ما حدث في مصر على مدار الإسبوع الماضي من إنفلات أمني وأخلاقي وشغب وتعدي على هيبة الدولة - التي بدأ ضياعها حينما أغمضت السلطة عينها عن تطبيق القانون في كل الحوادث السابقة بدءا من هدم كنيسة أطفيح وما تلاها من حوادث قطع الطرق وغيرها - وغوغائية وإستهتار بقيمة مصر. سواء خلال لقاء الأهلي وكيما أسوان في مسابقة كأس مصر أو في نهاية يوم "جمعة تصحيح المسار" ويجب أن تكون هناك وقفة ليس من مؤسسات الدولة فقط، بل من الإعلام المنلفت والمحرض، والتيارات السياسية الباحثة عن مصالحها الخاصة، والرأي العام الغاضب والذي اقترب من فقدان هدوئه بسبب استمرار الحال الذي لا يسر عدو ولا حبيب. العنف بدأ يوم لقاء الأهلي وكيما أسوان في دور ال 32 لبطولة كأس مصر ، بعدما قامت جماهير الألتراس الأهلاوي بالتعدي على قوات الأمن المركزي – بشهادة أحد أعضاء مجلس إدارة النادي الاهلي - ، تبعه عنف مضاد وطبيعي من القوات التي أهينت كرامتها على مسمع ومرأى من الجميع ، ونحن في هذه المرحلة الراهنة والعصيبة لا يجب ولا يصح أن يهادن أو ينافق أحد الجماهير طمعا في نفاقها، ولا خوفا من غضبها، لأن مصلحة مصر الأن توجب تطبيق القانون الذي قامت ثورة 25 يناير من أجله كأحد الأسباب الرئيسية لقيامها. ما حدث في إستاد القاهرة خلال لقاء الأهلي وكيما أسوان ، برره هواة نظرية التأمر بأن هؤلاء الشباب المنلفت تلقوا من البعض أموالا لإحداث هذا الشغب ، ولكن الشواهد السابقة تؤكد أن ذلك التفسير غير صحيح لسبب بسيط ، وهو أن " الألتراس " له سوابق عديدة مع رجال الشرطة ، حيث تعدى على الأمن خلال لقاء الأهلي وكفر الشيخ الودي قبل ما يقرب من عام بإستاد " مختار التتش " بما يعني إنها ليست السابقة الأولى.
العنف بدأ يوم لقاء الأهلي وكيما أسوان، بعدما قامت جماهير الألتراس الأهلاوي بالتعدي على قوات الأمن المركزي إتهم البعض الأخر جماهير " الألتراس " - الأهلاوي والزمالك مشتركين - بالتعدي على وزارة الداخلية ومقر السفارة الإسرائيلية يوم " جمعة تصحيح المسار " وهو تضخيم مبالغ في قوة هؤلاء الشباب ، ودون أن ندري نعطي " الألتراس " قوة غير موجودة سندفع ثمنا جميعا في المستقبل القريب ، مع كامل إحترامنا وتقديرنا لما قام به الألتراس يوم " موقعة الجمل ". مصر الأن عليها أن تعلن وبقوة بدأ مرحلة بناء دولة القانون ، وبدون ذلك لن تخرج من المأزق الشديد الحالي ، ولا نقول دولة القانون ليطبق على جماهير كرة القدم فقط ، بل بداية على البلطجية الذي يمرحون في شوارع مصر بدون مضايقة من الأمن الذي يعلمهم جميعا ، في نفس الوقت لا يعني ذلك إلغاء القانون والتعامل بدونه ، فالقانون هو الحكم بين الجميع . لاشك أن وسائل الإعلام ، خاصة التليفزيونية لعبت دورا سلبيا في الفترة الأخيرة ، بعدما إمتلأت شاشاته بالعديد من الأشخاص الذي يطلقون على أنفسهم " ناشط سياسي " والمحتكرين للوطنية والرأي السديد ليطلقوا تصريحات ساخنة ، وكل منهم باحث عن مصلحة شخصية ، وعليهم الأن الإمتناع عن ما يقومون به لأنهم كرهوا البعض في الثورة ، كما أن الإعلام التليفزيوني الرياضي لعب أسوء أدواره بمشاركة مجالس إدارات الأندية الكبيرة مع جماهير " الألتراس " حينما بدأوا قبل سنوات في نفاقها ، بتسليط الضوء والكاميرات على اللافتات التي تحض على التعصب ، وإستضافة بعضهم في البرامج الرياضية " الهايفه " مثل مقدميها ، وهم من الفلول الذين خدموا في بلاط النظام الساقط ، والأن يسعون ليكونوا من الثوار. سوابق " الألتراس " لا تعد ولا تحصى من حرق مشجع لأخر ، وحرق أتوبيسات المنافسين ، ومن إقتحام ملاعب كرة القدم ، وتلحين الأغاني المسيئة في المدرجات ، حتى أصبحت تلك الجماهير خارج السيطرة بسبب نفاق الأندية والإعلام لها ، ومع كل أزمة تخرج برامج بعينها للدفاع عنهم والمطالبة بالإفراج على من قبض عليه بداعي إنهم شباب صغير السن وعنده إمتحانات وما إلى ذلك من مبررات لا يعرفها القانون ولا تقره الأخلاق ، وفي النهاية يتم الإفراج عنهم وتضيع هيبة الدولة واحدة واحدة. مرة اخرى إذا كنا نطالب بتطبيق القانون في أقدم دولة في التاريخ ، فإننا نطالب بتطبيقه على كل الخارجين على القانون الذين تعرفهم وزارة الداخلية، وأن تعلم وزارة الداخلية أن استقرارها وكرامتها من إستقرار وكرامة البلد ، ولن ينعم رجال الشرطة بالراحة ، إلا إذا طبقوا القانون بدون تجاوز ، ونسيان حالة الثأر التي سيطرت عليهم خلال الفترة الماضية.