قبل ثاني نهائي يخوضه النادي الأهلي لدوري أبطال أفريقيا ، تمر ثلاثة أعوام على تولي البرتغالي مانويل جوزيه تدريب الفريق للمرة الثانية في الوقت الذي شهدت أفكار وخطط المدرب المثير للجدل تحولا واضحا يميل إلى التحفظ ويفتقد إلى روح المغامرة الكبيرة التي اتسمت بها فترة ولايته الأولى مع الأهلي عام 2001. وبات جوزيه حريصا على الانجازات التي حققها من خلال تدريب فريق مدجج بالنجوم ، فحقق انتصارات هائلة جعلته أحد أبرز ثلاثة مدربين قادوا الأهلي عبر تاريخه مع المجري ناندور هيديكوتي والألماني ديتريتش فايتسا ، وصارت تكتيكاته أكثر إتزانا وتفتقد للجرأة بغية الحفاظ على النجاح المذهل الذي حققه خلال موسمين ونصف. عندما حضر جوزيه إلى مصر للمرة الأولى ، كان يقود فريقا مهلهلا خرج لتوه من موسم ضعيف خسر فيه بطولة الدوري الممتاز التي احتكرها لسبعة مواسم متتالية ، وعلى الرغم من فوزه بكأس مصر في ذلك العام إلا أن مدربه الألماني السابق هانز يورجن-درنر "ديكسي" قال عنه إنه يحتاج لعشر سنوات على الأقل للعودة إلى مصاف فرق البطولات. وامتلك جوزيه في تلك الفترة مزيجا من لاعبين مغمورين في ذلك الوقت من عينة وائل جمعة وأشرف أمين وعبد الله الديب ، وآخرين شباب أمثال رضا شحاتة وأبو المجد مصطفى وأحمد أبو مسلم وحسام غالي وعادل مصطفى ، ومعهم إبراهيم سعيد وسيد عبد الحفيظ وهادي خشبة ووليد صلاح الدين وخالد علي "بيبو" وعلاء إبراهيم. وعلى الرغم من البداية المذهلة للمدرب البرتغالي مع الجماهير الحمراء بالفوز على ريال مدريد الإسباني في احتفالية حصول النادي على لقب بطل القرن في أفريقيا ، إلا أن الشهور التالية شهدت عثرات محلية شديدة لم تستطع الانتصارات الأفريقية محوها. ففي الوقت الذي فاز فيه الأهلي بلقب دوري أبطال أفريقيا بعد غياب طويل على حساب صن داونز الجنوب أفريقي ، دفع جوزيه "المراهق" ثمن مغامراته الخططية ورغبته في اكتشاف لاعبين جدد من الشباب وأصدقاء مقعد البدلاء بالنادي ، وخسر محليا أمام غزل السويس في افتتاح الدوري الممتاز ، ثم لقي هزيمة ثانية أمام الغريم التقليدي الزمالك ، بالإضافة إلى تعادلين مؤثرين مع المصري والإسماعيلي ، وخرج من كأس مصر أمام غزل السويس أيضا. لكن الفريق الأحمر بعد تلك الفترة العصيبة في بداية الموسم ، والتي ظل جوزيه يردد خلالها أنه يبني فريقا جديدا على الرغم من تعرضه لانتقادات بالغة في الصحافة ، بدأ في الاستحواذ على ثقة الجماهير مرة أخرى. وباتت مغامرات جوزيه في المباريات التي يتعثر فيها الأهلي شيئا محببا للجماهير ، لاسيما بعدما أسفرت عن اكتشاف مواهب جديدة للفريق أبرزها أحمد بلال الذي صار هدافا للأهلي في العامين التاليين.
وصار الفريق الأحمر يقدم أداء راقيا بواسطة توليفة ناجحة صنعها جوزيه من لاعبين مغمورين وشباب ، فحققوا انتصارا مدويا على الزمالك 6-1 ، ولعبوا مباراة مذهلة مع الإسماعيلي انتهت بنتيجة 4-4 في أحد أبرز اللقاءات المحلية في مصر عبر تاريخها. والعجيب أن إدارة الأهلي لم تعترف بقدرات جوزيه الهائلة بعد صناعته لفريق قوي قوامه الشباب دون أصحاب الأسماء الرنانة ، فكانت خسارة لقب الدوري كافية لرحيل المدرب البرتغالي عن مصر. وتميز جوزيه بجرأته الهجومية ، ولا ينسى عشاق الأهلي مباراة الأهلي والقناة في أبريل عام 2002 والتي ظل الفريق الأحمر متأخرا بهدف لأحمد أيوب حتى منتصف الشوط الثاني حتى أدخل جوزيه أربعة مهاجمين دفعة واحدة ، ليخطف التعادل بواسطة المدافع وائل جمعة ، ثم يحرز بلال هدف الفوز الذي جعله بعد ذلك أحد أبرز هدافي الأهلي. عاد جوزيه إلى مصر في نهاية عام 2003 بعد مظاهرات جماهيرية أهلوية طالبت بقدوم المدرب البرتغالي مرة أخرى لإنقاذ الفريق الأحمر من أحد أسوأ بداياته في الدوري عبر تاريخه. وشرعت إدارة الأهلي في التعاقد مع العديد من النجوم المحليين أمثال محمد شوقي وحسن مصطفى ومحمد أبو تريكة ، ثم محمد بركات وعماد النحاس وإسلام الشاطر من أجل إعادة لقب الدوري إلى الجزيرة مرة أخرى. وعلى الرغم من احتفاظ جوزيه بقدراته الفنية العالية التي أهلته لقيادة الأهلي إلى ألقاب وأرقام قياسية غير مسبوقة في الولاية الثانية له بالنادي ، لكنه مال إلى التحفظ في أفكاره الخططية كعادة المدربين المخضرمين ، وبات ظهور أي لاعب جديد أو بديل في التشكيلة الأهلوية خلال الظروف العادية دربا من الخيال في ظل اعتماد المدرب البرتغالي على مجموعة معروفة تحقق له الانتصارات دائما. ولعل الفوز المتتالي للفريق وأرقامه القياسية هو ما جعل جوزيه يتخلى عن جرأته في الدفع بالوجوه الجديدة ، وميله للمغامرات الهجومية في المباريات ، إذ أنه صار مجبرا على الحفاظ على المكانة التي وصل إليها تدريبيا بقيادته