يستحق يوم السبت أن يطلق عليه لقب "يوم التعصب العالمى" فى عالم كرة القدم لما سيشهده من مواجهات "مرعبة" بين أندية تمتد جذور المنافسة الشرسة بينها إلى أكثر من قرن مضى. فإلى جانب "لقاء القمة" فى مصر والعالم العربى بين الزمالك والأهلى ، تشهد بعض الملاعب الأوروبية مباريات تزيد فى سخونتها عن "دربى القاهرة" لعل أبرزها تلك "المعركة" التى ستدور رحاها على ملعب سنتياجو برنابيو بالعاصمة الأسبانية مدريد بين ريال مدريد وبرشلونة والتى تجسد صراعا سياسيا وثقافيا أسبانيا خاصا ، إضافة إلى لقاء "الكراهية" بين اليوفنتوس وروما ولقاء "الأخوة الأعداء" ليفربول وإيفرتون فى الدورى الإنجليزى ، ناهيك عن قمة اليبوندزليجا الألمانية بين بايرن ميونيخ وبروسيا دورتموند. وفى حين أن توقع نتيجة أى من هذه المباريات يبدو أمرا صعبا ، فإن محاولة معرفة أسباب المنافسة بينها والتى تصل فى بعض الأحيان إلى حد الكراهية أمر أكثر صعوبة ، ويكفى أن نعلم أن لاعبا واحدا واسمه حسين حجازى كان السبب الرئيسى وراء اشتعال جذوة المنافسة بين الأهلى والزمالك منذ مطلع القرن الماضى لتصل إلى ما هى عليه الآن. وحول هذا الموضوع يقول الناقد الرياضى الكبير حسن المستكاوى رئيس القسم الرياضى بالأهرام: "سبب الصراع بين الأهلى والزمالك ليس طائفيا أو اقتصاديا أو سياسيا كما هو الحال بالنسبة لأندية أخرى فى العالم ، ولكنه يعود فى المقام الأول إلى قوة كل من الناديين ، وإلى حسين حجازى." وأضاف المستكاوى فى حديث ل (فى الجول) أن حجازى ساهم فى تكوين شعبية النادى الأهلى عندما كان لاعبا فى صفوفه ، ثم انتقل إلى الزمالك فأدى ذلك إلى ولادة نوع من الكراهية من جمهور الأهلى تجاه الزمالك ن قبل أن يعود للأهلى مرة أخرى. وتابع: "ثم أدت انتقالات اللاعبين بين الناديين إلى إذكاء جذوة التنافس بينهما ، ناهيك عن أنهما الأقوى فى مصر بلا منازع."
أما فى أسبانيا فالمسألة أكثر وضوحا لأن مباراة القمة بين ريال مدريد وبرشلونة مباراة القمة فى أسبانيا تتعدى كونها مباراة فى كرة القدم ، وهى أقرب لكونها استعراض مدته 90 دقيقة من الصدام الحضارى و الثقافى و السياسى بين نادى العاصمة مدريد المصحوب بمباركة الملك و السلطة، و بين ممثل أقليم كاتالونيا ، و هو الاقليم الذى ينتمى لثقافة و لغة و تقاليد مختلفة تماماً عن الثقافة الرسمية الاسبانية. فبعد الحرب الأهلية الأسبانية فى ثلاثينيات القرن العشرين ، أصبح تشجيع برشلونة أمرا واجباً على كل كاتالونى للنيل من نادى ريال مدريد أو نادى "الجنرال فرانكو" دكتاتور أسبانيا الشهير والذى أذاق الكاتالونيين أمر العذاب ، وبلغ به الأمر إلى حد اعتقال أى شخص يتحدث اللغة الكاتالونية علانية ، و هو ما يجعل كراهية الريال ممثل السلطة امراً منطقياً ، بل أنك إذا سألت أبناء كاتالونيا عن النادى الذى يفضلونه بشكل عام فى أسبانيا بعد برشلونة فإن الاجابة ستكون سريعة و حاسمة: "أى ناد يستطيع أن يهزم الريال." كراهية ريال مدريد فى أسبانيا لا تقتصر على برشلونة ، بل تمتد إلى "أبناء عمومته" من مشجعى نادى أتليتكو مدريد و رايو باياكانو وهما الناديان اللذان يتقاسمان معه السيطرة على العاصمة. وإذا كان سبب التنافس مع برشبلونة سياسيا وثقافيا ، فالسبب هنا اقتصادى بحت ، فأتليتكو و باياكانو ينتميان إلى القسم الفقير من العاصمة، و ما بين الطبقتين "ما صنع الحداد"، و البعض من اهالى مدريد انفسهم يعتبرون أن السلام من الممكن أن يعرف طريقه إلى القضية الفلسطينية، فى حين أن الكراهية تجاه الريال من قبل الكاتلونيين و الفقراء ستظل باقية إلى حين . و إذا عبرنا المحيط إلى واحدة من دول أمريكا "الاسبانية"، و تحديداً إلى الارجنتين سنجد أن العامل الطبقى هو الذى يحكم علاقة الغريمين التاريخيين بوكا جونيورز الذى بدأ كنادى الطبقة العاملة من المهاجرين الايطاليين، و نادى ريفربلات الذى يمثل الطبقة المتوسطة و صفوة القوم فى العاصمة الارجنتينية بيونيس آيريس، لذا تصبح مباراة الفريقين فى الدورى الارجنتينى مناسبة نادرة للتعبير عن سخط جمهور البوكا من التفاوت الطبقى و القمع السياسى الذى يمثله من الجهة الاخرى نادى ريفربلات، و الذى يرى جمهوره أن أتباع البوكا ليسوا إلا مجموعة من المخربين ، و ان ناديهم ليس إلا ملتقى لل"عواطلية!". أما فى العاصمة الاسكتلندية جلاسجو ، فالمنافسة تأخذ طابعا "مذهبيا دينيا" بين كاثوليك نادى سيلتيك و بروتستانت نادى الرينجرز، و يمكنك تخيل أن طفل مدينة جلاسجو يبدأ فى ممارسة مهامه "المقدسة" بتشجيع الفريق الذى ينتمى إليه "مذهبياً" بداية من سن الرابعة. و الامر يختلف قليلاً فى البلاد الانجلوساكسونية من القارة الاوروبية مثل إنجلترا و ألمانيا، حيث المعيار الاول لانتماءاتك الكروية هو موقعك الجغرافى، و