القاهرة، (إفي): "فالكاو في موناكو"..المزحة صارت واقعا، والشائعة أصبحت حقيقة، كانت تلك القضية قد شغلت بال الشارع الكروي العالمي خلال الأسابيع الماضية، وسيظل صداها مدويا خلال الأسابيع المقبلة بعد أن باتت رسمية بالفعل، باختصار..الرأسمالية تنتصر. لم يكن يتخيل أحد أن راداميل فالكاو، المصنف كأفضل رأس حربة في العالم خلال الاعوام الاخيرة، سيتغاضى عن جميع العروض التي تنهال عليه من كبرى أندية أوروبا، من أجل الالتحاق بفريق إمارة صعد لتوه من الدرجة الثانية، وفي فرنسا. موناكو، رغم عراقة اسمه، الا أنه لم يكن على الخارطة العالمية قبل شهر واحد تقريبا، لكنه تحول فجأة الى أهم مصدر جذب لكبار اللاعبين في العالم، بفضل انتعاش خزانة مالكه الروسي دميتري ريبولوفليف. بالطبع لن يكون المال الدافع الأساسي لتغيير وجهة فالكاو من أتلتيكو مدريد الإسباني الى موناكو، لكنه وسيلة في مشروع طموح يسير على درب باريس سان جيرمان، الذي اعتلى القمة في فرنسا وناطح كبار القارة العجوز بفضل إدارته القطرية الثرية. تخلى فالكاو عن حلم اللعب في دوري أبطال أوروبا، أو بمعنى أصح أجله لموسم واحد على الأقل، وفضل خوض مغامرة مع نادي الإمارة الغنية لم تكن في الحسبان، في وقت كان اسمه يتداول فيه بين ريال مدريد الإسباني وتشيلسي الإنجليزي. ورغم أن الصفقة لم يتم الكشف عن قيمتها المادية، الا أنه من المرجح أن يضع "النمر" الكولومبي اسمه بين المراكز الثلاثة الأولى في قائمة اللاعبين الأغلى سعرا أو الذين يتقاضون أعلى أجر في الكوكب الكروي. تشهد مسيرة فالكاو، ابن ال27 عاما، على سجل نجاحات وانجازات شخصية وجماعية، جعلته مع مرور الزمن الأفضل بين أصحاب القميص "9" في عالم الساحرة المستديرة. تاريخ العاشر من فبراير 1986 كان شاهدا على ميلاد الطفل راداميل فالكاو جارسيا زاراتي، الذي منحه والده لقب أسطورة كرة القدم البرازيلي فالكاو، وورث عنه الموهبة والولع باللعبة الشعبية الأولى. استهل مشواره مع فريق لانسيروس في الدرجة الثانية، وكان أصغر لاعب يشارك في بطولة رسمية في كولومبيا عام 1999 حيث تخطى سن ال13 بقليل. التفت لموهبته عملاق الأرجنتين ريفر بليت وضمه الى قطاع الناشئين في 2001 مقابل نصف مليون دولار، وصعد الى الفريق الأول في 2005 وفاز معه بدوري 2008 ، ليشد الرحال بعدها بعام الى أوروبا، بعد أن سجل 45 في 105 مباراة. بورتو البرتغالي أصقل موهبة راداميل، الذي كان لديه الدافع والطموح للتطور، فتركه بعد ثلاثة مواسم في قمة مجده، بعد أن فاز بالدوري المحلي والكأس مرتين، والسوبر، والانجاز الأكبر بالتتويج بالدوري الأوروبي. سجل فالكاو مع "التنانين" 72 هدفا في 87 مباراة، وصار حديث الأوساط الرياضية بسبب غزارته التهديفية المستمرة. واختار فالكاو الانتقال لأتلتيكو مدريد في 2011 ، وسرعان ما تحول الى معشوق جماهير الروخي بلانكوس في زمن قياسي، إذ توج بالدوري الأوروبي للمرة الثانية على التوالي، ونصب نفسه هدافا لكلا البطولتين، كما قاد الفريق للفوز بالسوبر القارية على حساب تشيلسي الإنجليزي. فالكاو كان دوما رجل المعارك الكبرى، ففي نهائي كأس الدوري الأوروبي 2011 كان صاحب هدف الفوز على سبورتنج براغا البرتغالي، وفي نهائي النسخة التالية كان صاحب هدفين من ثلاثية فاز بها أتلتيكو على مواطنه أثلتيك بلباو، وفي السوبر سحق تشيلسي بهاتريك من أصل رباعية حصد بها فريقه الكأس. في زمن ميسي ورونالدو كان فالكاو حاضرا بقوة، وزاحمهم على لقب البيتشيتشي في الليجا قدر المستطاع، ومنح أتلتيكو كهدية وداع لقب كأس الملك على حساب ريال مدريد والتأهل الى دوري أبطال أوروبا بعد طول غياب. ترك فالكاو بصمة خالدة مع أتلتيكو خلال موسمين فقط، فسجل معه 70 هدفا في 91 مباراة، وأنسى جماهيره سريعا أحزان رحيل الأرجنتيني سرخيو أجويرو لينتزع مكانته في القلوب. ويبقى التساؤل المطروح الآن، هل يصنع فالكاو حقا المجد مع موناكو؟ مبدأيا سيكون مطالبا بلقب الدوري الفرنسي ومناطحة باريس سان جيرمان بإدارته القطرية، وقيادة الفريق الأبيض والأحمر للعودة للتشامبيونز ليج، ومن ثم المنافسة عليها. وسيخوض فالكاو تحديا من نوع خاص بالمنافسة على لقب هداف الدوري الفرنسي في ظل وجود النجم السويدي زلاتان إبراهيموفيتش، ليدشن صراعا ثنائيا من نوعية "ميسي-رونالدو". فالكاو يعي جيدا أنه لا مجال للاسترخاء في شواطئ موناكو، فهو لاعب محترف، ويدرك أن حفاظه على تألقه مهم للغاية، خاصة في وقت تحلم فيه كولومبيا بالاشتراك في مونديال البرازيل 2014 وتحقيق نتائج إيجابية في بلاد السامبا..فالكاو وحده بإمكانه اثبات أن نجوميته لن تنطفئ بسحر المال، كما حدث مع "الأسد" الكاميروني صامويل إيتو.