجدا، "أعاد تركيا إلى الوراء 6 قرون"، واصفة القرار بأنه "استفزاز سافر للعالم المتحضر"، ليتماهى موقفها مع الموقف المصري المتدخل في قرار سيادي تركي. ومساء الجمعة، وقّع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، على تنفيذ قرار مجلس الدولة القاضي بإلغاء قرار مجلس الوزراء الصادر عام 1934 والذي كان يقضي بتحويل آيا صوفيا من "مسجد" إلى "متحف"، وأحاله بشكل مباشر إلى رئاسة الشؤون الدينية التركية لاتخاذ اللازم. ونشر أردوغان في تغريدة على حسابه في "تويتر"، صورة القرار الذي وقع عليه فيما يخص آيا صوفيا، وعنون تغريده بعبارة "Hayırlı olsun أي "فليكن مباركا". وفي 3 يونيو الجاري، قال أردوغان، إنه "لا أحد لديه الحق والسلطة للتدخل بشؤون دور العبادة في تركيا مثلما نحن لا نتدخل في شؤون دور العبادة وإدارتها في الدول الأخرى". وفي حوار سابق أجرته مجلة المجتمع الكويتية مع أردوغان في إبريل 1994، عندما كان رئيساً لبلدية إسطنبول الكبرى، قال إن "آيا صوفيا" لا يمكن تحويله لكنيسة مهما كلف الأمر، مؤكدا أن هذا الأمر "محض خيال". وأوضح أردوغان أن "آيا صوفيا" وقْف للمسلمين ولا بد أن يظل كذلك، وقال "كما نعرف أن السلطان محمد الفاتح لم يستولِ على كنيسة آيا صوفيا عندما فتح إسطنبول، إنما اشتراها من ماله الخاص وحولها مسجداً وأوقفه للأمة، فإذا استخدم في غير غرضه فلعنة الله ورسوله على من يفعل ذلك". وأضاف "كما أن زعيم الرفاه نجم الدين أربكان، أعلن أنه سيعيد فتح آيا صوفيا للعبادة من جديد، فهذا وعد ودين في عنق الرفاه سوف يقوم بالوفاء به عندما يتمكن من ذلك".