(إفي): أسدل الدوري الإسباني لكرة القدم اليوم ستاره عقب موسم حافل تصدر خلاله الثلاثي برشلونة وأتلتيكو مدريد وريال مدريد البطولة في فترات مختلفة من عمر البطولة، إلا أن اللقب الثمين في النهاية ذهب لل"روخيبلانكوس" لينتهي خصاما استمر 18 عاما مع الليجا. "الطيب والشرس والمريح".. ثلاثة ألقاب تصف كل من الأرجنتيني خيراردو تاتا مارتينو ومواطنه دييجو سيميوني والإيطالي كارلو أنشيلوتي، مدربي برشلونة وأتلتيكو والريال على الترتيب. البداية ستكون مع "الشرس" دييجو سيميوني الذي نجح في قيادة الفريق نحو اللقب العاشر له في بطولة الليجا، وهو لقب لم يستمده من فراغ حيث أنه تميز بهذا الطابع القتالي المتقد منذ كان لاعبا. في كرة القدم يحتل الجانب التكتيكي والخططي أهمية كبرى في حسم نتيجة المبارايات، ولكن يوجد عنصر آخر يحمل نفس الأهمية وهو الاعداد والنفسي وصقل أو تقويم شخصية اللاعبين. نجح ال"تشولي" في حل هذه المعادلة من الناحية التكتيكية التي قدمها للفريق في كل مباراياته خلال الليجا بغض النظر عن طبيعة المنافس، سواء كان كبيرا أم صغيرا، برشلونة أم الريال، فكلاهما لم ينجح في الفوز عليه خلال هذا الموسم بفضل الثغرات التي اكتشفها في أسلوب كلا الفريقين. ولكن أهم من هذا سمات "الشراسة" التي نقلها للاعبيه في القتال على كل كرة بكل أنحاء الملعب، ومعها جاءت السمة الأهم فأي كائن شرس يتميز بال"نهم"، وهي الصفة التي جعل لاعبو أتلتيكو يكتسبوها منذ أول لقب توج ال"روخيبلانكوس" به معه في التاسع من مايو/آيار 2012 بالفوز بلقب دوري أوروبا. تلا هذا الأمر لقب السوبر الأوروبي 31 أغسطس من نفس العام ثم كأس الملك منذ عام بالتمام والكمال على حساب ريال مدريد، ليبقى نجوم ال"كولتشونيروس" في حالة جوع دائمة لاحراز المزيد من البطولات، وأحلاها ستكون "الوليمة الكبرى" السبت المقبل أمام ريال مدريد في نهائي دوري الأبطال. على العكس تماما يبدو الأرجنتيني خيراردو تاتا مارتينو الذي تولى برشلونة في يوليو/تموز 2013 قبل بداية الموسم الماضي، فقد تسلم فريقا كان عنده "تخمة" من الألقاب الدسمة التي "التهمها" في السنوات القليلة الماضية، ملامحه وتصريحاته تعكس أنه "رجل طيب" وربما تكون هذه الصفة هي التي جعلته يفشل في قيادة مجموعة اللاعبين المميزة التي يضمها النادي الكتالوني. كل المعارك التي خاضها مارتينو "الطيب" لتطبيق فكره مع الفريق باءت بالفشل، حيث أن "تاتا" لم يقدر على مواجهة الحرب الاعلامية التي شنتها ضده الصحافة الكتالونية حينما حاول "تعديل" وليس "تغيير" نظرية الاستحواذ التي يلعب بها برشلونة، بعد أن بات للجميع أنها مكشوفة.. ولكن الصحافة لم ترحم، وليست الصحافة فقط بل أيضا الادارة. "أسلوب برشلونة لا يمكن لمسه".. تكررت هذه العبارة على ألسنة عدد من المسئولين الاداريين بالنادي من الرئيس السابق ساندرو روسيل والحالي جوزيب بارتوميو والمدير الرياضي للفريق أندوني زوبيزاريتا، بمعنى آخر مارتينو لم يكن صاحب الكلمة الأولى فيما يتعلق بالأمور الفنية. هذا كما أن مارتينو لم ينجح في اقناع الادارة بضرورة التعاقد مع قلب دفاع لتدعيم صفوف الفريق خلال موسمي الانتقالات الصيفي والشتوي الذي كان خلالهما مدربا للنادي، وفرضت عليه صفقة نيمار لأسباب دعائية بصورة أكثر منها فنية في الوقت الحالي. صفقة نيمار نفسها أظهرت مدى "طيبة" مارتينو الذي حينما انتقد قيمة صفقة الويلزي جاريث بيل لاعب ريال مدريد، خرج أنشيلوتي برد قال فيه إن مارتينو "جديد على كرة القدم الأوروبية ولا يعرف كيف تسير الأمور". مرت الأيام وثبت أن "كارليتو" كان على حق، حيث ظهر أن قيمة صفقة البرازيلي تقترب بكثير من تلك التي تخص بيل الذي تشاء الصدف أن يكون سببا في تتويج الملكي بكأس الملك على حساب برشلونة مارتينو، ليخرج النادي الكتالوني اليوم وبعد التعادل مع أتلتيكو في ختام الليجا خالي اليدين، باستثناء لقب صغير احرزه مارتينو وهو كأس السوبر المحلي أمام الأتلتي. من ناحيته كان الريال في حاجة إلى "الهدوء" بعد "عاصفة" حقبة البرتغالي جوزيه مورينيو التي تلاعبت خلالها بسفينة الريال الملكية، بنزاعات مع الاعلام وبين اللاعبين وعدم تحقيق اللقب العاشر المنشود على مدار ثلاثة مواسم. أدرك فلورنتينو بيريز رئيس الملكي أنه كان في حاجة إلى مدرب "مريح"، ليس فقط للادارة بل للاعبين وللإعلام ولتحقيق أهداف الفريق، وهي المهمة التي نجح في تنفيذها أنشيلوتي جزئيا خلال موسمه الأول. حينما تعاقد فلورنتينو مع أنشيلوتي لم يكن تفكيره ينصب بصورة كبيرة على تحقيق لقب الليجا، صحيح أن الملكي ظل ينافس حتى فترة قريبة على اللقب ولولا هفوات صغيرة لكان يصبح من نصيبه، إلا أن الهدف الرئيسي كان لقب دوري الأبطال العاشر. لا مانع من التتويج بلقب كأس الملك خلال السعى لهذه المهمة أو احتلال المركز الثالث في الليجا، ولكن أنشيلوتي "مدرب الكؤوس" نجح في الوصول بريال مدريد لنهائي دوري الأبطال لأول مرة منذ 12 عاما وعلى حساب بايرن ميونخ الألماني "المرعب"، وأيضا تخطي عقدة نصف النهائي بعد ثلاثة موسم فشل خلالها مورينيو في تحقيق الأمر. نجح أنشيلوتي "المريح والمتزن" في حل الخلافات الداخلية بين أشقاء الفريق وخفض التوتر مع وسائل الاعلام وفرض رؤيته في إشراك دييجو لوبيز أساسيا في الليجا، وإيكر كاسياس في الكأس ودوري والأبطال لتسير سفينة الريال بهدوء بعد عاصفة مورينيو، ولكنه في نفس الوقت يعرف أنه لا الليجا أو كأس الملك مهمة بقدر الهدف الأساسي الذي تم التعاقد معه من أجله والذي سيلعب عليه يوم السبت المقبل.